بقلم: د. مريم الشامسي
يستند البعد الوصفي للمسار الصوري في النسق القرآني على أن القضية مركزية في تحديد طبيعة الصورة في الآيات القرآنية وتتلخص في معرفة الطريقة التي تأتي من خلالها هذه الصورة إلى العين، وتستوطنها بوصفها نظيرًا للشيء الذي تقوم بتمثيله، ولا يعتمد هذا التمثيل البصري على المشابهة العقلية فحسب، فليس من مطالب الصورة التشبيهية أن توفر إقناعًا عقليًا بقدر ما تثير انفعالات نفسية تتجاوز حدود العقلانية المبسطة، كقوله تعالى: (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ) (الصافات 48: 49). ومعناه: “شبههنّ ببيض النعام المكنون في الأداحى، وبها تشبه العرب النساء وتسميهنّ بيضات الخدور” ويتمثل الجانب البصري في الصورة في استعمال دال اللون الأبيض، بما يشتمل عليه هذا اللون من دلالة سيميائية متجذرة في الثقافة العربية التي تميل إلى هذا اللون في النساء بدافع الفطرة، لأن “ذَلِكَ اللَّوْنُ أَحْسَنُ أَلْوَانِ النِّسَاءِ، وَقَدِيمًا شَبَّهُوا الْحِسَانَ بِبَيْضِ النَّعَامِ، وهذا يؤكد ما يتحدث عنه السيميائيون من أن “إدراك اللون هو إدراك ثقافي، فكل شعب وكل مجموعة بشرية تسند قيما ودلالات للألوان التي تعبر من خلالها عن حالة الفرح والحزن، وعن حالة السعادة والتعاسة وعن حالة الغنى والفقر وعن البرودة والحرارة؛ لذلك لا يمكن الحديث عن خطاب كوني موحد حول الألوان، فالدلالات الخاصة بالألوان هي دلالات محلية ومرتبطة بسياق ثقافي بعينه.
فالعلامة هنا تستند على الجانب البصري في التدليل على البعد الوصفي في السرد، ” باعتبار قدرة العلامة على توصيف يعتمد على حاسة البصر في المقام الأول، مع عدم اغتنائها عن الحواس الأخرى.