|  آخر تحديث أغسطس 26, 2021 , 18:30 م

“أفغانستان.. أرض الغزاة” ليلة سقوط كابل


“أفغانستان.. أرض الغزاة” ليلة سقوط كابل



أفغانستان والتي تعني ” أرض الأفغان ” ، هي أحد أكثر الدول التي تحتل مواقع جيوستراتيجية هامة، إذ أنها من الدول التي تعمل على ربط الشرق والغرب وأيضاً الجنوب والوسط من القارة الآسيوية.

 

حيث أنها دولة حبيسة تقع في آسيا الوسطى، تحدها كل من طاجكستان وأوزبكستان وتركمانستان من الشمال وإيران من الغرب، والصين من الشرق، فيما تحدها من الجنوب باكستان الدولة النووية حليفة الولايات المتحدة الأمريكية.
تبلغ مساحة أفغانستان نحو 860 , 652 كيلومترا مربعا، ويبلغ عدد السكان 460 . 956 . 39 مليون نسمة ،

ويتكون سكان أفغانستان من عدة مجموعات عرقية وهي :
– البشتون: وهم الأفغان حوالي 40% – 50%
– الطاجيك: حوالي 37%
– الهزارة: حوالي 9%
– التركمان: حوالي 2%
– الأوزبك: حوالي 9%
– مجموعات أخرى: 2.5 %

 

الديانات :

 

الإسلام هو الديانة السائدة في أفغانستان، حيث يعتنقه 99.7% ، ويعد 84.7% من المسلمين من السنة ويتبعون المذهب الحنفي، في حين أن نحو 10% من الشيعة ، ويتبع معظمهم المذهب الاثني عشري، ولا يتعدى معتنقو الديانات الأخرى في البلاد 1% أغلبهم من أتباع السيخية والهندوسية.
اللغات : وهي 8 لغات :
– الفارسية الأفغانية( داري ) : ( رسمية ) يتحدث بها 78% من السكان.
– البشتو: ( رسمية ) يتحدث بها 50 % من السكان.
– الأوزبكية: يتحدث بها 10% من السكان.
– الإنجليزية: يتحدث بها 5% من السكان.
– التركمانية: يتحدث بها 2% من السكان.
– الأوردو: يتحدث بها 2% من السكان.
– النوريستانية: يتحدث بها 1% من السكان.
العربية : يتحدث بها 1% من السكان.

 

 

 

تقدر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن أفغانستان تمتلك بالمتوسط 1.6 مليار برميل من النفط الخام و 440 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي .
وتشمل موارد البلاد الطبيعية الفحم والنحاس وخام الحديد والليثيوم واليورانيوم والعناصر الأرضية النادرة والكروميت والذهب والزنك والتلك والباريت والرصاص والكبريت والرخام والأحجار الكريمة وشبه الكريمة.

 

وبالرغم من ذلك تعد أفغانستان واحدة من أفقر دول العالم وأقلها نمواً ، حيث عانت أفغانستان بشكل كبير من الغزو السوفيتي عام 1979 ، وما تلاه من صراعات، بينما زاد الجفاف الشديد في الفترة 1998 – 2001 من الصعوبات التي تواجهها أفغانستان.
أفغانستان… وإنتاج الأفيون:
تتربع أفغانستان على قمة الدول المنتجة للأفيون، على الرغم من إنفاق الحكومة ملايين الدولارات للقضاء على إنتاج المخدرات في البلاد.

 

ويأتي ثلث إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان من زراعة الخشخاش والاتجار غير المشروع بالمخدرات بما في ذلك الأفيون ، واثنين من مشتقاته المورفين والهيروين، فضلا عن إنتاج الحشيش.
وتفيد وكالة الاستخبارات الأمريكية، بأن حركة طالبان تشارك في تجارة الأفيون ، وبأن هذه التجارة تعتبر مصدراً رئيسياً لايردات الحركة داخل أفغانستان، وتؤكد الوكالة أن معظم كميات الهيروين المستهلكة في أوروبا مشتقة من الأفيون الافغاني ، حيث حققت صناعة الأفيون في 2019 مكاسب تترواح بين 1.2 مليار دولار و 2.1 مليار دولار، متجاوزة بذلك قيمة الصادرات القانونية للبلاد.

