يدشن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” غدا فى دبي أعمال المنتدى الاستراتيجي العربي في دورته العاشرة .
ويشارك فى أعمال المنتدى الذي يعتبر المنصة الرئيسية الأبرز في المنطقة لاستشراف الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية التي ستمر بها المنطقة والعالم في 2018 كل من الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند، ووزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت جيتس، بالإضافة إلى جوزف ستيجليتز، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، ونخبة من المفكرين والخبراء السياسيين و الاقتصاديين اضافة الى حضور مجموعة من صناع القرار والمسؤولين من داخل الدولة وخارجها.
هذا وقد شهدت الدورات السابقة من المنتدى مجموعة من المحطات المفصلية التي تنبأ فيها المتحدثون بتغييرات جذرية ستشهدها المنطقة كان أبرزها الكلمة التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في 2006 عبر منصة المنتدى إلى الزعماء العرب والتي حذرهم فيها من تغييرات كبرى ستحدث إذا لم تتغير طريقة الإدارة في الحكومات بقوله “غيروا أو ستغيروا” حيث لم تمض على هذه الكلمة خمس سنوات حين شهدت المنطقة موجة ضخمة من التغييرات السياسية والأزمات الشعبية التي شكلت ما يسمى الربيع العربي والتي ما زالت تعصف بها والتي كلفت المنطقة أكثر من 800 مليار دولار حسب تقديرات المنتدى حتى الآن.
كما حذر المنتدى من انهيار أسعار النفط قبل حدوث ذلك، ومن تفاقم مشاكل الإرهاب واتساع رقعته خارج حدود المنطقة ليكون ظاهرة عالمية.
وقال معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس المنتدى الاستراتيجي العربي: ” نحن نمر بعالم سريع التغيرات، وفي دولة الإمارات نؤمن بأن استشراف المستقبل أداة ضرورية للاستعداد للمستقبل بكل تغيراته، وهذا ما يدفعنا إلى ابتكار منصات تساعد المنطقة والعالم لذلك، ويبرز المنتدى الاستراتيجي العربي كمنصة مهمة وأداة دقيقة تستضيف أبرز مفكري السياسة والاقتصاد حول العالم لرسم خارطة استشرافية تساعد صناع القرار على مواجهة التحديات واستغلال الفرص القادمة”.
وأضاف معاليه ” المنتدى هذا العام ينطلق وسط أحداث سياسية واقتصادية بالغة التأثير عالميًا وإقليميًا، وتتطلب منا هذه الأحداث وضع رؤى واضحة ترسم معالم العام القادم، وما ينعكس على شعوب المنطقة من تأثيرات إيجابية يمكن الاستفادة منها، أو سلبية يمكن تجنبها بوضع استراتيجيات واضحة تحد من تأثيرها”.
وفي تصريح له حول مشاركته في الدورة العاشرة من المنتدى قال الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند: ” نحن بحاجة إلى منتدى مثل هذا لبناء تصور مشترك حول ما يجري اليوم وما يمكن أن تؤول إليه الأمور غداً لمساعدة صناع القرار على تبني سياسات وقائية. علينا أن ندرك جيداً أهمية اجتماع العالم على رؤى مشتركة وتعاون وثيق، من أجل أن يكون مستقبلنا أفضل”.
كما يتحدث في المنتدى روبرت مايكل جيتس، وزير الدفاع الأميركي السابق، والذي عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لمدة 26 عاما ثم ترأسها بعد ذلك.
وفي تصريح حول أهمية المنتدى الاستراتيجي العربي ومشاركته في نقاشات الدورة العاشرة، قال جيتس: “يواجه عالمنا العديد من القضايا التي تطال المشهد السياسي والعلاقات الدولية والاقتصاد العالمي. وقد رأينا في الماضي كيف ساهمت هذه القضايا المتراكمة في تشكيل الأزمات الإقليمية والدولية وتغذيتها. لذا يلعب المنتدى الاستراتيجي العربي دوراً هاماً في الجمع بين المفكرين والمؤثرين في العلاقات الدولية والاقتصاد لتحديد الاتجاهات العالمية والتطورات الجديدة ووضع تصور لحالة العالم في 2018”.
