أكدت معالي حصة بنت عيسى بوحميد وزيرة تنمية المجتمع أن دولة الإمارات العربية المتحدة حريصة منذ قيامها، وبفضل الرؤية المستقبلية للوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، على أن تكون جزءاً من الحراك العالمي لدعم وتمكين أصحاب الهمم، وتعزيز دمجهم الشامل في الحياة التعليمية والاقتصادية والاجتماعية بشكل طبيعي، وترسيخ دورهم الحيوي في بناء وتنمية مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة.
حيث انضمت الدولة وصادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وبفضل القيادة الرشيدة انعكس هذا الانضمام بشكل واضح في كل القوانين والقرارات الوزارية والسياسات الوطنية، والتي تضمن مجموعة كبيرة من الحقوق لأصحاب الهمم، وتحدد التزامات وزارات ومؤسسات وهيئات الدولة وقطاعاتها الحكومية والخاصة ومؤسسات النفع العام، تجاه هذه الفئة المهمة من نسيج المجتمع.
وقالت معاليها لدى استعراضها عرضاً تقديمياً ضمن فعاليات الاحتفالية العالمية بمرور خمسين عاماً على انطلاقة الأولمبياد الخاص (1968-2018) في مدينة شيكاغو الأمريكية: “سيراً على نهج قيادتنا الرشيدة التي أولت الاهتمام بكل شرائح المجتمع، أطلقت حكومة دولة الامارات العربية المتحدة، السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم في الدولة، والتي تقوم على ستة محاور أساسية هي: الصحة وإعادة التأهيل، التعليم، التأهيل المهني والتشغيل، إمكانية الوصول، الحماية الاجتماعية والتمكين الأسري، إضافة إلى الحياة العامة والثقافة والرياضة، وترمي هذه السياسة إلى إيجاد مجتمع دامج، خال من الحواجز، يضمن التمكين والحياة الكريمة للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، من خلال رسم السياسات وابتكار الخدمات التي تحقق لهم التمتع بجودة حياة ذات مستوى عالٍ، والوصول إلى الدمج المجتمعي، وبناءً على هذه السياسة ورسالتها الإيجابية للمجتمع، تم تغيير مسمى الأشخاص ذوي الإعاقة في دولة الامارات العربية المتحدة ليكون (أصحاب الهمم) باعتبارهم أشخاص لديهم الدافعية والعزم والإرادة على المشاركة المجتمعية الفاعلة، والبناء وتحقيق أفضل الإنجازات، ومواجهة تحدّيات الحياة بروحٍ إيجابية.
عرض التجربة الإماراتية
وعرضت معاليها أمام المشاركين في الاحتفالية العالمية التي تستمر حتى 22 يوليو الجاري بمشاركة العديد من دول العالم ملخصاً للتجربة الإماراتية المتميزة في تمكين أصحاب الهمم، تنفيذاً وتماشياً مع السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم، إذ عملت وزارة تنمية المجتمع على التنسيق مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة، التي تقدم خدماتها المتنوعة لأصحاب الهمم، من أجل تعيين الأشخاص المسؤولين عن هذه الخدمات في كل جهة خدمية لتوكيلهم بالمهام المطلوبة منهم، لما فيه تسهيل إجراءات أصحاب الهمم، على أن يكلف مسؤولي الخدمات في هذه الجهات بمهام تضمن تطبيق أفضل معايير الجودة العالمية لخدمة أصحاب الهمم في الجهة المعنية، من حيث سهولة الوصول إلى المرافق والخدمات والمعلومات وغيرها، بالإضافة إلى حصر وتحديد الاحتياجات اللازمة لأصحاب الهمم من قبل الجهة المعنية، واتخاذ الاجراءات اللازمة من أجل توفيرها بناء على إمكانات الجهة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
وذكرت معاليها أن وزارة تنمية المجتمع تعمل بالتعاون مع الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية ذات العلاقة على تطوير تصنيف وطني موحد للإعاقة في دولة الامارات، وذلك نظراً للحاجة إلى تصنيف موحد للإعاقات على مستوى الدولة يشمل جميع الإعاقات، ويكون بمثابة مرجع وطني تستخدمه جميع الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات النفع العام، حسب خدماتها المقدمة لذوي الإعاقة، وتعتبر الغاية من هذا التصنيف هي توفير خدمات واحتياجات الأشخاص ذي الإعاقة وتسهيل حصولهم عليها، وليس لمجرد التصنيف بحد ذاته، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الفردية لكل حالة بصرف النظر عن نوع الإعاقة، ومن المتوقع أن يساعد التصنيف في رفع مستوى التنسيق والتعاون بين الجهات المعنية لتوحيد أدوات الكشف عن الأشخاص ذوي الإعاقة وتحديد احتياجاتهم، علماً أن التصنيف الموحد يتسم بالمرونة والانفتاح على أفضل الممارسات العالمية في مجال الإعاقة، لاستيعاب فئات الإعاقة الواردة حقوقهم في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتطرقت معاليها في سياق عرضها للتجربة الإماراتية المتميزة في تمكين أصحاب الهمم إلى تأسيس المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم الذي شكلته وزارة تنمية المجتمع، ويضم في عضويته ستة أعضاء من ذوي الإعاقة من مجمل 15 عضواً، ويمثل أعضاء المجلس بالإضافة إلى جمعيات ومؤسسات وأولياء أمور أصحاب الهمم، ممثلين من جهات حكومية إتحادية ومحلية معنية بأصحاب الهمم، معتبرةً معاليها “المجلس الاستشاري” خطوة فعالة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة الشاملة لجميع أفراد المجتمع، وضمان إشراك كل فرد في التنمية بوصفه مجلساً داعماً ومسانداً لتقديم المشورة والمساهمة بشكل مباشر لتحقيق مستهدفات السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم.
