برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، انطلقت أمس في دبي، بحضور سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام، والدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اليمنية الشقيقة، وجاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أعمال «منتدى الإعلام العربي» في دورته الثانية والعشرين، والتي تمتد فعالياتها على مدار يومين تحت مظلة «قمة الإعلام العربي 2024» التي تشمل كذلك «المنتدى الإعلامي العربي للشباب» الذي اختتمت أعماله أول من أمس، وجائزة الإعلام العربي في نسختها الـ23، وجائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب في دورتها الرابعة.
وفي هذه المناسبة، رحب سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم بضيوف المنتدى من مختلف أنحاء العالم العربي، ومن خارجه، معرباً عن اعتزاز دبي بمواصلة دورها في دعم القطاع الإعلامي على مستوى العالم العربي، وسعيها المستمر لتعزيز الحوار بين القائمين عليه والمسؤولين عن صياغة رسالته، وتكوين ملامح مستقبله، من أجل التوصل إلى صيغ شراكات وأطر تعاون يمكن من خلالها تسريع وتيرة التطوير الإعلامي، بما يخدم مصالح الشعوب العربية ويدعم توجهاتها الاستراتيجية، ويساند خطاها على دروب التنمية الشاملة والمستدامة.
وقال سموه: «نعمل بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لتعزيز دور دبي في بناء شراكات تخدم قطاع الإعلام، وتدعمه في أداء رسالته والقيام بدوره في المجتمع على الوجه الأكمل، وبما هو مأمول له من اكتمال الاستعداد لمستقبل يواصل فيه إسهامه في تأكيد الثوابت الوطنية وترسيخ ارتباط الأجيال الجديدة بتاريخها وإرثها الحضاري والثقافي العريق».
وأعرب سموه عن ثقته في أن النقاشات التي تشهدها أروقة منتدى الإعلام العربي تخدم في إيجاد مقاربات واضحة حول مستقبل الإعلام، وما يجب القيام به من جهود مشتركة من أجل توحيد الرؤى وتنسيق المواقف فيما يتعلق بالقضايا المحورية المعنية بالمنطقة ومستقبلها، وقال سموه: «اجتماع نخبة الرموز الإعلامية العربية في دبي فرصة مهمة لتأكيد قدرة هذا القطاع الحيوي على مواكبة طموحات شعوب المنطقة للمستقبل.. الإعلام دوره محوري ومؤثر في الأخذ بدفة الحوار العربي نحو مزيد من التقارب والتنسيق وتمديد جسور جديدة للتعاون في شتى المجالات، بما يدعم العمل المشترك نحو آفاق أرحب من النمو والازدهار لكافة شعوب المنطقة العربية».
وقال سموه أمس في تدوينة عبر منصة «إكس»: «شهدت اليوم الجلسة الافتتاحية لمنتدى الإعلام العربي ضمن أعمال قمة الإعلام العربي.. نرحب بضيوف دبي من قادة الفكر والرأي وصناع القرار الإعلامي وسط حضور دولي كبير لأكثر من 4000 شخصية من حول العالم… السر وراء تحقيق نهضة البلدان وترسيخ التعايش في المنطقة هو إعلام ينتصر للإنسان والحقيقة أولاً.. واليوم نلمس جميعاً رغبة وجهود مشتركة لصناع القرار الإعلامي للمساهمة في مسيرة التنمية العربية ونهضة شعوبنا وتبني مبادرات تترك الأثر الإيجابي في أنحاء الأرض من أجل مستقبل أفضل للجميع.».
وحضر افتتاح منتدى الإعلام العربي في دورته الثانية والعشرين، سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي الرياضي، وسمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، ومعالي عبدالرحمن المطيري، وزير الإعلام والثقافة في دولة الكويت الشقيقة، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين، وحشد من القيادات والشخصيات الإعلامية البارزة في العالم العربي.
وضمن الافتتاح الرسمي للمنتدى، ألقى معالي جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، كلمة رئيسية تناول خلالها ملامح مهمة من تطور قطاع الإعلام على صعيد منطقة دول المجلس، وما صاحب هذا التطور من ظواهر جديدة، وما تستدعيه من تحرك مشترك لدول المجلس للاستعداد لما تحمله تلك الظواهر من فرص وتحديات.
