من المؤكد أن الإعلام من إحدى أهم المؤسسات والأدوات التي تعتمد عليها الدول في استراتيجياتها الوطنية، سواء في التعريف والترويج لمشاريعها التنموية، أو في مواجهة التحديات التي تتعرض لها.

هذا الحديث قديم والكل يعرفه «من زمان»، لكن نلمح بين الحين والآخر تأكيدات بعضها صريحة وواضحة وبعضها على شكل تلميحات حول أهمية هذا القطاع الذي يطلق عليه مجازاً «السلطة الرابعة» بعد السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية، بل البعض صنفها في زمن ما بأنها السلطة الأولى؛ ذلك عندما تقوم بالدور الاستقصائي والاستكشاف.

خلال الأسبوعين الماضيين برزت محطات مهمة تؤكد على أهمية تعزيز هذا القطاع الحيوي المؤثر، وتأتي في مقدمتها توجيهات رئيس مجلس الإمارات للإعلام ببدء العمل على إعداد استراتيجية شاملة لتطوير قطاع الإعلام لمواكبة التطورات المتسارعة في القطاع.

وبهدف تعزيز تنافسيته، وتوسيع الحضور الإعلامي الإماراتي في المحافل الإقليمية والدولية، ثم إعلان حكومة دبي عن «منحة محمد بن راشد لطلبة الإعلام الإماراتيين» في كلية محمد بن راشد للإعلام لمن يرغب في تخصص الإعلام.

أهمية وضرورة الإعلام والإعلامي في وقتنا الحاضر تزداد لأننا في عصر كل حروبه إعلامية فإذا كانت الحرب الروسية -الأوكرانية تعتبر مثالاً في وقتنا الحالي منذ بدايتها إلى اليوم، ففي منطقتنا الأمر أخطر وأهم وقد عشنا تجارب رأينا خلالها أن المنتصر هو من يملك هذا السلاح خاصة الإعلام الحديث (وسائل التواصل الاجتماعي) ومن هنا ندرك أن الدول لا تكتفي فقط بالاهتمام بتدريب مواطنيها وإنما تعمل على صناعة نجوم إعلامية وفي كل مجال.

فإذا كان الإعلامي هو الشخص الدارس لتخصص الإعلام أو الشخص الذي يعمل في المؤسسات الإعلامية فإن تنوع القضايا وتعددها تحتاج لصناعة شخصية إعلامية مؤهلة علمياً وعملياً وشخصية تدرك أبعاد القضايا وجذورها ولديها المرونة في الانتقال من ملف لآخر فالقضايا باتت متعددة ولكن المشترك فيها هو الإعلام المقنع.

الدول تستطيع افتتاح وسائل الإعلام من قنوات ومنصات إعلامية وتفريخها بشكل كبير ولكن يبقى الأهم وهو العنصر البشري الذي لديه القدرة على صياغة المحتوى الإعلامي بطريقة مقنعة ومؤثرة، هو الذي تراهن عليه الدول فالإعلام مثلما هو قوة ناعمة من الممكن أن يكون قوة خشنة أيضاً إذا ما تم توظيفه بشكل جيد.

إذاً أصبحنا اليوم بأمس الحاجة إلى وجود النجم الإعلامي المؤثر الذي يحظى بقوة الحضور والتأثير مع الموضوعية والمصداقية وذلك عبر تواجده في عدة وسائل ومنصات بهدف الوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور مع التأكيد على كفاءته المهنية وإمكانياته وقوته المعرفية التي تدعم المحتوى الإعلامي.

يمكننا صناعة عدد من النجوم الإعلاميين من محاورين وكتاب وحتى مؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم من النجوم في المجالات الإعلامية المختلفة، عبر التعليم والتدريب وإتاحة الفرصة لهم عبر الشاشات والمساحات الصحفية والفعاليات الإعلامية.

في مقال سابق لي هنا في صحيفة «البيان» بتاريخ 18 يونيو 2022 بعنوان «قرار إعلامي استراتيجي مهم»، ذكرت فيه «أنه لتعزيز الحضور الإعلامي الإماراتي محلياً وعالمياً لا بد من تعزيز وجود كوادر إعلامية مؤهلة ومدربة قادرة على نقل قصص النجاح الإماراتية»، أنا شخصياً متفائل بالمحطات والمراجعات التي ذكرتها في بداية المقال فمن المتوقع أن تكون نتائجها تعزيز الحضور الإعلامي لمؤسساتنا الإعلامية محلياً ودولياً وبكوادر ونجوم إعلاميين من صناعتها.

بقلم: عبدالعزيز سلطان المعمري