|  آخر تحديث أغسطس 31, 2016 , 17:38 م

بداية المطر قطرة


بداية المطر قطرة



حينما بدأت حملتي حول مفهوم الإيجابية على صفحات الشبكة العنكبوتية , أدركت حينها فقط أن معظم الناس لا تعي المفهوم الحقيقي للإيجابية , وان معظم الناس ترى ان مفهوم الإيجابية هو مفهوم مثالي , لا يمكن الوصول له وانه مجرد كلام نظري لايمت للواقع الحقيقي بصلة . الإيجابية لا تعني مطلقا ان يخدع الانسان نفسه فيقول ان الدنيا كلها ربيع وان الجو بديع , وان الالوان في هذه الحياة كلها ليست سوى تدرجات عن اللون الوردي , هذا ضرب من ضروب الحماقة , بل رمي بالنفس الى التهلكة . الايجابية بمعناها الحقيقي والعملي هي ان يكون الانسان مدركا تمام الادراك ما يحدث من حوله , وان يدرك شكل المشاكل والمعوقات وحجمها ومصادرها , ويدرك ان في هذا الواقع الكثير من المصائب التي قد تصل الى حد الكوارث , وان كثيرا من الناس سيواجهون تحديات وصعوبات في هذه الحياة , وانهم قد يخفقون فيها ويصابون ويتألمون , وان هذا كله من سنن الله الماضية التي ستستمر حتى قيام الساعة . الايجابية تعني ان يدرك الانسان هذا كله مؤمنا ألا مفر من وقوعه , ولكن أن يقبل في ذات الوقت على مواجهته متسلحا بالعزيمة المرتفعة والهمة العالية , وقبل ذلك الايمان بالله سبحانه وتعالى . الايجابية الحقة تعني ان يثق الانسان ان الامور مهما كان شكلها اليوم ومهما بلغت درجة تعقيدها وإيلامها سائرة الى الاحسن بإذن الله تعالى , وعلى الانسان ان يتذكر كم من المصائب والجراح والمشاكل قد مرت على البشر منذ فجر التاريخ , وكيف أنها سرعان ما انقضت , سواء طال عمرها او قصر . الايجابية الحقة تعني ان على الانسان عند مواجهته لتلك المعوقات والفشل ان يفكر بالدروس الخفية والحلول المحتملة والثمرات المستخلصة منها , فيأخذها ويجعلها بذورا لمحاولات الغد السائرة به نحو النجاح , لا ان يجلس طوال الوقت يجتر مفردات المشكلة وتعقيداتها و آلامها , ويرفض حتى مجرد التفكير ان هنالك حلا ما يجب البحث عنه , كمن يلف حبلا حول عنقه ليخنق نفسه ,وليس في هذا القول أي دعوة بأنه لا يصح للإنسان ان يحزن مطلقا , او ان يتألم فيمارس طبيعته البشرية لبعض الوقت , بل العكس تماما , ان من مكملات الايجابية ان يعي الانسان حاجته النفسية لممارسة ضعفه البشري وانكساره النفسي في أوقات معينة تكون له كإستراحة المحارب , يعود بها أقوى شكيمة وأصلب عودا . ان الايجابية ليست أمرا محصورا بأناس بعينهم , بل هي طبيعة وعادة يمكن التطبع بها , وكما قال النبي الهادي البشير : ” العلم بالتعلم , والحلم بالتحلم . ” , لذلك فعلى الانسان ان يدرك أهمية ان يصبح ايجابيا متفاؤلا وان لايقع فريسة الاحباط والاكتئاب , بل يجب ان يصادق الايجابيين , ويرتاد المجالس الايجابية ويتابع الأخبار الايجابية ويقرأ الكتب الايجابية , وان يبتعد في المقابل عن كل ما يرتبط بالسلبية والتشاؤم .

عزيزي القارئ , هذا ليس كلاما إنشائيا , بل هو ما نراه بأعيننا , وما أثبتته تجارب الناجحين عبر الازمنة والعصور في مختلف بقاع الدنيا , ولو تصفحنا سير هؤلاء فنادرا ما سنجد منهم من واتاه النجاح من المرة الاولى , بل ان أغلبهم أخفق وأخفق يصل الى ما يريد , ثابر وعمل حتى ذاق حلاوة طعم النجاح الذي ليس له مثيل . علينا جميعا ان نحاول فهم المفهوم الحقيقي للإيجابية , واننا من نتحكم في كوننا ايجابين ام لا. السبب الأهم الذي يحتم علينا ذلك هو علم الطاقة , ذلك العلم الذي يبحث في كيفية سريان الطاقة من والى الاجسام , فعند مجالسة اشخاص سلبيين فأنت بذلك تحول سريان الطاقة , مما يؤثر عليك سلبيا , فبعد انتهاء نقاشك مع صديقك المكتئب والمتشائم دائما , حتما ستشعر ان العالم من حولك اسود , وستشعر بالعصبية والحزن . مما سيؤثر بالسلب على علاقتك بمن حولك , فهي عجلة مترابطة تدور ف فلك واحد . حاول ابعاد نفسك دائما عن مصادر الحزن والتشاؤم , واصنع لنفسك عالما خاصا بك يتزين بالسعادة والايمان بالله وبنفسك , والثقة ان الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا ليعذبنا , بل ثق بأنه يدخر لك الافضل دائما. ليس من السهل ان تمحي كل الامور السيئة من حياتك , ولكن من السهل المحاولة ,فبداية المطر قطرة ! .

 

بقلم الكاتبة: روان سالم – ( مصر )


1 التعليقات

    1. 1
      lamiaa fouad

      كلام رائع يحمل في طياتة الايجابية بمعناها الحقيقي احسنتي واصبتي الهدف ..بالتوفيق

      (0) (0) الرد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com