بعد تسعة أعوام أبعدوا خلالها عن الحياة الديمقراطية، يتوجّه الناخبون في بيروت وكل الدوائر في المحافظات إلى صناديق الاقتراع، غداً.
حيث سيدلون بأصواتهم على أساس قانون نسبي، لاختيار 128 نائباً في مشهد يحمل في طيّاته معنى التحدّي التاريخي، ذلك أن المجتمع المدني سيواجه السلطة الحاكمة، التي تسعى إلى إعادة إنتاج نفسها، كتلاً ورؤساء، وحكومة وبرامج، وحتى بيان وزاري.
ويتمثل المجتمع المدني بحفنة من النشطاء، قرّروا الخروج إلى المسرح وتحدّوا أمراء الطوائف والأزمات والعائلات السياسية التاريخية التي تناوبت على السلطة منذ الحرب الأهلية وما قبلها إلى اليوم. ولعلّ العدد الكبير من المرشحين ينطوي في حدّ ذاته على تمرّد على الأحزاب والقوى التي هيمنت على المشهد السياسي ولا تزال.
وفي خضمّ «حبس الأنفاس» ترقّباً لهذا الاستحقاق، لا تزال القوى السياسية، على اختلافها، تخشى مفاجآت غير محسوبة من انتخابات تجري على أساس قانون جديد، خلق إرباكات على كلّ المستويات وأيقظ الحساسيات والعصبيات الطائفية والمذهبية، وأعاد نصب المتاريس بين مفاصل البلد.
وفي المحصلة، باتت عملية فرز الألوان واضحة، فلكلّ لائحة لونها الموسومة به، ولونها السياسي، ولونها الانتخابي، قبل يوم الاقتراع وتصنيف الفائزين على تكتلاتهم وأحزابهم، أو استقلاليتهم، مع إسدال الستار عن مرحلة قد تكون عاصفة بالتحديات.
وبموازاة التمهيد للمنازلة الكبرى غداً، وعملاً بمبدأ «الصمت الانتخابي»، استراحت التصريحات والمواقف الانتخابية منتصف ليل أمس، ليستريح البلد من «هيستيريا» انتخابية وسياسية لم يشهد لها مثيلاً نتيجة قانون الانتخابات الذي فتح الحروب حتى بين أعضاء اللائحة الواحدة وليس بين اللوائح المتنافسة والقوى السياسية فقط، فبات كلّ مرشح يبحث عن نفسه.
ويحشد لنفسه الصوت التفضيلي الذي أفرغ النسبية من معناها الحقيقي. وقد شكا معظم المرشحين غير الأثرياء من أن هذا القانون، وصوته التفضيلي، فتح جيوب المرشحين الكبار المتموّلين على عملية رشى انتخابية، يقولون إنها باتت علنية. مع الإشارة إلى وجود 76 لائحة انتخابية في الدوائر الـ15 على امتداد لبنان.
ويتوجّه اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع غداً بعد تسعة أعوام للإدلاء بأصواتهم على أساس قانون نسبي، أبعد عنهم كأس الغالبية المرّة وقرّبهم أكثر من عدالة التمثيل، وركزت الماكينات الانتخابية، لمجموع 76 لائحة انتخابية في الدوائر الــ15، عملها على عقد اجتماعات تنسيقية بين ممثلي القوى المتحالفة للاتفاق على كل التفاصيل المتعلّقة بسير العملية الانتخابية.
والتزاماً منه بـ«الصمت الانتخابي»، كان المهرجان الذي أقامه اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، مساء أول من أمس، تكريماً للائحة «المستقبل» في بيروت الثانية، بمثابة المهرجان الانتخابي الأخير لرئيس الوزراء سعد الحريري، والذي خصّ جزءاً من خطابه في المهرجان للردّ على اتهام حزب الله لـ«المستقبل» بمساعدة التنظيمات الإرهابية في سوريا، ووصف هذا الاتهام بأنه مجرد افتراء،.
وهو عارٍ من الصحة وتزوير للحقيقة، فضلاً عن كونه تحريضاً طائفياً وتضليلاً. وتوجّه الحريري إلى البيارتة بالقول: معكم نستطيع أن نحمي بيروت من الهوا الأصفر «في إشارة إلى حزب الله، ونستطيع أن نبقي هويتها عربية، ونستطيع أن نصنع انتصار بيروت على كل الخيارات الغريبة عنها».