الحديث عن الذكاء يؤدى إلى الوصول إلى أنواع كثيرة من الذكاءات المختلفة، منها الذكاء الأخلاقي الذي يعد من المفاهيم الحديثة في التراث النفسي، والمهمة في تعديل سلوك الفرد، كما أنه من أهم الجوانب المهمة في الشخصية، لكونه يرتبط بقدرة الفرد على التعامل مع الآخرين بالطريقة الأخلاقية السليمة التي ينتابها. يعد الذكاء الأخلاقي بمثابة القابلية على فهم الصواب من الخطأ، وهو يعني أن يكون لدى الفرد قناعات أخلاقية يعمل عليها بحيث يتسنى له أن يتصرف بالطريقة الصائبة، وتضم هذه القابلية السمات الحياتية الجوهرية كالقـدرة على إدراك الألم لدى الآخرين، وردع الذات عن القيام ببعض النوايـا غيـر الطيبـة، والسيطرة على الدوافع، وتأخير الإرضاء، والإنصات لجميع الأطراف قبل إصدار الحكم وقبول الفروق وتقديرها، وتمييز الخيارات غير الأخلاقية، والوقوف ضد الظلم، ومعاملة الآخرين بالحب والاحترام.
ويعتبر من أبرز وأهم الموضوعات النفسية والأخلاقية التي أصبحنا في أمس الحاجة إليها، خاصة في عصرنا هذا، والذي يسمى بالعصر التكنولوجي، فشباب اليوم أصبحوا يعانون جملة من المشكلات الأخلاقية الناجمة عن الثورة التكنولوجية من جانب ونمو مفهوم العولمة من جهة والضغوط والفراغ من جهة أخرى، مما جعل الشباب يقضون ساعات طويلة أمام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، وكما لهذه التكنولوجيا الحديثة من ميزات لا أحد يستطيع أن ينكر سلبياتها وتأثيرها المدمرعلى سلوكيات وأخلاقيات الشباب فالتحديات التي تواجه الشباب أصبحت لا حصر لها.
الذكاء الأخلاقي يتجلى في أروع معانيه في كون الإنسان أخلاقياً، وهذا النوع من الذكاء يزداد كلما ازداد العمر الزمني للفرد، فهو ينمو ويتطور مع نمو الفرد، فعلى الأسرة إدراك ذلك وتنميته لدى أبنائها، فعليها الدور الأكبر في تنمية الذكاء الأخلاقي بأبعاده المختلفة لدى أبنائها ،فالوالدين،يعدان نموذجاً يحتذى به، فإذا تحليا بالذكاء الأخلاقي، أصبحا نموذجاً للابناء،فالابناء في حاجة ملحة لامتلاك القدر الأكبر من الذكاء الأخلاقي، فهو يساعدهم على تحويل انفعالاتهم وتصرفاتهم، السلبية غير اللائقة وسلوكياتهم غير المقبولة إلى انفعالات إيجابية من عطف وإيثار وحب واحترام وتعامل بضمير وغيرها من السلوكيات المقبولة التي تعمل على تقدمنا أخلاقيا وازدهار مجتمعنا وتقدمه.
بقلم: د. فاطمة الدربي