نظمت مكتبة الإسكندرية أمس الاثنين ندوة بعنوان «حماية حقوق الأسرة من المنظور الواقعي والقانوني»، بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية. والقى المحاضرة سيادة المستشار الدكتور محمود شعبان، المحامي بالنقض والإدارية والدستورية العليا، والأستاذة آية محمود شعبان، المحامية المتخصصة في قضايا الأسرة، والأستاذ وليد حبيب، استشاري الصحة النفسية.
وقالت الاستاذة “آية محمود شعبان” ان التقليل والتهميش وعدم وجود مشاركة للزوجة في إدارة بيت الزوجية، وما تعانيه بعض الزوجات من تهميش، سواء في الأمور والواجبات الفطرية الشرعية أو المهام اليومية فإن ذلك كله يعطي المعنى بعدم التوافق والتفهم من الزوج تجاه زوجته.
وأضافت “آية محمود شعبان” أن التكافؤ من أهم الشروط الضمنية المطلوبة عند الزواج، لأنه يعتبر تماثلا بل تقاربا بين مستوى الزوجة والزوج، مشيرة إلى أن من أهم عوامل التكافؤ الجانب الاقتصادي، يليه المستوى الثقافى والفكري، فينبغى أن يتحقق التكافؤ فى البناء العام للسمات الشخصية. ولا يمكن أن نغفل التكافؤ فى المشاعر، إذ لابد من أن يكون لدى كل منهما قدر من الحب والتقدير للآخر.
وتوضح أنه بالنسبة للتكافؤ السني، الأوفق ألا يزيد الفرق بين الطرفين على عشر سنوات لمصلحة الرجل، وهذا الفارق يساعد على تحقيق القوامة للرجل، بخلاف إذا تساويا فى السن، أو تقدمت الزوجة عليه فيه.
وقالت بلغ عدد حالات الطلاق 222 ألف حالة خلال 2020، وارتفعت بنسبة 13 في المئة لتبلغ 245 ألف حالة خلال عام 2021. وأضافت أنه وفقاً لبيانات عام 2020، تحدث حالة طلاق كل دقيقتين، ونحو 25 حالة في الساعة، وأكثر من 18 ألف حالة في الشهر. كما ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية قائمة المنقولات، التي يتم اللجوء إليها في حال وقوع الطلاق. فإذا لم يتم الانفصال بالتراضي بين الطرفين، فهذا يعني أن ساحات المحاكم لن تكفي للنظر في كل هذه النزاعات بين أزواج قرروا الانفصال بعد سنوات معدودة على الزواج.
كما تناولت المحاضرة تسليط الضوء على تفاقم المشاكل الأسرية ومن المؤكد قد ربط البعض الموضوع بمعدلات الطلاق التى تفاقمت فى المجتمع المصرى، وربطها البعض الآخر بمعدلات العنوسة. بعبارة أخرى، رأى البعض أن موضوع قائمة المنقولات تُزيد من درجة عنوسة النساء، لأنها ربما تساهم فى عزوف الرجال عن كتابتها، خشية من عواقبها إذا ما حدث خلاف بين الزوجين، واستخدمت فيه الزوجة قائمة المنقولات كوسيلة لحفظ حقوق المرأة. فى حين اعتبرها البعض وسيلة مهمة جدا ليس فقط لحفظ حقوق الزوجة، بل للحد من الطلاق الذى أصبحت ردهات وأروقة المحاكم تعج به.
وقال الدكتور محمود شعبان قد تنشأ المشكلة الأسرية في قضية النفقة من جانب الزوجة: حيث تطلب من زوجها نفقات كثيرة -لا يقدر عليها، أو تعسر عليه- فتصرفها في أشياء لا حاجة فيها، أو تبذر المال في الزيادة على الحاجة، منافسة لغيرها من النساء.
واضاف ” شعبان”: من الحقوق التي أثبتتها الشريعة الإسلامية للأولاد على الأباء النفقة التي تدخل في إطار نفقة الأقارب فالأولاد يستفيدون من نفقة الأب ذكورا كانوا أو إناثا إلى حين بلوغهم سن الرشد القانوني أي مرحلة الاعتماد على النفس.
