مكتبات بلا جدران تتيح معارف متدفقة على مدار الساعة، وتسهم في تحقيق مجتمع المعرفة والتعلم المستمر مدى الحياة، إنها المكتبات الرقمية التي برزت بوصفها خلفاً تطورياً مكملاً للمكتبات التقليدية، وباتت مورداً شاملاً للمعلومات في مختلف المجالات.
للمكتبات الرقمية أدوار محورية في تلبية احتياجات التعليم وتطويره من خلال تزويد المعلمين والطلبة بقواعد معرفية في مجموعة متنوعة من الوسائط، ما دفع وزارة التربية والتعليم البحرينية لإطلاق مشروع مكتبتي الرقمية ضمن برنامج التمكين الرقمي في التعليم «مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل»، ونتيجة لإنجازات المشروع في نشر المعرفة، تم اختياره للفوز بجائزة التميز الحكومي العربي عن فئة «أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير التعليم»، بعد أن استوفى المشروع معايير الجائزة من الفكرة، والتخطيط والابتكار، وفاعلية التطبيق، والنتائج المؤثرة.
وكانت بداية مشروع «مكتبتي الرقمية» في عام 2017، عندما تبنّت وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين الفكرة بهدف التشجيع على إنتاج المواد التعليمية الإثرائية، ويتضمن المحتوى دروساً واختبارات وتجارب علمية وأنشطة إثرائية في كافة المواد، تم تطبيقها على 15 مدرسة كمرحلة أولى، ثم تعميمها على كافة مدارس المملكة.
ويقوم المشروع على إنتاج المحتوى التعليمي الرقمي، حيت ينتج المعلمون والطلبة بشكل مستمر محتوى خلال عمليتي التعليم والتعلم، ويتم نشر الإنتاج المتميز من المحتوى في موقع «مكتبتي الرقمية»، ليكون متاحاً وتشاركياً للجميع كموارد تعليمية مفتوحة OER، بعد تقييمه واعتماده وفقاً لمعايير ومؤشرات وسياسة محددة لضمان جودة الإنتاج الوطني من الناحية التربوية، ونشره على الموقع.
وانتقالاً إلى تطبيق المشروع، فقد وفر المشروع بعض الممارسات مثل سياسة الموارد التعليمية المفتوحة والدليل الإرشادي لإنتاج المحتوى ودليل معايير إنتاج المحتوى، واستمارة تقييم المحتوى التعليمي بهدف الاستفادة منها في بلورة وتنفيذ الفكرة، كما قدم المشروع خطة تنفيذية مقرونة بمؤشرات أداء وآليات تنفيذ من خلال «الدليل الإرشادي»، كما تم تدريب الطلبة والمعلمين على استخدام الموقع وآليات تقديم المحتوى الرقمي وإنتاجه.
وللتأكد من سير المشروع في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الأهداف، تم إعداد دليل متخصص لتقييم تنفيذ المشروع ومدى مناسبة المحتوى التعليمي وتوافقه مع السياسات الموضوعة، ويتم متابعة توافق المحتوى عبر التقارير الدورية واستمارات تقييم المحتوى والإحصاءات والتقارير.
وحقق المشروع إنجازات متنوعة تم رصدها عبر بحث شمل مدارس مملكة البحرين مثل مساهمة المشروع في تقديم فرص التعلم عن بُعد بنسبة 94.44%، وتأثير الورش التدريبية على كفاءة وجودة إنتاج المحتوى إلى 61.11%، كما أسفرت جهود المشروع عن نشر 1767 وحدة محتوى تعليمي رقمي على مواقع مكتبتي الرقمية من إنتاج المدارس، منها 1505 وحدات من إنتاج المعلمين، و262 وحدة من إنتاج الطلبة.
ولتعميم الفائدة على الجميع، يتيح المشروع سهولة الوصول إلى المحتوى دون الحاجة إلى التسجيل، مما يوفر الوقت والجهد للمستخدم، وإتاحة المحتوى للجميع داخل مملكة البحرين وخارجها.
واستمراراً لمسيرة نجاحات المشروع، فقد أسهم في توظيف الخبرات والاستفادة من مهارات وقدرات ومواهب الطلبة والمعلمين في إنتاج محتوى تعليمي إثرائي متخصص يدعم المناهج ويثريها، ووفر أيضاً فرصاً كبيرة للتشارك والتفاعل بين المنتج والمستخدم للمحتوى التعليمي من خلال التقييم والتعليق وتقديم المقترحات التطويرية.
ونتيجة لما تميّز به المشروع من جودة في الإعداد والتصميم والإخراج الفني، ومن اهتمام بالمضامين التربوية والتعليمية، فقد فاز المشروع بجائزة الإيسيسكو للموارد التعليمية المفتوحة في العام 2018.