 

 

حركة طالبان،،،،
طالبان وتعني بالعربية الطلبة ، هي حركة قومية – إسلامية سنية سياسية مسلحة، تأسست عام 1994 ، وهي إحدى الفصائل البارزة في الحرب الأهلية الأفغانية، ومعظم منتسبيها من مناطق البشتون في شرق وجنوب أفغانستان، والذين قاتلوا في 27 أيلول/سبتمبر 1996 ، استطاعت حركة طالبان السيطرة على العاصمة الأفغانية كابل معلنة بذلك قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان، حيث نقلت العاصمة إلى قندهار، واستمرت بالحكم حتى 2001 ، عندما أطيح بها بعد غزو الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان في ديسمبر 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
إلا أنه حينها لم يعترف بحكومة طالبان دبلوماسياً الا ثلاث دول فقط : باكستان و المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

 

 

الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان:
بعد مئات من المليارات من الدولارات وعشرات الآلاف من القتلى من الجيش الأمريكي والتحالف الدولي ، انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من العراق وسلمته على طبق من ذهب لإيران، ومن ثم انسحبت من أفغانستان وسلمته بنفس الطريقة لطالبان، أمريكا تخرج من الشرق الأوسط تاركة خلفها إرث ثقيل من الصراعات والحروب والمنازعات في إطار حرب الكل ضد الكل !!.
الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان جاء للموازنة بين تحديات مكافحة الإرهاب ومواجهة الصعود الكبير للقوى الدولية الأخرى، وتأتي الرؤية الأمريكية على أساس خفض ميزانية الإنفاق العسكري لصالح دعم الاقتصاد الأمريكي والذي يواجه تحديات على المستوى الدولي مع روسيا والصين.
حيث سجلت الولايات المتحدة الأمريكية للانفاق العسكري عام 2011 أكثر من 855 مليار دولار بحجة تمويل القوات المنتشرة في الخارج.
إن الإنفاق العسكري للبلاد خلال السنة الجارية قد يصل إلى 934 مليار دولار أي ما يعادل 1.777 مليون دولار كل دقيقة !.
وأنفقت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من تريليون دولار على الحرب في أفغانستان خلال 20 عاماً ، منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001 .
حيث وجدت الولايات المتحدة ان استمرار تواجدها في أفغانستان أمرا مرهقاً للاقتصاد الأمريكي ، ويساهم في تعزيز التقدم الصيني على المستوى الاقتصادي ، حيث أن الصين لا تخوض حروباً ومستمرة في استثمار البنية التحتية والشركات في معظم دول العالم، وهذا ما يقلق الولايات المتحدة في سبيل بقاء الهيمنة على النظام الدولي.
بمجرد الإعلان عن بدء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، بدأت حركة طالبان تفرض سيطرتها على الأراضي خلال الشهرين ( يونيو وأغسطس 2021 ) .
حيث أنه وفي إدارة ترامب تم التوصل لإتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكتب السياسي لحركة طالبان على إدارة المرحلة الإنتقالية بشرط تخلي طالبان عن أعمال العنف ، إلا أن حركة طالبان رفضت ذلك وأصرت على تنفيذ هجمات على القوات الأفغانية.

 

 

إن الخروج الأمريكي من أفغانستان، سوف يعيد تنظيم القاعدة نشاطه في أفغانستان والمناطق المجاورة، مستفيداً من حركة طالبان على معظم الأراضي الأفغانية، فبالرغم من تعهد طالبان عدم استخدام الأراضي الأفغانية في تهديد الأمن القومي الأمريكي، إلا أن عودة تنظيم القاعدة والجماعات المنبثقة مثل داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية أمر بات محتملاً ، ما قد يشكل تهديد للأمن الإقليمي والدولي .
وبالرغم من الدوافع لخروج القوات الأمريكية من أفغانستان هي دوافع سياسية واقتصادية، إلا أن الواقع الجديد الذي ترتب على الخروج أكثر سواءاً من استمرار وجود القوات الأمريكية في أفغانستان، حيث لذلك تأثير كبير في منظومة العلاقات الدولية للسنوات القادمة .
خروج القوات الأمريكية من أفغانستان يعني نهاية لمشروع القرن الأمريكي الجديد الذي نظر له فريق المحافظين الجدد زمن إدارة الرئيس جورج بوش الإبن، المشروع كان يقوم على أساس انتهاء الحرب الباردة وسقوط الإتحاد السوفيتي يمنح الولايات المتحدة الأمريكية القدرة على فرض إدارتها على العالم أجمع دون النظر لفكرة التوافق الدولي أو القانون الدولي.
لذا فإن الخروج الأمريكي من أفغانستان يشكل بداية نهاية تفرد الولايات المتحدة بزعامة النظام الدولي، فالصين وروسيا بدأت في التعامل مع الوضع الجديد الذي تسببت به الخروج المتعجل للقوات الأمريكية من أفغانستان.

