|  آخر تحديث فبراير 12, 2024 , 13:55 م

الإعلام الإفتراضي ودوره في”التطرف السلوكي”


الإعلام الإفتراضي ودوره في”التطرف السلوكي”



ثبت علمياً  إمكانية خداع العقل البشري عبر إحدى وسائل الترفيه والتسلية وربما يكون هذا الخداع سواء بصري أو سمعي مصدراً للسعادة والمتعة الدائمة أو المؤقتة، ولكن هناك أيضًا جانبا عمليا وتعليميا للخداع أو الأوهام البصرية والسمعية، حيث يمكن أن تساعد في التعرف على موضع الخلط في المخ لفهم كيفية العمل على تنظيم المعلومات..،

معظمنا نعيش حالة من الخداع الإدراكي العقلي
لسلوكيات مجتمعية مسلطة علينا يومياً بكافة الطرق السمعية والبصرية المُكثفة بشكل إحترافي ممنهج من خلال الإعلام” الإفتراضي ”
وأهمها ” التطرف السلوكي”

يعكس واقعنا الإفتراضي قضية شائكة وهي التطرف الفكري في مجتمعنا المعاصر وتمتد جذوره لظروف سياسية و تاريخية وإقتصادية وإجتماعية مرت بها المجتمعات ويتحكم فيها الأيدولوجية الخاصة بكل مجتمع علي حدا  ،و معناه كنسق معرفي هو إتخاذ الفرد موقف متشدد للأفكار والمواقف الإجتماعية التي تهمه..؛

وتعريفه السلوكي هو تجاوز الفرد “حد الإعتدال” في سلوكياته وميوله وهو أمر نسبي يختلف من مجتمع لأخر طبقا لعدة عوامل . .،

ولتوضيح الفكرة من خلال السلوكيات المنتشرة علي مواقع التواصل الإجتماعي ومن أرض الواقع الإفتراضي يمكن للبشر عيش خداع التطرف الفكري والسلوكي وعمل غسيل ومحو لعقولهم وهويتهم بشكل مرعب..!

️التطرف او فائض الإحتمال في أي شئ إن دل  يدل علي نقصان وفقر في النفس يعوض عنه الإنسان بالمبالغة في إظهار ميوله وتوقعاته أو تفوقه وتملكه لشئ بعينه أو أسلوب حياة قد يكون هذا السلوك هو القشة التي قصمت ظهر البعير في تكوينه النفسي …!

أمثلة علي ذلك :

1-أستخدام عناصر الإبهار من خلال الإعلام والأعمال الفنية في عرض قصص الحب “الملتهبة” وما بها من حلقات غزل متواصل يصيب المشاهد الغلبان بالملل والإعياء أو بالشعور بالعجز علي تحقيق نفس الحالة الرومانسية الخيالية البعيدة كل البعد عن الواقع بما فيه من أحداث حياتية حقيقية وظروف إجتماعية نسبية تختلف من شخص لآخر؛

-التيارات الإعلامية الحاصلة لصالح أفراد بعينهم بالإنحياز سواء للمرأة او الرجل علي حدا ويعتبرو أن العلاقة بين الرجل والمرأة حلبة مصارعة تحتاج لدفاع وهجوم ولكمات وضربات قاضية وبالتالي تسبب ذلك في إنقسام نفسي تسبب وخلق عداوات إجتماعية وتفكك لمنظومة البيت والاسرة وهي ما أشار إليها جل وعلا في كتابه بإنها إجتماع وشراكة مودة ورحمة ..!

-المبالغة في إقتناء brands بأرقام خيالية وعمليات التجميل وإستعراضها بهوس كمحاولة لتجسيد المثالية طوال الوقت هي دليل علي ان هذا الشخص بداخله شعور  قاتل بالدونية
يعوض عن فجوة نفسية بالإستعراض المادي المبالغ فيه إن لم تكن طبيعة عمله تتطلب ذلك ،

-إستعراض العضلات وممارسة البلطجة في أبهي صورها هو شعور داخلي بضآلة الشخص، والإستعراض ما هو إلا عرض بهلواني رغبةً منه للسيطرة علي الوضع أو الآخرين وأختزال لقدرات الشخص في قوته البدنية فقط ،

-إرتداء عباءة الدين والتشدد في إصدار الأحكام علي الآخرين دون وجه حق ما انزل الله بها من سلطان ما هو إلا تدين ظاهري وضعف إيمان وبإمكانية أي شخص السيطرة علي عقله بكل سهولة لإن تدينه ما إلا بغبغة وشعائر دينية موروثة عن ظهر قلب وليست نابعة من الإتصال القلبي بالله ..

الحقيقة هي أن دين الله يسراً لا عُسر فيه ،
أن الدين رحمة وحكمة ومرونة نفسية وتوازن ،الدين حب وعدل وطمأنينة ،

(الدين هو النص وفهم كل شخص تبعا لأهوائه ورغباته علي حدا للنص  وبدون حجة ليس بدين )

-المبالغة في إظهار مفاتن الجسد هو أنوثة مجروحة وفقدان لمعني الأنوثة الحقيقية يحتاج لإعادة إرشاد سلوكي مكثف لتوازن الأنوثة وغالبا ما تكون أنثي ظاهريا ولكن طباعها ذكورية بجدارة …!

-التفاخر بالدرجات العلمية “الإيجو العلمي” …إلخ من مظاهر تطرفية وسلوكيات مهينة للفرد والجماعة تجعلهم عرضة للأمراض النفسية نتيجة للمقارنات والإنبهار الكاذب..؛

إذن ما هو مقياس الشخص السوي بعيدا عن التطرف والمغالاة؟

المقياس هو “التوازن” والإعتدال في معظم معالم الشخصية دون التطرف ومحاولة الإبهار الهوسي ..لماذا لم أذكر ( لكل معالم الشخصية )لإن المثالية خدعة ولا يوجد شخص مثالي أو كامل ولكن هناك إكتمال بين العناصر ونقيضها يخلق إنسجام وهارموني للنتيجة والصورة النهائية..، وغالبا ما يكون هناك جانب أو أكثر يحتاج لتطوير الوعي به والإرشاد للوصول لحالة من التوازن..

 “التوازن “هنا مقصود به الوصول لحالة السلام النفسي والتصالح معها والإرتقاء بها بعيدا عن أعين الآخرين، وليس من السهل الوصول له إلا عن طريق الوعي الذاتي بالنفس ، ويعتبر أمر نسبي يرجع لتفاوت درجات الوعي وشفاء الجروح الداخلية في عمق الشخص وتدريجيا مع التخلص من “الإيجو الزائف” وأقعنة الحماية التي يلجأ لها الشخص كدرع نفسي يستطيع بعدها الإنسان أن يفهم نفسه وإحتياجتها وتصبح لديه شفافية للتعامل مع البشر والأحداث من حوله بشكل صحي متوازن وبالتالي لا يمكن بسهولة وقوعه في فخ النرجسية الإجتماعية ودراما الإعلام الإفتراضي الحاصلة لمعظم البشر وهو  أكبر فيرس مؤثر سلباً علي هوية النفس البشرية !

يقول تعالى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ

بقلم د.رشا أبو العز 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com