كما استعرضت معاليها المنصة الإلكترونية لتوظيف أصحاب الهمم التي أطلقتها وزارة تنمية المجتمع بهدف تحفيز هذه الفئة على التسجيل عبر المنصة لإبراز قدراتهم ومهاراتهم المهنية والعملية، بالإضافة إلى تشجيع المؤسسات الاتحادية والمحلية والخاصة بعرض الفرص الوظيفية المتوفرة لديهم، مؤكدة أن هذه المنصة تساهم في حصر عدد أصحاب الهمم الراغبين في العمل، والجهات الراغبة بتوظيفهم، بالإضافة إلى المهن والوظائف الشاغرة التي تتناسب مع قدراتهم وميولهم، وتقديم الدعم لأصحاب الهمم والمؤسسات في المرحلة الأولية من العمل، و تهيئة بيئات العمل المناسبة لهم والتي تساعد في تكيّفهم واستقرارهم المهني معززين بذلك مفهوم الدمج الشامل لهذه الفئة، لضمان حياة كريمة لهم وتحقيقاً للمساواة وتكافؤ الفرص في دولة تؤمن بأحقية الجميع في العيش الكريم، وبإمكان أصحاب العمل وأصحاب الهمم الاطلاع على الأدلة التعريفية التي توفرها المنصة، والموجه بعضها إلى أصحاب الهمم لمساعدتهم على البحث عن فرص عمل وكيفية اجتياز المقابلات الوظيفية بنجاح، وتسهيل عملية التكيّف مع الزملاء وبيئات العمل بشكل عام، علماً بأن بعض هذه الأدلة موجهة أيضاً لأصحاب العمل والقائمين على التوظيف، من حيث توفير معلومات عن كيفية مقابلة أصحاب الهمم والتعامل معهم في أماكن العمل، وستجد الجهات المعنية بالتوظيف، الاجابة الوافية عن استفساراتهم حول التعديلات الواجب إجراؤها على بيئات العمل، مع أمثلة توضيحية لمختلف أنواع الإعاقات وخاصة الذهنية.
وعددت معاليها أثناء عرضها التقديمي بحضور رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للأولمبياد الخاص وممثلين من 50 ولاية أمريكية وكندا معايير جودة خدمات أصحاب الهمم في المؤسسات الحكومية والخاصة المعروفة باسم “دليل امتياز” والذي يشمل مجموعة من المعايير اللازم توفرها في الجهات الخدمية لكي تقدم خدماتها على درجة من الكفاءة العالية لفئة أصحاب الهمم بشكل يتناسب مع احتياجاتهم وطرق تواصلهم والتعامل معهم، لضمان السرعة والدقة في تقديم الخدمات أسوة بالآخرين، ويحتوي الدليل على معايير المباني والمنشآت والمنتجات، وكيفية الوصول السريع للمعلومات، ومواصفات البيئة المادية والمعلوماتية المناسبة لأصحاب الهمم.
واختتمت معالي حصة بنت عيسى بوحميد عرضها للتجربة الإماراتية المتميزة في تمكين أصحاب الهمم بالتطرق إلى المعجم الإشاري الإماراتي للصم الذي تم اعتماده مؤخراً بهدف توحيد لغة الإشارة الرسمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، سعياً وراء تعزيز الهوية اللغوية لفئة الصم، ورفع قيمة ولائهم واعتزازهم بوطنهم وهويتهم ولغتهم الخاصة بهم والمشتقة من لغة الدولة، مؤكدة أن هذا المعجم يعزز الخطط التنفيذية لاستراتيجية الحكومة الاتحادية ورؤية الإمارات 2021، كما ينسجم مع طموحات وأهداف الأجندة الوطنية في الحفاظ على مجتمع متلاحم مترابط، من خلال توفير بيئة شاملة تدمج في نسيجها مختلف فئات المجتمع بما يعزز من تلاحمها الإنساني وتماسكها الأسري، إضافة إلى توحيد المصطلحات والمسميات الإماراتية المحلية بلغة الإشارة، والمتداولة بين أصحاب الهمم من ذوي الإعاقة السمعية في مجتمع دولة الإمارات.
