حوار: الجزائر – جلال نايلي

 
تتحدث الكاتبة الجزائرية فضيلة معيرش في هذا الحوار لصحيفة “نبض الإمارات ” عن سبل النهوض بالثقافة العربية وترسيخ وشائج التواصل والاحتكاك بين الثقافات العربية وخلق تقارب ثقافي عربي حقيقي والذي لا يكون حسبها إلا بضرورة القراءة لبعضنا البعض وعدم تكريس أسماء دون غيرها ، وخلق ملتقيات فكرية ثقافية بين البلدان العربية للتعرف على الإنتاج الأدبي لكل بلد دون إقصاء أو تهميش ومن ثمة يمكننا الحديث عن التقارب الثقافي العربي و تعزيز الروابط الثقافية بين الأوطان العربية .

كيف تقدمين نفسك للقراء ؟
الكاتبة فضيلة معيرش : فضيلة الإنسانة و الكاتبة والأستاذة تعيش واقعها العادي بحلوه ومره تأخذني ظروف الحياة بين سكينة و صخب ، كما أجدني أغلب الوقت بين ضجيج طلبتي و التحضير لمذكرات التدريس لأني أعتبر التعليم مهنة مقدسة أمارسها بتركيز بعيدة فيها كلّ البعد عن حياة الإبداع و الاحتراق .
أما فضيلة الكاتبة تقتنص الفكرة ، تتبلور في ذهنها وهي في الحافة وهي في استراحة التدريس وهي في لحظة صفاء بين جدران بيتها وصخب أسرتها الصغيرة .
وحين يحين وقتها وتملأ بها بياض الورق تحرص أن توصلها لقارئها بصورة تليق بذوقه …والله الموفق .
أما بداياتي مع الحرف بدأت بشغف المطالعة ، ويعود الفضل لأخي البروفسور موسى معيرش الذي كان يملأ رفوف المكتبة المنزلية بالكتب ويجدد في ذلك دون ملل أو كلل …كان الكتاب يرافقني في كلّ مكان …وما تزال هذه العادة تلازمني. يوجد في محفظتي دوما الكتاب حتى وإن كان لا وقت لي لتصفحه… فوجوده بالقرب مني يريحني.

 
ماهي ابرز كتاباتك وانتاجاتك الأدبية؟
هذا سؤال جميل لكن سأجيب عنه بطريقتي – لو سمحتم –
أولا سأذكر علاقتي بالكتاب بوجه عام فهي كعلاقة الأم بأبنائها الأعزاء و لهذا لا أتعامل و لا أقرأ إلا ما يستحق القراءة ، أنا لا أفضل أي كاتب عن غيره بل أفضل النص المهم هي قضية نصوص لا قضية أشخاص أما الأسماء التي لفتت انتباهي و أنا أقرأ لها و هي عديدة و متعددة و لهذا أنا أنجزت كتاب موسوم ب ” بصمات دراسات فكرية ونقدية ” طبع سنة 2016 عن دار ابن الشاطئ بجيجل ومساهمة الجاحظية عنابة للنشر و التوزيع ، يشمل أسماء متميزة لهم بصمة خاصة في نصوصهم كعثمان لوصيف ، ميلود خيزار ، جميلة زنير ، بشير خلف ابن الشاطئ ، زبيدة بشير ، جمال بن عمار هذا الكتاب أعتبره من أبرز انتاجاتي التي أعتز بها وكذا يندرج ضمن ثقافة الاعتراف بالأخر التي يسعى رئيس فرع الجاحظية للنشر و التوزيع جمال صمادي لتكريسها باعتباره ناشط وفاعل وأيضا يعود له الفضل في اقتراح هذه الأسماء التي لم تنل حظها لا إعلاميا ولا نقديا و لا أكاديميا أقول يعود له الفضل في اقتراحها .

