|  آخر تحديث سبتمبر 10, 2016 , 18:46 م

« بـدايـة المطر قطرة »


« روانيات »

« بـدايـة المطر قطرة »



حينما بدأت حملتي حول مفهوم الإيجابية على صفحات الشبكة العنكبوتية , أدركت حينها فقط أن معظم الناس لا تعي المفهوم الحقيقي للإيجابية , وان معظم الناس ترى ان مفهوم الإيجابية هو مفهوم مثالي , لا يمكن الوصول له وانه مجرد كلام نظري لايمت للواقع الحقيقي بصلة . الإيجابية لا تعني مطلقا ان يخدع الانسان نفسه فيقول ان الدنيا كلها ربيع وان الجو بديع , وان الالوان في هذه الحياة كلها ليست سوى تدرجات عن اللون الوردي , هذا ضرب من ضروب الحماقة , بل رمي بالنفس الى التهلكة . الايجابية بمعناها الحقيقي والعملي هي ان يكون الانسان مدركا تمام الادراك ما يحدث من حوله , وان يدرك شكل المشاكل والمعوقات وحجمها ومصادرها , ويدرك ان في هذا الواقع الكثير من المصائب التي قد تصل الى حد الكوارث , وان كثيرا من الناس سيواجهون تحديات وصعوبات في هذه الحياة , وانهم قد يخفقون فيها ويصابون ويتألمون , وان هذا كله من سنن الله الماضية التي ستستمر حتى قيام الساعة . الايجابية تعني ان يدرك الانسان هذا كله مؤمنا ألا مفر من وقوعه , ولكن أن يقبل في ذات الوقت على مواجهته متسلحا بالعزيمة المرتفعة والهمة العالية , وقبل ذلك الايمان بالله سبحانه وتعالى.

 

الايجابية الحقة تعني ان يثق الانسان ان الامور مهما كان شكلها اليوم ومهما بلغت درجة تعقيدها وإيلامها سائرة الى الاحسن بإذن الله تعالى , وعلى الانسان ان يتذكر كم من المصائب والجراح والمشاكل قد مرت على البشر منذ فجر التاريخ , وكيف أنها سرعان ما انقضت , سواء طال عمرها او قصر . الايجابية الحقة تعني ان على الانسان عند مواجهته لتلك المعوقات والفشل ان يفكر بالدروس الخفية والحلول المحتملة والثمرات المستخلصة منها , فيأخذها ويجعلها بذورا لمحاولات الغد السائرة به نحو النجاح , لا ان يجلس طوال الوقت يجتر مفردات المشكلة وتعقيداتها و آلامها , ويرفض حتى مجرد التفكير ان هنالك حلا ما يجب البحث عنه, كمن يلف حبلا حول عنقه ليخنق نفسه ,وليس في هذا القول أي دعوة بأنه لا يصح للإنسان ان يحزن مطلقا , او ان يتألم فيمارس طبيعته البشرية لبعض الوقت , بل العكس تماما , ان من مكملات الايجابية ان يعي الانسان حاجته النفسية لممارسة ضعفه البشري وانكساره النفسي في أوقات معينة تكون له كإستراحة المحارب , يعود بها أقوى شكيمة وأصلب عودا . ان الايجابية ليست أمرا محصورا بأناس بعينهم , بل هي طبيعة وعادة يمكن التطبع بها , وكما قال النبي الهادي البشير: ”العلم بالتعلم, والحلم بالتحلم” , لذلك فعلى الانسان ان يدرك أهمية ان يصبح ايجابيا متفاؤلا وان لايقع فريسة الاحباط والاكتئاب , بل يجب ان يصادق الايجابيين , ويرتاد المجالس الايجابية ويتابع الأخبار الايجابية ويقرأ الكتب الايجابية , وان يبتعد في المقابل عن كل ما يرتبط بالسلبية والتشاؤم.

 

عزيزي القارئ , هذا ليس كلاما إنشائيا , بل هو ما نراه بأعيننا , وما أثبتته تجارب الناجحين عبر الازمنة والعصور في مختلف بقاع الدنيا , ولو تصفحنا سير هؤلاء فنادرا ما سنجد منهم من واتاه النجاح من المرة الاولى , بل ان أغلبهم أخفق وأخفق يصل الى ما يريد , ثابر وعمل حتى ذاق حلاوة طعم النجاح الذي ليس له مثيل.

علينا جميعا ان نحاول فهم المفهوم الحقيقي للإيجابية , واننا من نتحكم في كوننا ايجابين ام لا. السبب الأهم الذي يحتم علينا ذلك هو علم الطاقة , ذلك العلم الذي يبحث في كيفية سريان الطاقة من والى الاجسام , فعند مجالسة اشخاص سلبيين فأنت بذلك تحول سريان الطاقة , مما يؤثر عليك سلبيا , فبعد انتهاء نقاشك مع صديقك المكتئب والمتشائم دائما , حتما ستشعر ان العالم من حولك اسود , وستشعر بالعصبية والحزن . مما سيؤثر بالسلب على علاقتك بمن حولك , فهي عجلة مترابطة تدور ف فلك واحد . حاول ابعاد نفسك دائما عن مصادر الحزن والتشاؤم , واصنع لنفسك عالما خاصا بك يتزين بالسعادة والايمان بالله وبنفسك , والثقة ان الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا ليعذبنا , بل ثق بأنه يدخر لك الافضل دائما. ليس من السهل ان تمحي كل الامور السيئة من حياتك , ولكن من السهل المحاولة ,فبداية المطر قطرة ! .

 

بقلم الكاتبة: روان سالم – ( مصر )


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com