أما آيان بريمر الذي سيتحدث عن أبرز الأحداث العالمية المتوقعة في العام 2018 فهو مختص في السياسة الخارجية الأميركية، ورئيس ومؤسس الجمعية الأوروبية الآسيوية فقال ان “المنتدى الاستراتيجي العربي فرصة لتعزيز مبدأ التعاون وبناء الشراكات بين المؤسسات المختصة بعلوم استشراف المستقبل وصياغة السياسات الاستراتيجية من ناحية وبين الحكومات وصناع القرار من ناحية ثانية، فما يجري من أحداث يؤثر على مصالح الجميع بدون استثناء، من هنا تأتي شراكتنا في مجموعة يوروآسيا مع المنتدى الاستراتيجي العربي لنقدم نموذجاً عن هذه الشراكات على أمل أن تتوسع وتصبح أكثر فاعلية”.
وستستضيف الدورة العاشرة من المنتدى الاستراتيجي العربي، جوزف ستيجليتز، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 2001 والخبير الاقتصادي الأميركي والأستاذ في جامعة كولومبيا. والذي قال عن مشاركته القادمة في المنتدى الاستراتيجي العربي: ” تبرز أهمية استشراف المستقبل عند الحديث عن التغيرات الاقتصادية لما تتسم به من تسارع وتحولات قد لا تكون متوقعة. التحولات الاقتصادية في العقدين السابقين غيرت شكل الخارطة الاقتصادية، ووضعت العالم أمام تحديات مصيرية كبرى في مقدمتها استدامة التنمية وعدالتها، نرى في المنتدى الاستراتيجي العربي أحد أدوات استشراف مستقبل الاقتصاد العالمي وتحديد توجهاته”.
ويشارك في نقاشات الدورة القادمة من المنتدى الاستراتيجي العربي، فواز جرجس، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط وأستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط من جامعة أكسفورد البريطانية حيث قال “قد تتسم رؤية مستقبل المنطقة في ظل التغيرات الهامة التي تشهدها الساحة السياسية والاقتصادية بعدم الوضوح، وهنا يتنامى دور المفكرين والأكاديميين في دراسة معطيات الواقع وبحثها بشكل جدي ثم الخروج بأجندات وسيناريوهات للمستقبل في مختلف المجالات. فكل ما تمر به منطقة الشرق الأوسط، التي لطالما كانت مركزاً للاهتمام الدولي لموقعها الاستراتيجي والهام، سيكون له تبعات مباشرة أو غير مباشرة على أجزاء أخرى من العالم”.
وفي تعليقه على خصوصية الدورة القادمة من المنتدى الاستراتيجي العربي وعن مشاركته فيها، قال الكاتب والإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد “شهدت المنطقة العربية خلال السنوات القليلة الماضية أحداثاً جسيمة أثرت على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية وزعزعت أسس العلاقات الاجتماعية، هذه الأحداث تحتاج إلى مراجعة وقراءة معمقة ورصد اتجاهاتها ووضع تصورات واضحة للسيناريوهات المحتملة”.
من جهة اخرى اختتمت اليوم فعاليات برنامج “الاستشراف الجيوسياسي والاقتصادي” بدورته الثانية، والذي نظمه المنتدى على مدى يومين بالتعاون مع مجموعة يوروآسيا – بهدف تقديم رؤية تحليلية أوضح حول أبرز الأحداث محلياً وعالمياً للقادة والمسؤولين في المؤسسات، والتي سوف تساهم في بناء استشرافهم للمستقبل القريب لتلك الأحداث.
