لا شيء يرفع من شأن الإنسان سوى العلم والأخلاق؛ فلقد رفع الله من قيمة العلماء فقال: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” وشجعنا النبي المصطفى على العلم والمعرفة، فقال” إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلمِ رضًا بما يصنع”
فالعلمُ هو المصباح الذي ينير ظلمة الجهل في مجتمعاتنا، وهو الدواء لسموم الحقد والكراهية، وهو الذي أنقذنا من جحيم الظلمات في رمال مكة المكرمة إلى خطى جبريل في السماوات العُلى.
وعبر التاريخ كان تكريم العلم وأهله من أساسيات وأدبيات التعامل معهم؛ إذ تذكرُ كتبُ التاريخ أنَّ “أبا معاوية الضرير” دُعي يومًا لوليمة عند الخليفة العباسي “هارون الرشيد” وبعد الانتهاء قام ليغسل يديه، فأمسك الرشيد بالإبريق وصب الماء له، وقال له: “يا أبا معاوية أتدري من صب الماء على يديك؟ ردّ “أبو معاوية:” لا ” قال له: أنا هارون الرشيد، وقد فعلتُ ذلك احترامًا لعلمكَ ومنزلتك!!.
العلم هو أساس نهضة الأمم، وبدون احترام المعلم لا شيء يتحقق؛ فالمعلم هو رسولُ المعرفة الذي يأخذ بيدِ المتعلم من غياهب الظلمات والجهل إلى أعلى قمم النور واليقين. وهو بحاجة دائمة إلى الهمة والمداومة على التحصيل، والإصرار على الوصول للغاية المرجوة، ويتطلب كذلك تخطيط مستمرٍ مع الشغف وبذل المستحيل؛ فالعلمُ إن لم تعطيه كلكَ لن يعطيك حتى نصفه!!.
أكتبُ هذه الكلمات ونحن على أبواب عام دراسي جديدٍ أهيبُ بطلبتنا وأشد على سواعدهم أن يكونوا عند حسن ظن الأهل والمدرسة، وكذلك الأمة التي تنتظر إنجازاتهم وتنظر إليهم نظرة فخر وشموخ.
وأذكرهم أنّ العلم يحتاج إلى صبرٍ ومثابرة، وكذلك تحمل للصعاب، والنظر دائمًا لنصف الكأس الملآن، وتحويل الظروف الصعبة إلى فرصة جديدة وبارقة أمل، فلا يمكن للإنسان أن يصل لمراده مع كثرة النوم وتضيع الوقت، فمن يريد الحصولَ على العسلِ عليه أن يتحمل لدغَ النّحل، وسهر الليالي وتعب الجسم والعقل.
ختامًا: يذكرُ أنّ العالم أديسون الأمريكي مخترع المصباح الكهربائي احترق مخبره الذي كان يجري فيه تجاربه وعندما نظر إلى الخبر وآثار الدمار قال: إنها كارثة ولكنها فرصة ذهبية للبدء من جديد، فشدوا الهمة أيها الطلبة، وحققوا ما تريده القيادة الرشيدة في هذا البلد من تطورٍ وتقدمٍ، ولتعلموا أولًا وأخيرًا أنّ الوطن غالٍ ويستحقُ منا أن نبذل ما بوسعنا لتبقى رايته عالية خفاقة تحت مظلة العلم والتألق.
عبد العزيز محمود المصطفى – كاتب وأكاديمي