الحمد لله الذي خصنا بشهر الطاعات و أجزل لنا فيه المتوبة و رفع الدرجات و وعد من صامه ايمكانا و احتسابا بتكفير الذنوب و السيئات , و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خير البريات.
قال تعالى ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ” لنرقى و نتميز في هذا الشهر, الذي هو شهر القرآن و الهدى و الايمان, و فيه نفحات الرحمن, اذ تفتح أبواب الجنان و تغلق أبواب النيران.
فيا أيها الناس هذا شهر رمضان شهر التوبة و الغفران و هو رسول من عند الملك الديان.
و نحن في شهر البذل و العطاء, ما أحوجنا لتلك الواحة المثمرة الخضراء في وسط الصحراء قاحلة جرداء.
و الناس منشغلون بالدنيا و شهواتها, فالعاقل من اغتنم الفرصة و استثمر ساعاته بمحاسبة النفس و التصالح مع الذات, و تميز فيه بالعبادة و اجتناب الملهيات. لنكن عمليين فهناك سؤال يطرح نفسه:
كيف نجعله شهرا مميزا عن سائر الشهور?-
لقد فضل الله سبحانه و تعالى شهر رمضان عن سائر الشهور, و ميزه بالعديد من خصال الخير و المزايا و المكرومات و حتي تحقيق التميز في هذا الشهر الكريم ينبغي مراعاة أربعة أشياء و هي :
أولا : لابد من التفريق بين التميز الايجابي ووسائله و طرق الوصول اليه. و التميز السلبي و مظاهره و أشكاله لتحقيق الأول و اجتناب الثاني و البعض يتفنن في رمضان بأصناف المأكولات و أنواع المشروبات يصل الى حد الاسراف و المبالغة و كأن رمضان شهر أكل و شرب, في الوقت الذي يفترض أنه شهر عبادة و طاعة و اقتصاد لكن التميز الحقيقي في إتقان الصيام و المحافظة على الفرائض, و الإكثار من الطاعات و النوافل…
ثانيا : من الضروري معرفة و فقه ثمرة الصيام و الأثر المترتب عليه و النتيجة المرجوة منه ألا و هي تحصيل التقوى و تحقيقها قال تعالى ” لعلكم تتقون” أي انه فرض عليكم ليعدكم لتقوى الله ترك الشهوات المباحة فتربي بذلك العزيمة و الإرادة على ضبط النفس. اذا تصورنا و استوعبنا حقيقة الصيام, سيعودنا ذلك لمضاعفة الجهود و السعي للأسباب الموصلة الى مرضات الله من تطبيق الوسائل الى تحقيق التقوى و زيادة الإيمان.
ثالثا : أهمية استحضار أن الصيام عبادة و أنه بحاجة للإخلاص و المتابعة, و ليس مجرد عادة اعتاد عليها الناس و لو عرفنا هذه الحقيقة و أيقنا بها سيقودنا ذلك لمزيد من الطاعات و الأعمال الصالحات
و شحن الهمم و صدق النية و التوبة الحقيقية النصوح.
رابعا : عدم الاكثار من الأمور التى ستقوم بها و حدد أشياء ضمن القدرة و الاستطاعة و احرص عليها. فلنبدأ التخطيط المحكم الدقيق, و نضع برنامج محددا متميزا. و نقسم أوقاتنا و نرتبها بدقة و توازن مع تنوع البرنامج , فنجعل الحصة الكبرى لكتاب الله عز و جل.
حتى تتميز لا تجعل يوم صيامك و يوم فطرك سواء إذن هذه فرصة قد لا تعوض. فهلموا للتميز في العبادات و الإيمانيات و الأخلاق و التربية و تزكية النفس و السلوكيات و التكافل الاجتماعي و تفقد الآخرين.اللهم تقبل منا صيامنا و قيامنا و سائر أعمالنا.
بقلم: أسمهان السراوي – ( المغرب )