وشارك فى البرنامج أكثر من 45 مشاركاً تم تدريبهم على مهارات الاستشراف من أجل تعزيز قدراتهم على اتخاذ القرارات المناسبة وفق التغيرات المستقبلية.
كما اختتم المنتدى الاستراتيجي العربي تحدي المستشرفين العرب الذي استمر لمدة 7 أشهر، وشارك فيه أكثر من 3 آلاف من المستشرفين في مجال السياسة والاقتصاد من مختلف الدول العربية .
وقام معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس المنتدى الاستراتيجي العربي بتسليم شهادات المشاركين في البرنامج التنفيذي للاستشراف الجيوسياسي والاقتصادي بالإضافة إلى تكريم الفائزين الأوائل في تحدي المستشرفين العرب، وحصل الفائز الأول وهو أحمد الجنتيرى من مصر على جائزة قيمتها 100 ألف دولار.
يذكر ان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” كان وجه في عام 2001 بإطلاق منتدى دبي الاستراتيجي، والذي تحول فيما بعد إلى المنتدى الاستراتيجي العربي بهدف جمع المفكرين والخبراء السياسيين والاقتصاديين وصناع القرار في منصة واحدة. وتعمل هذه المنصة على الاستفادة من منهجين علميين في غاية الأهمية وهما المنهج الاستراتيجي للاستشراف والمنهج الاستراتيجي للتخطيط للمستقبل، بالإضافة إلى الاستفادة من الدلالات التاريخية وتحليل الأوضاع الراهنة بهدف استشراف الأحداث المستقبلية على المستويين السياسي والاقتصادي.
ففي عام 2001 انطلقت الدورة الأولى من منتدى دبي الاستراتيجي ليركز على القضايا المحلية حيث كشف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن رؤية دبي الاستراتيجية خلال السنوات العشر التالية مشدداً على أن التطورات والمتغيرات في الساحة الدولية تتلاحق بسرعة مذهلة وتفرض على البشرية بأسرها مفاهيم جديدة في السياسة والاقتصاد والتجارة والثقافة والاجتماع وفي نمط العيش، مما يدفع دبي إلى دعوة خبراء متخصصين وأساتذة جامعات مشهود لهم دوليا لمحاورتهم في تفاصيل المشهد العالمي ومتغيراته الأساسية سواء في الاقتصاد الجديد أو في السياسة والاجتماع والعلاقات الدولية.
وفي عام 2002، حملت الدورة الثانية من المنتدى بعداً إقليمياً حيث قدمت صورة شاملة للتحديات التي تواجه المنطقة، وسلطت الضوء على المتغيرات العالمية والتطورات الراهنة والمستقبلية في مجالات المستقبل الاقتصادي والسياسي. ونجح المنتدى في رسم سيناريوهات مستقبلية ساعدت صناع القرار في المنطقة على اتخاذ القرارات المناسبة وفق المتغيرات العالمية.
وفي عام 2004 تعززت المكانة التي حققها المنتدى كمنصة إقليمية عالمية لبحث القضايا الحيوية التي تهم المنطقة، وتم تغيير مسماه إلى “المنتدى الاستراتيجي العربي” ليصبح الحدث الأبرز في استشراف حالة العالم سياسياً واقتصادياً.
وحملت الدورة الثالثة من المنتدى شعار “العالم العربي 2021” وشارك فيها نخبة من المسؤولين والسياسيين مثل الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ورئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، ورئيس الوزراء الليبي السابق شكري غانم، ورئيس الوزراء الماليزي السابق عبدالله بدوي إلى جانب عدد كبير من الوزراء وكبار المسؤولين العرب والاجانب. وتناول المنتدى مختلف السيناريوهات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والمخاطر والفرص المرتبطة بكل منها.
