|  آخر تحديث ديسمبر 11, 2017 , 9:26 ص

“ثمَّ الله أكبر حتّى ينجلي البلاء”


“ثمَّ الله أكبر حتّى ينجلي البلاء”



ثمَّ الله أكبر حتّى ينجلي البلاء ..

ثِقْ بأنّ المزيد الذي ترجوا لهُ وصولاً لن يأتيكَ من أحدٍ من عباد الله، وإنما سيأتيك على حينِ غفلةٍ في لحظة فرج من الله وحدَه، الصوت الوحيد الذي يحتاج قلبكَ سماعهُ الآن هوَ مناجاةُ روحك لله، واستسقائكَ الرحمة منه سُبحانه، وسؤالهُ اللطف والمغفرَة، النبضات التي تطرق باب قلبك ومسمعكَ متثاقِلةً على غير عادتها، وكأنّها حُمِّلت أثقال الدُنيا فما هي بحاجةٍ إليه الآن إلا دفعة حُبٍّ وقوّة من الله، تُنسيها الدنيا برمتها، وتحييها حُباً بالله ولله.

تلهجُ بكل ما أوتيتَ من قوِّةً فتقول يا الله، تُنادي، تبكي، تصرخ روحك وجوارحك وتناجيه وحده سبحانه مُستنجية قائلةً يا الله. يا الله إذا ما انقطعت السُبل، يا الله إذا خاب الرجاء من عبادك وضلّتني بهم الفِتن، يا الله حين لا أحد يسمعك إلا الله، يا الله حين لا حول ولا قوة إلا بالله.

تسجدُ باكياً وتستغيث بالله، تنزف دموعك الألم وتُتمتم بين نفسك والله يسمعك ويراك، وتقول: أمّا عن حالِ قلبي يا الله وأنتَ بهِ أعلم؛ حيثُ خلقتني وإياهُ من العدَم، وسويّتَهُ وحالي بحكمتك متقلباً، مُتلعثماً ومُتصبِّراً، فقد وجهتهُ مع الشكرِ والإمتنانِ إلى محرابِك مُخلِصاً، وطوّعتهُ من أجلك حتّى أنالَ باطاعتهِ لكَ مرضاتك!!

أسمعهُ ينبضُ بلا توقّف، وأراهُ يتنفسُّ أحياناً مُحمِّلاً رئتاي من الأوكسجين ما يفيض عن مقدارهِما جاعِلاً الزفيرَ الخارج منهما أعظَمْ، كاتِماً الشهيقَ في جوفه من جديد أطول مدَّة ممكنه وكأنَّ الأوكسجين إذا ما أطلقهُ فلنْ يعاود الدخول إلى حُجراتِه ليُحييهما مرَّة ثانية، أستشعرهُ أحياناً متباطئاً في نبْضه؛ عند إنقطاع الأمل وهيمنة بؤس الدنيا عليه بلا شفقَه، أشعرُ وكأن نبضاته المتباطئه تقطُر من سيروم الزمن متناقصةً بحدَّةٍ وحذر وكأنّ الحياة ستخرجُ عن سبيلها في داخله عندَ إنتهائِها وفراغ ذلك السيروم من الحياة مُحولاً كلَّ ما فيه إلى فضاءٍ واسِع بلا حياة، بلا أوكسجين، بلا أيِّ نبضٍ أو أدنى حركة، وكأنّ الدنيا لن تنتظرَ لحظةً واحدة وستصفُر مُعلنةً لحظة إستقامةِ كل نبضَة فيه أن لا حياة بعد الآن أبدا.
ثمَّ لا يلبث أن يصدرَ منه صوت الصمتِ الأخير إلى الأبد مُخبِراً بأنّ ذلك الوداع المنتظر له منذ زمنٍ بعيدٍ قد حان أوانه، متفاجئاً بذلك القلبِ إلا وبه ينتفضُ من جديدٍ وكأنه سيخرجُ من مكانِه، بكل قوّة!! وكأنَّ الحياة التي كانت على وشك أن تنتهي في جوفهِ منذ لحظات معدودة قد لاحقتهُ بأقصى سرعتها مُجبرَة إياه على العودَة، الإستفاقة والنبض للحياة من جديد، غيرَ متفاجىءٍ بأنّ ذلك الأمل منكَ يا الله قد أعاد هذا القلب إلى الحياة، وكأنَّ السيروم الذي كان يُخبر بالموتِ منذ لحظات قد بُدِّلَ بسيرومٍ من الأمل مُعلناً أن ما بعد الألم إلا الأمل وأنّ الإنسان السويّ لا يخرج من جوف المِحن إلا وقد استفاق على ضوء ساطِع من عطاياك يا الله مُحمّلاً منك بالكثير من المنح، المنح لا غير، لأنّك أنتَ الله، وأنتَ المُدبر، الخالق والصمَدْ.

 

فإلجأ يا ابن آدم إلى الله، في الشدة والرخاء، عند انقطاع الأمل وتثاقل ضربات القلب وإعلانها الإستسلامَ ضعفاً وبؤساً، ثق بالكريم مستسقياً إياه اللطف بك في كل لحظة، واسعَ إلى مرضاة الله مُتصبِّراً؛ فإنما يوفّي الله الصابرون أجرهم بغير حساب.

انتشل نفسكَ من ضعفك أولاً ثمَّ استعن بالله على كل نفسٍ تأخذه، إبدأ من جديد، وتوّكل على الله، اجعل لبدايتك أساساً متيناً وابدأ بالوضوء والصلاة، كبّر الله ولتكبِّره هذه المرّة كُلُّ جوارحك، وقل الله أكبر من كلِّ ضعف، الله أكبر من أيِّ شدَّة، الله أكبر حتّى ينجليَ البلاء، الله أكبر حتّى الموتِ والفناء .

 

 

 

بقلم: رنا مروان – (الأردن)

الصورة – تسنيم الوعل


1 التعليقات

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com