 
ثانيا:  أعتبر مجموعتي القصصية ” صور شاردة ” إنتاج أعتز به كون من كتب مقدمته الكاتب المرموق صالح الطيب طهوري وكذا كتب عنه الفنان التشكيلي محمد بوكرش والكاتب الفلسطيني نبيل علقم وكذا الأديب المرحوم المصري صلاح الحلوجي .
كيف تنظر الكاتبة فضيلة معيرش إلى الحقل الثقافي العربي؟
المقروئية في الوطن العربي و الجزائرية خاصة تشهد تقهقرا واضحا ، وعزوفا ملحوظا وماعادت النسخ الورقية مفضلة كالسابق وماعاد خير جليس في الأنام كتاب في ظل التكنولوجيا الحديثة فكثير من الطلاب
أصبح عندهم خير جليس لهم الانترنيت خاصة بحذف حصة المطالعة
من بعض المناهج التربوية وغياب الكتب الأدبية و التثقيفية من المكتبات المدرسية ومحدوديتها … وما يجب ذكره والمتصل أساسا بالمقروئية في الجزائر فهناك الكثير من الأسماء الجديدة التي هي ليست بجديدة في واقع الأمر وفي حاجة لتسليط الضوء عنها إعلاميا ونقديا وحتى أكاديميا وإبراز تفردها فنحن كأدباء يجب أن نقر بجيل كامل استطاع أن يميز نفسه لذلك يستحق أن يقرأ له من طرف الأدباء الكبار ولا نصدر أحكام مسبقة في حقهم بالنسبة للدول العربية ما يلاحظ أنهم أيضا فتحوا باب الطبع لمن هبّ ودب ، ساهموا في تكريس الرداءة . قد يكون المشهد الثقافي في الخارج أفضل منا من حيث الترويج للكاتب حسب اعتقادي…
 

هل فيه دعم للكتاب من طرف وزارة الثقافة الجزائرية آم لا يزال هذا الدعم غير كاف؟
لا يزال الدعم المقدم للكاتب من طرف وزارة الثقافة حاليا غير كاف ، عدد النسخ محدود ولا يتم توزيع العمل بأي شكل من الأشكال لذا أعتبر الطبع مع فرع الجاحظية عنابة بالنسبة لي فرصة ذهبية وكذا إقامة العديد من الملتقيات التي تجعلنا نحتك بالقارئ و التحاور معه و التعريف بالكتاب …أعتبر كلّ هذا حافز معنوي يساعد على التفكير في انجاز أعمال قادمة بحول الله سأفصح عنّها لاحقا .

هل نستطيع القول أن هناك تغييب لدور النخبة المثقفة في العديد من القضايا الجوهرية ؟ أم أن الطبقة المثقفة هي التي تفضل الصمت ؟
النخبة المثقفة قد تكون أيضا ساهمت في تغييب نفسها بالنرجسية و الأنا ، وأيضا هناك مثل أكرره في مثل هذه الحالات وهو – علة الفولة من جنبها – ولن أزيد أكثر فالحديث في هذا الموضوع يثير الشجون .

ماهي طموحاتك المستقبلية في مجال الأدب والكتابة ؟

طموحاتي المستقبلية بحول الله عديدة ومتعددة وأغلبها تندرج ضمن ثقافة الاعتراف بالأخر فهناك العديد من الكتاب سواء داخل وخارج الوطن سيشملهم الجزء الثاني من كتاب بصمات…وستكون كتب لي هي قيد الطبع الآن مع فرع الجاحظية عنابة للنشر.

 
ما هي الرسالة التي تسعين لإيصالها إلى القارئ من خلال كتاباتك؟
رسالتي في كتاباتي واضحة أولا من خلال كتابي – بصمات – التعريف بأسماء تركت بصمتها في ما تكتب سواء كان شعر أو سرد أو مقالات … والتعريف بها محليا وعربيا وعالميا من خلال الترجمة بحول الله للعمل لاحقا …
في بقية ما أكتب قصص أو شعر …أعالج الواقع وأعيش حزن وفرح مجتمعي فالكاتب الذي لا تعكس كتاباته ألم الآخرين ستكون كتاباته خواطر ذاتية تخصه و لا تؤثر في المتلقي .

كيف نرتقي وننهض بالثقافة العربية ونرسخ وشائج التواصل والاحتكاك وتقريب الثقافات العربية ببعضها البعض؟
لا يكون ذلك إلا بضرورة القراءة لبعضنا البعض وعدم تكريس أسماء دون غيرها ، وخلق ملتقيات فكرية ثقافية بين البلدان العربية للتعرف على الإنتاج الأدبي وغيره
كما أعتبر المعرض الدولي للكتاب في الجزائر و بقية الدول فرصة جيدة لترسيخ وشائج التواصل و التعرف على الجيد و النخبوي…

هل العالم العربي يعيش أزمة هوية أم البحث عن الذات ؟
هويتي أحترمها من خلال عروبتي وديني الإسلامي الذي أحترم تعاليمه …ووطني الذي أنا جزء منه أفتخر بما حققه السلف من حرية وعزة وكرامة …أما البحث عن الذات فهي ما نعيشه الآن من خلال النزاعات وغيره …أتمنى أن نتجاوزها …

كلمة أخيرة؟
يجب أن نسعى لتكريس ثقافة الاعتراف بالآخر وكذا ضرورة المطالعة لأنه مفتاح التفوق .