أما في عام 2006، فحملت الدورة الرابعة من المنتدى الاستراتيجي العربي شعار “المتغيرات العالمية وفرص النجاح” وشارك فيها نخبة من الزعماء والقيادات السياسية من بينهم: الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئيسة دورة 2006 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والأخضر الإبراهيمي المستشار الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة، والجنرال ويسلي كلارك الرئيس السابق لحلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من 30 شخصية من رواد قطاع الأعمال في العالم.
وركزت مخرجات الدورة الرابعة من المنتدى الاستراتيجي العربي على أهمية تنويع البنية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الإصلاحات السياسية، ودعم عمليات التغيير لاستخلاص فرص نمو جديدة في العالم العربي. كما دعا المشاركون إلى تطوير التعليم والخدمات الأساسية وصياغة استراتيجيات كفيلة بتنمية الكوادر البشرية.
وبعد تفجر الأزمة المالية العالمية ناقش المنتدى الاستراتيجي العربي في دورته الخامسة في عام 2009، أهمية المعرفة لبناء اقتصاد حيوي ومجتمعات مستقرة، وهو ما أثبتته تجربة السنوات اللاحقة، حيث تعمقت القناعة لدى الساسة وصناع القرار العرب بضرورة تحديث نظم التعليم وتوفير مصادر للمعرفة من أجل بناء اقتصاد قوي وحيوي وتأسيس مجتمعات فاعلة ومنتجة فيما جاءت الدورة السادسة من المنتدى الاستراتيجي العربي في عام 2013 لتبحث قضية شبكات التواصل الاجتماعي خاصة بعد الدور الذي لعبته في أحداث ما يسمى بالربيع العربي.
ولما كان شباب منطقة الشرق الأوسط وشمال هم الأكثر استخداماً لشبكات التواصل، كان من الضروري أن يتبنى المنتدى هذه القضية لوضع مبادئ توجيهية تساعد الشباب العربي على الاستفادة من شبكات التواصل كمصدر للمعرفة ووسيلة لتعزيز الوعي بالقضايا الاقتصادية والسياسية المشتركة.
واستجابةً لتنامي حدة الصراعات الإقليمية وما أسسته من استقطاب في المشهد السياسي العالمي، وتنامي خطر الإرهاب والجماعات المسلحة، شهدت الدورة السابعة في عام 2014 التركيز على استشراف المستقبل الجيوسياسي للمنطقة ومدى تأثره بالمتغيرات العالمية، وبدأ المنتدى في تقديم استشرافات على المدى القصير بشكل سنوي، ومنها استشراف مستقبل الاقتصاد العربي في ظل تراجع أسعار النفط، ومحاولة وضع خريطة لأهم القوى المؤثرة فيه وأهم الاتجاهات الاقتصادية والسياسية التي ستنشأ خلال الأعوام اللاحقة.
أما الدورة الثامنة في عام 2015 فتناولت التطورات الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم، وركزت بشكل أساسي على المخاطر المحتملة التي تنذر بها حالة اللا يقين السياسي والاقتصادي التي تسود معظم الأقاليم العربية، وأصدر المنتدى تقريراً موسعاً عن خسائر العالم العربي جراء الصراعات الداخلية التي بلغت نحو 833.7 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى 1.34 مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح بسبب الحروب والعمليات الإرهابية إلى جانب التفكك الاجتماعي والانقسام الطائفي وتراجع جهود التنمية.
وفي عام 2016 التامت الدورة التاسعة حول خطر الجماعات الإرهابية حيث كان واضحاً مدى التخصص والاحترافية التي اكتسبها المنتدى عبر مراكمة خبرات السنوات الماضية، فقد شهدت جلسات المنتدى حضور أبرز المؤسسات الاقتصادية العالمية، ونقاشات متخصصة صدر عنها تقارير شاملة تحت إشراف مجموعة من الخبراء المحليين والعالميين، بالإضافة إلى جملة من المبادرات التي صدرت عن المنتدى لتحويل الاستشراف السياسي والاقتصادي إلى وظيفة علمية حيوية وتشكيل كادر بشري متخصص في علوم المستقبل.