وتحت عنوان “نأتي معاً من أجل أبوظبي”، تطرقت معالي حصة بوحميد إلى تحضيرات دولة الإمارات لاستضافة الدورة العالمية المقبلة للأولمبياد الخاص عام 2019، بعد النجاح الباهر الذي حققته دورة الألعاب الإقليمية للأولمبياد الخاص في نسختها التاسعة، والتي أقيمت خلال الفترة من 14 لغاية 22 مارس الماضي، بمشاركة 1000 لاعب ولاعبة من 32 دولة، وبحضور جماهيري بلغ نحو 12 ألف، نصفهم تقريباً من الشباب والطلبة من مختلف الثقافات ، وقالت معاليها: “في دولة الامارات العربية المتحدة، دولة التسامح والسعادة، تجري حالياً الاستعدادات الحثيثة على قدم وساق لاستضافة الألعاب العالمية للألمبياد الخاص العام القادم، كأول مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنظم هذا الحدث العالمي المهم، بمشاركة 7 آلاف لاعب ولاعبة”، مشيرة إلى أن الحدث المرتقب سيتضمن أنشطة ثقافية واجتماعية وترفيهية في جميع إمارات الدولة”.
ولدى زيارة معاليها إلى شيكاغو، قدمت الدعم المعنوي لفريق الإرادة الإماراتي الذي يشارك في بطولة كأس العالم الموحد لكرة القدم التي تستضيفها مدينة شيكاغو الأميركية خلال الفترة من 17 إلى 21 يوليو الجاري، معتبرة أن هذه المشاركة في حد ذاتها تعد إنجازاً حقيقياً معبراً عن امتلاك أعضاء الفريق إرادة التغلب على التحديات والمعوقات وتحويلها إلى فرص للإنجاز والتفوق، وكانت معاليها قد زارت الفريق قبل سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في البطولة، كما حضرت جانباً من تدريباته بهدف تحفيزهم وتشجيعهم.
وعقدت معالي حصة بنت عيسى بوحميد عدداً من الاجتماعات الجانبية على هامش مشاركتها في الاحتفالية العالمية بمرور خمسين عاماً على انطلاقة الأولمبياد الخاص، إذ التقت كارين تاملي مفوض مكتب العمدة للأشخاص ذوي الإعاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وجرت مناقشة حول السياسات المتبعة والخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة في مدينة شيكاغو.
كما التقت معالي حصة بنت عيسى بوحميدبالقاضية آن بورك، عضو المحكمة العليا في ولاية إيلينوي الأمريكية وهي من مؤسسي الأولمبياد الخاص ، والتي عملت قبل خمسين عامًا على التحضير لمجموعة من مسابقات ألعاب القوى على غرار الألعاب الأولمبية وطرحت الفكرة على يونيس شرايفر عام 1968.و تحدثتا عن تاريخ الألعاب الأولمبية الخاصة والأرث الحقيقي الذي تتركه هذه الالعاب لدى عائلات اللاعبين والمجتمع
وزارت معاليها منطقة “سولدجر فيلد” التي انطلقت منها الأولمبياد الخاص قبل 50 عاماً، وقد شهد هذا المعلم المهم مهرجاناً ضخماً بمناسبة اليوبيل الذهبي، بهدف حث الناس في جميع أنحاء العالم على الالتزام بجعل مدنهم أكثر دمجاً وتمكيناً لأصحاب الهمم، وتضمن المهرجان أنشطة رياضية وألعاباً تفاعلية ومعارض وعروض طعام لذيذة ومسابقات ترفيهة.
كما زارت معاليها “إسبير شيكاغو” التي تعد مؤسسة رائدة في تقديم خدمات متنوعة للأطفال والكبار ذوي الإعاقات النمائية وعائلاتهم، وقد تأسست عام 1960 وهي معروفة بكونها واحدة من المؤسسات غير الربحية الأكثر إبداعاً في مجال الأعمال الإنسانية في الغرب الأوسط الأمريكي، وتعرفت معاليها خلال الزيارة على الخدمات المتنوعة والهامة التي توفرها المبادرة لأصحاب الهمم، والنجاحات التي يحققها المركز في توفير فرص العمل لأصحاب الهمم من يتلقون خدمات شيكاغو أسباير.