واستهل معاليه الكلمة بالإعراب عن عميق تقديره إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وما يوليه سموه للإعلام والإعلاميين من اهتمام وتشجيع، مؤكداً معاليه أن منتدى الإعلام العربي، الذي تأسس برؤية وتوجيهات سموه، أصبح منارة للفكر والتجديد في المجال الإعلامي على مستوى المنطقة العربية، وبات يعكس التزام دولة الإمارات بتعزيز الحوار وتبادل الأفكار حول مستقبل الإعلام في المنطقة.
وأشاد معالي البديوي بدور دولة الإمارات ومدينة دبي، في دعم الإعلام وتوفير بيئة مثالية لنموه وازدهاره، بما لهذا الدور من أثر في دفع مسيرة التطوير الإعلامي، كما نوّه بالتقدم المستمر الذي حققه «منتدى الإعلام العربي» بخطوات ثابتة وإنجازات مشهودة منذ إنشائه قبل نحو ربع قرن.
وقال معاليه: «يلعب منتدى الإعلام العربي دوراً محورياً كمنبرٍ لتعزيز الحوار الهادف إلى النهوض بالأوطان وتنمية العقول، ويحمل الإعلام العربي على أكتاف أصوات متعددة ومناهج متنوعة، تتماشى مع التقاليد المحلية وتستجيب للتطورات الحديثة، ما يتيح له تقديم محتوى فكري يثري المشهد الثقافي والاجتماعي في المنطقة». وأكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن المجلس يؤمن بأهمية التنوع والحوار وبناء العلاقات على أسس السلام والوئام، حتى صارت دول الخليج ملتقى القارات والحضارات، وصانعة للمبادرات العالمية وصمام أمان وسلام للعالم أجمع.
وأثنى معاليه على دور الإعلام الخليجي الذي وصف دوره بأنه مؤثر ورئيسي في مسيرة مجلس التعاون وإنجازاته، بفضل دعم قادة دول المجلس للإعلام كركيزة أساسية في الرؤى المستقبلية الطموحة، وهو الدعم الذي اتخذ مسارات وأشكالاً عديدة ربما من أهمها تمكين الشباب وإفساح المجال للمرأة لقيادة المؤسسات الإعلامية.
واستعرض معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مجموعة من الإحصاءات والأرقام التي أظهرت تنامي انتشار وتأثير مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج وبين شعوبها، حيث تظهر الأرقام أنها من أكثر شعوب العالم استخداماً لتلك المواقع والمنصات بلغ عدد مستخدميها في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي نحو 58 مليون مستخدم، ما يعادل 96.55 % من عدد سكان دول المجلس، وذلك بواقع 27.235 مليون مستخدم لموقع فيسبوك، و49.37 مليون مشترك في يوتيوب، و 27.75 مليون مستخدم لإنستغرام، و46.99 مليون مستخدم فوق الـ 18 سنة لموقع تيك توك، ونحو 21.6 مليون مستخدم منصة X.
وأكد معالي البديوي أهمية مواصلة الجهود لتنظيم القواعد التي تضمن عدالة الحقوق والحرية والخصوصية والشراكة الإنسانية في عصر الذكاء الاصطناعي وما صاحبه من إيجابيات وما يشوبه من مخاوف، إذ حذر معاليه من المخاطر المصاحبة للتطور السريع والانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن البعض يلجأ إليها كوسيلة لترويج المخدرات وتجنيد العناصر الإرهابية والتأثير سلباً في السياسات والاقتصاد، الأمر الذي يتطلب جهوداً دولية مشتركة لوضع أسس وتشريعات وقيود صارمة لاستخدامات التقنية، لاسيما الذكاء الاصطناعي، في الإعلام.
