لبنان الواقع ..
تسمعون دائماً عن سلة متكاملة يعتبرها البعض مخرجاً من الواقع السياسي اللبناني للإنتقال بالوطن إلى بَرّ الأمان، ولكن بالواقع فإنَّ هذه السلة تملؤها المحاصصة وتقاسُم السُلطة، فبعد وصول الجنرال ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، يتحدث البعض عن أهمية بأن يعود الرئيس سعد الحريري (رئيساً للحكومة)، ونقوم بإنتخابات نيابية على أساس القانون الحالي (الذي يبقى في مصلحة بعض القوى السياسية) وبالتالي نُعيد أهمية الحفاظ على التوازن الطائفي من أجل أن يضع كل حزب ورَقَة تحريك شارعه الطائفي على الطاولة، فتعود بعض القوى السياسية لنفض مكاتبها وتجهيز رزمة جديدة من المساهمات لإعادة لَم الشمل. في لبنان الواقع اليوم تم القضاء على الفراغ الرئاسي وما يُمَثِل من أهمية عُظمة وحاجة مُلِّحة صورية أكثر من أن تكون عملية في وطنٍ كان لكل طائفة سياسية زمن غطرسة خاص بها، فدفعها لشد الحَبل إلى الكرسي الأول المحجوز لطائفتها وتجريد باقي الطوائف من مكاسِبهم الأمر الذي ضرب كرسي الرئاسي من خلال إتفاق الطائف. وطالما أتى الحديث عن الطائف الذي سيُعَيِدُ اللبنانيون قريباً النصف الأول من يوبيله الفضي، فلا بُدَّ وأن نذكُرَ بأنَّ في لبنان الواقع اليوم كان هذا العقد الوطني مُجرد مهزلة تحاصصية خاضها الأفرقاء السياسيين على حساب الدماء التي سالت طوال سنوات الصراع الداخلي والتي ساهمت بتعويم مراكز نفوذهم على سطح بُرَك الدماء الذكية المخدوعة ب”القضية” التي توافرت على جميع الأحجام والأشكال وشمَلَت جميع المذاهب الكُبرى، فكان كُلٌ منهم يلبس لباس الدولة الأقليمية الداعمة له ومدى صغر أو كبر صلاحيتها. في لبنان الواقع اليوم سندخُل النصف الثاني من اليوبيل الفضي لإتفاق الطائف والنار تحت الرماد، تطمرُها المحاصصة السياسية وتبادُل الكراسي بالإضافة إلى زيادة العجز في خزينة الدولة وإرتفاع الدَين العام بالتزامن مع غياب النوايا بتقديم الحلول الجدية الوطنية وبدون الأخذ بعَين الإعتبار الحصة التي سيحصل عليها كُل فريق. سندخُلُ النصف الثاني من اليوبيل الفضي والمواطن اللبناني يحلمُ بجميع أشكال الإنماء من ماء وكهرباء وبُنى تحتية وحياة إجتماعية وإقتصادية وطبابة وعدالة وتعليم وغيرها وغيرها من حقوق المواطن والتي هي من مسؤولية الدولة تأمينها. لبنان الحلم لن أستفيض بالحديث عن لبنان الحُلُم، ولو بدأت الكلام عن أحلامي كمواطن لبناني أرى لبنان زينة الكرة الأرضية فلن أنتهي من الحديث وسأذكر جميع ما هو عكس الحرمان المذكور في لبنان الواقع. من هنا وإنطلاقاُ من مبدأ عدم التنظير وأهمية تقديم الحلول العلمية والعملية للوصول إلى هذا الحلم الذي يُراودنا جميعاً. خطة عمل مشروع “لبنان الحُلُم” في المِثاليات يمكننا بناء وطنٍ على أنقاض الحروف والكلمات، أما حقيقةُ فلبنان الحلم هو خطة عمل حقيقية تنطلق من الشعب في دائرة مغلقة لتعود إلى الشعب أيضاً ضمن مجموعة خدمات إنمائية تجعله يرفع من قيمة صوته الإنتخابي ويتعالى عن الإختيار بين السيئ والأسوء، فيذهب لإختيار الأفضل. يتحقق هذا الأمر عندما نقوم بوضع قانون إنتخابات عادل يُحقق التمثيل الصحيح ويجعل من صوت المُقترع أداةً للتغيير. (وقد نشرت سابقًا قانون إنتخابات يُحقق التمثيل الصحيح من خلال رفع نسبة تمثيل المُقترعين بأعلى نسبة مُمكنة لا بُدَّ وأن تتعدى ال90%) عندما يتحقق هذا الأمر، سيُنتخب لدينا مجلس نيابي فاعل يستطيع الذهاب إلى تشكيل حكومة من لونٍ وطني يختاره الشعب، يُحدد فيها التكتل السياسي الرابح صورة الوطن للسنوات القادمة. يتجه هذا المجلس لتشكيل حكومة يُحدد شكلها ولونها الفريق الرابح، ويُعطي الفريق الخاسر عددًا من المقاعد يتناسب والنسبة المئوية التي حصدها في المجلس النيابي. الخطوة الثالثة تكون بإقرار تطبيق قانون اللامركزية الموسعة التي تُعتبر بِدَورها بابً نحو الإنماء. في تطبيق اللامركزية يجب الأخذ بعَين الإعتبار نقاط مُهمة عديدة سبق وتم التحضير لها خدمةً لهذا المشروع وهي على الشكل التالي:
1. في السياسة المالية، يجب الأخذ بِعَين الإعتبار ما توصلت إليه اللجنة التي أصدرت قانون اللامركزية الإدارية في العام 2013 برئاسة الوزير السابق زياد بارود.
2. في الخطة الإقتصادية، يجب الإعتماد على تطبيق اللامركزية الإقتصادية والتي تكون دربًا خصبًا لحُسن إستثمار الموارد المالية المُحددة لكل إدارة محلية.
3. في إنتخابات الإدارات المحلية، يجب إعتماد تقسيمة جغرافية تُصحح الخلل الجغرافي المذهبي الموجود في بعض المناطق ثُمَّ إعتماد القضاء كمنطقة جغرافية يُنتَخَب فيه إدارة محلية على أساسٍ مدني نسبي يعتمد اللوائح الحُرة.
خُلاصة جميع النقاط التي تم التطرُق لها سابقًا هي عبارة عن حلول علمية سبق وتم دراستها بدقة عالية بهدف تقديمها كحلول جدية للوطن، وذلك لرفع الغُبن عن المُواطن اللبناني الذي يستحقُ الأفضل.