وقال: ان الحياة الزوجية تقوم على التغاضي والتغافل بين الزوجين، وكذلك إتقان فن المسافات، ومعرفة متى نتحدث ومتى نصمت وإلى أين ننتظر. ويشير الواقع إلى أن نسبة كبيرة من حالات الطلاق التي تقع، سببها غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين في التعامل مع بعضهما، وعدم قدرتهما على معالجة المشكلات بهدوء. فيلجأ كل منهما إلى الصوت المرتفع ولغة التهديد والوعيد وربما وصل للضرب والاعتداء اللفظي والبدني. الزوجة التي تستقبل زوجها العائد إلى المنزل بعد يوم عمل شاق، بالشكوى من تربية الأولاد، وقلة المصروف، وزيادة المسؤوليات عليها، تفتقد للذكاء العاطفي. والزوج الذي تراه زوجته منهمكًا في عمله، شارد الذهن، كثير التفكير، فتقترب منه وتداعبه بابتسامة ولمسة حانية، فيصدها ويزجرها، هو زوج فاقد للذكاء العاطفي.
وتناول الأستاذ وليد حبيب استشاري الصحة النفسية تخلل فترة الخطوبة في كثير من الأحيان العديد من الخلافات؛ نظراً لحداثة هذه العلاقة، وعدم معرفة المخطوبين بعضهم ببعض، حيث يقع بعض المخطوبين في الكثير من المشكلات لعدم وجود المرونة الكافية بينهما، ومحاولة كل طرف تحقيق أحلامه ورغباته دونما الشعور بالآخر.
واضاف ان للحصول على فترة خطوبةٍ ناجحة يجب التركيز بشكلٍ أساسي على مهارات التواصل بين الخطيبين؛ فمن الأمور البديهية في أيّ علاقة توافر لغة الحوار بين الشريكين، ومن الأمثلة على ذلك مشاركتهما بعضهما بعضاً لجميع جوانب حياتهما، والأحداث اليومية التي يتعرضان لها.
وقال: “حبيب” أنتم معرضون كثيراً لخوض نقاش قد يتطور إلى جدال من وقت إلى آخر، لكن أكثر ما يهم الرجل هو طريقة الفتاة في النقاش، فإن كنت تريدين إنهاء الجدال من دون مشكلة، حاولي ضبط أعصابك، وأن تتجنبي الغضب قدر الإمكان، ولتناقشيه بكل هدوء واتزان، وكوني سيدة الموقف بهدوئك.
وتطرق “حبيب” أن الشك ما هو إلا بركان خامد يسكن قلوبكم، وانفجاره بالتأكيد سيهدم جسر المحبة بينكم؛ فلتقفوا عن تفسير بعض التصرفات أو قراءات ما بين السطور في كلامكم.
وأضاف: كيف نفرق بين الحب الحقيقي والمزيف؟ المحبة الحقيقية صادقة ونابعة من القلب ولا تثير الشكوك، فالحب الحقيقي يحتوي على التضحيات وتقديم الطرف الآخر على النفس، على العكس من الحب المزيف الذي يتسم بالأنانية. فعند اتخاذ القرارات الهامة في الحياة، فالحب الحقيقي يكون متأنياً باتخاذ القرار ويشركك فيه، على العكس من ضيق الأفق والتسرع والأنانية المتواجدة لدى الحب المزيف، فالحب المزيف لايهتم بما تحسه أو تشعره و يرى أنك دائما بدون قيمة، الحب الحقيقي يعرفك و يفهمك كشخص ويبذل مجهوده ليحبك أكثر و يفهمك حتى دون أن تتكلم، الحب المزيف لا يهتم بأفكارك و مشاعرك و لا يعرف مايجول بعقلك.
تناولت المحاضرة تسليط الضوء على تفاقم المشاكل الأسرية بشكل غير مسبوق، واستعراض الأسباب التي أدت إلى وصول الخلافات الأسرية إلى هذا المستوى وازدحام المحاكم بعشرات الآلاف من القضايا لأبسط الأسباب، بالإضافة إلى دراسة وتحليل المشكلات وأسبابها والحلول والمقترحات من المنظور الواقعي والنفسي والقانوني وأيضًا التوعية القانونية، وكيفية احتواء الأزمات الأسرية وتوعية الأسرة لكافة أفرادها حول المخاطر والمشاكل والأثار المترتبة عليها وعلى الأولاد وعلى الزوج والزوجة والاسرة.