وأرجع معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جانباً من تلك المخاطر إلى الافتقار إلى توازن عادل في نقل الأحداث بعيداً عن المصالح والضغوط، ما يجعل الحقيقة الضحية الأولى للحروب والنزاعات، مستشهداً بأمثلة قارن خلالها بين التغطيات الإخبارية التي أظهرت ازدواجية المعايير لدى بعض المؤسسات الإعلامية في تغطيتها للنزاعات الدائرة في المنطقة والعالم. وقال معالي جاسم البديوي خلال كلمته الرئيسية أمام منتدى الإعلام العربي الـ22 في دبي، إن دول الخليج العربية عنيت بتطوير البنية القانونية والتشريعات والأطر التنظيمية وأبدت اهتماماً كبيراً، بشأن المحتوى الإعلامي واستخدامات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الأمن السيبراني في المجالات الإعلامية، فيما رسمت دول المجلس أيضاً رؤيتها واستراتيجياتها الشاملة لدور الإعلام وأهميته، لضمان أن يكون الإعلام ليس فقط ناقلاً للأخبار، بل مؤثراً إيجابياً في تشكيل مستقبل مجتمعاتنا، وتأكيد فرص الوصول إلى إعلام عربي بأهداف مشتركة وموحدة يلبي تطلعات شعوب المنطقة.
جلسة حوارية
واستضاف «منتدى الإعلام العربي» جلسة حوارية بعنوان «الكويت نحو عقد إعلامي جديد»، تحدث خلالها معالي عبد الرحمن المطيري، وزير الإعلام والثقافة في دولة الكويت، حول أهمية تعزيز التعاون الإعلامي بين دول الخليج العربي وتوحيد الخطاب الإعلامي، مستعرضاً رؤاه حول تأثير الإعلام على المجتمع ودوره الإيجابي في تعزيز الوحدة الوطنية، ودعم مسار التنمية المستدامة في المنطقة.
وخلال الجلسة التي حضرها معالي جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي الرياضي، وسمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، وعدد من كبار المسؤولين وقيادات الإعلام العربي وأبرز صناع المحتوى، تطرق معالي المطيري، خلال الجلسة التي أدارتها الإعلامية هبة زعرور، من دبي للإعلام، إلى الاستراتيجية الإعلامية لدولة الكويت والرامية إلى تعزيز مكانتها مركزاً اقتصادياً وتجارياً وثقافياً، وهي الاستراتيجية التي انطلقت في العام 2021 وتستهدف النهوض بقطاع الإعلام وتطوير أدواته بمشاركة مؤسسات القطاع العام والخاص وأصحاب الفكر المبدع من شباب الإعلاميين والأكاديميين على مستوى دولة الكويت.
ولفت معالي المطيري إلى توجيهات صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، بأن يكون الإعلام الكويتي مِلكاً لأفراد الشعب، يعزز التواصل والشفافية بين مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن تطوير الإعلام في الكويت يسير وفق خطوات منهجية ومشاركة مجتمعية تضمن له النمو والاستدامة ومواجهة التحديات.
وأوضح معاليه أن الاستراتيجية الكويتية للإعلام ستشهد إطلاق مجموعة من المشاريع والمبادرات ومنها، إطلاق منصة 51 الرقمية، والتي اشتق اسمها من تاريخ بداية البث الإذاعي في العام 1951، حيث ستحاكي المنصة تطلعات الشباب المبدعين القادرين على تحمل المسؤولية وتعزيز مكانة الكويت إقليمياً ودولياً في الفضاء الرقمي، كما ستشهد الاستراتيجية إطلاق قناة إخبارية تنقل الصوت الرسمي وتبث المعلومات والأخبار الموثوقة، مؤكداً أهمية وجود وسائل الإعلام التقليدية التي لا غنى عنها للوصول لكل فئات الشعب وتعزيز التواصل بينهم.
وأشار معاليه إلى اتخاذ وزارة الإعلام والثقافة في دولة الكويت للعديد من الخطوات التي تهدف إلى إقامة شراكات مع كل وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، حيث منحت الوزارة العديد من التراخيص للمنصات الرقمية في إطار شراكتها مع القطاع الخاص، وتعزيز المهنية والموضوعية في صناعة الإعلام.