 

من هم قادة طالبان الذين سيحكمون أفغانستان:
تختلف أفغانستان اليوم عن تلك التي حكمتها حركة طالبان ما بين عامي( 1996) و ( 2001 ) بعد رحيل الإتحاد السوفيتي، فمن الصعب توقع كيفية حكم أفغانستان من قبل طالبان، كما قال رئيس الوزراء البريطاني ” بوريس جونسون ” امام البرلمان البريطاني ” الحكم على طالبان سيكون بأفعالها وليس أقوالها ” ، ويرجح كثير من المحللين الغربيين أن طالبان ستقوم بإلغاء دستور ( 2004) وتنشيء إمارة إسلامية في أفغانستان، ما يعني أن زعيم الحركة أي ” أمير المؤمنين ” سيكون الحاكم الرئيس للبلاد مثلما كان مؤسس الحركة وزعيمها الراحل( الملا محمد عمر ) قبل ربع قرن ، لكن سيكون الزعيم الحالي هو الرئيس او أي صفة تطلق على الحاكم الأول في أفغانستان.

القائد الأعلى ” هبة الله أخوند زاده ” :
تولى هبة الله أخوند زاده زعامة طالبان في 26 مايو / آيار عام 2016 ، بعد أن تم تعيينه في هذا المنصب من قبل مجلس الشورى لحركة طالبان خلفاً لزعيم الحركة السابق أختر محمد منصور الذي قُتل في غارة أمريكية بطائرة دون طيار في 22 مايو 2016 .
حيث أنه قاتل ضد القوات السوفيتية وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان، وعمل رئيساً لمحكمة عسكرية في كابل .
وتحت قيادة أخوند زاده وقعت طالبان اتفاق سلام تاريخي مع الولايات المتحدة في قطر في 29 فبراير 2020 ، حيث وصف أخوند زاده الاتفاق بأنه انتصار كبير لجماعة طالبان.

 

الملا عبدالغني برادر:
شارك في تأسيس الحركة مع الملا محمد عمر ، الذي توفي في 2013 ، ويترأس حاليا المكتب السياسي لطالبان، وكان جزءاً من فريق التفاوض في الدوحة بين الحركة والحكومة للتوصل إلى اتفاق سياسي ووقف إطلاق النار.
سراج الدين حقاني :
يعتبر سراج الدين حقاني هو الرجل الثاني في الحركة حاليا، وهو نجل أحد أشهر قادة القتال ضد السوفييت، جلال الدين حقاني، وزعيم الشبكة القوية التي تحمل اسم عائلته، والتي تعتبرها واشنطن ” إرهابية ” وواحدة من أخطر الفصائل التي قاتلت القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي، في العقدين الماضيين في أفغانستان.
الملا محمد يعقوب :
وهو نجل الملا محمد عمر ورئيس اللجنة العسكرية التي تتمتع بنفوذ كبير في طالبان والتي تقرر التوجهات الاستراتيجية للحرب ضد الحكومة الأفغانية.

 

شير محمد عباس ستانيكزاي:
شير محمد عباس ستانيكزاي الذي كان نائب وزير في حركة طالبان قبل الاطاحة بها ، يعيش في الدوحة منذ ما يقرب 10 سنوات، أصبح رئيس المكتب السياسي للجماعة هناك عام 2015 ، وشارك في المفاوضات مع الحكومة الأفغانية.
عبد الحكيم حقاني:
هو رئيس فريق طالبان المفاوض ، ويرأس ” مجلس علماء الدين ” ، ويُعتقد على نطاق واسع أنه الشخص الذي يثق به أخوند زاده أكثر من غيره .

 

وفي الختام ،،،
إن ما حدث في كابل لا يختلف كثيراً عن ” سايغون ” في فييتنام، حيث ذكر الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه: ” ما نراه يُثبت أن ما من قوة عسكرية يمكنها تغيير مجرى الأحداث في أفغانستان المعروفة بأنها مقبرة الغزاة ” .
وبعد ( 20 ) عاماً على حكم واشنطن،،،
سقطت ” كابل ” بيد طالبان بلمح البصر !!!

 

 

بقلم: فاتن الحوسني


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com