لا يبزغ فجر ولا تشرق شمس، ولا يهدل حمام، ولا يغرد نورس، وإلا ونتصفح سلوكاً، تفاعلياً مع الحاجة الإنسانية، يبرزه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبخطوات ثابتة تمضي الإمارات على سجادة الخير مزملة بمخمل السعادة، بفضل قيادة آمنت بأن السعادة سر النجاح، وبأن النجاح لا يتحقق إلا بالأمن وبأن الأمن لا تورق أغصانه إلا بجهود الذين يسهرون ليغط الناس في طمأنينة والذين يبذلون العرق، لترتاح الجباه من التعب، والذين يغدقون القلوب بأحلام لها شفرات أقلام، تخط سطور المستقبل، بأناة وتؤدة وتضع الطريق سالكاً كي تمر بها طموحات المحدقين في الآفاق الرحبة.. « حياة سعيدة وصحية لمن يعيش على أرضنا »، عبارة أطلقها سموه، بوعي وسعي، الذين لا يؤمنون إلا بسكنى هامات السحاب، ومحاذاة شغاف النجوم، عبارة تنبت كالنخلة، في وجيب القلب، وتدلي العناقيد طيعة خصبة، عبارة تؤكد أن الإمارات في الوجد قصيدة عصماء، وفي المجد هامة هيفاء، وفي الجد ساحة للنبلاء، وفي السؤدد، رجال أوفياء.
عبارة تخصب وتخضب، وتهذب وتشذب وجدان الناس أجمعين، ليصبح هذا المجتمع المثال والنموذج، لتلاقي السواعد وتساقي القلوب من عذوبة المعطى الحضاري، وخصوبة المنجز الإنساني.. عبارة ترتب مشاعر الناس، وتحفظها من أي غث أو رث، وتمنحها زهو التقدم وبهاء التطور، عبارة تنحاز للإنسان أي إنسان، من دون فوارق ما بين لون أو عرق أو دين، والجميع على أرض الإمارات سواسية كأسنان المشط، لهم الحقوق كما عليهم الواجبات.
هذه العبارة، يعطي من خلالها سموه طلقة التدفق باتجاه العمل، والسير بالسفينة نحو شواطئ توشوش فيها الموجة للنوارس، وتقول إن الحياة لا تزدان إلا بالعمل المخلص، والسلوك الصادق، والتفاني من أجل الوطن لكي يصبح دائماً الأحسن ويكون الأجمل والأكمل والأفضل، والأكثر نصوعاً، وينوعاً ويفوعاً، وسطوعاً.
هذه هي الإمارات، مطوقة بقلائد السعادة، وقصائد الأمان، يضع حباتها المتلألئة، وأبياتها المتألقة، رجال ثابتون كثبات الجبال.
نعيش ضمن مجتمع متغير، يتطور بفكره وثقافته يوماً بعد يوم، محافظاً في الوقت ذاته على أصالته وموروثه الشعبي الذي توارثه جيلاً بعد جيل، حيث تميزت دولة الإمارات على مر السنين بنموها المتزن في كل قطاعاتها الاقتصادية والتنموية، مع اهتمام مواكب لتطوير البنى التحتية، مما كان له دور في تحقيق استقرار المجتمع ورفاهيته وتطوره، وأصبح مجتمع الإمارات اليوم أكثر انفتاحاً ومواكبة لمستجدات العصر الحديث.
نستطيع أن ننطلق في رصد تطور مجتمع الإمارات، من لحظة التأسيس لهذه الدولة، دون إغفال لموروثها الحضاري السابق، ولكن انطلاقتها الحديثة تؤرخ من لحظة إقامة اتحاد عقلاني تجنب الشطحات النظرية البعيدة عن الواقع، الاتحاد الذي قاده حكماء هذا المجتمع، وعلى رأسهم المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخوه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وإخوانهما حكام الإمارات المؤسسين، طيب الله ثراهم، فسفينة هذا الاتحاد أوصلت مجتمع الإمارات إلى بر الأمان والاستقرار والازدهار، وكانت تجربة وحدوية ناجحة بكل المقاييس العصرية، وأصبحت مثلاً يضرب في نجاح التجارب الوحدوية إقليمياً وعالمياً.
أثمر هذا الاتحاد إنجازات يصعب سردها في هذه العجالة، فالاتحاد كان عاملاً في خلق تنافسية إيجابية، فأقيمت في مختلف أنحاء الدولة، المشاريع التنموية المتوازنة التي ساهمت في توفير كل عناصر الازدهار والاستقرار والرفاه لكل أفراد المجتمع.
كما أن نعيم الازدهار لم يُنس مجتمع الإمارات وقيادته واجباتهم الإنسانية تجاه شعوب العالم، وامتدت أياديهم البيضاء إلى أصقاع الدنيا بالعون والإغاثة لمن احتاجهما، وإقامة المشاريع دون منّة أو مصلحة مرجوة، فكانت من أولى الدول في هذا المضمار بشهادة المنظمات الدولية المعنية. وأصبح الفرد على أرض الإمارات يفخر بانتمائه لهذه الدولة، ويعتبر نفسه جزءاً لا يتجزأ من ملحمة البناء والتحديث، يساهم بكل إمكاناته التي اكتسبها في تعزيز أركان الاتحاد، وينعم في الوقت ذاته بما تحقق من منجزاتها الحضارية. رغم كل ذلك، نجد أن فئة محدودة جداً من هذا المجتمع، تغفل أو تتغافل عما تم تحقيقه من إنجازات ورخاء واستقرار يفتقده العديد من الدول، وتصر على التعاطي مع المجتمع من منظور قاصر يفتقر إلى الحكمة، ويتسم بضيق الأفق وعتمة الرؤية لما هو مضيء وإيجابي، فينعكس ذلك في نظرهم بصورة غير واقعية عن المجتمع، يجعلهم يعيشون بعيداً عن ذلك الواقع الذي يشهد له القاصي والداني، فهذه الفئة تعتقد أنها قادرة على استغفال أفراد المجتمع والحيد به بعيداً عن مساره الصحيح، غير مدركة لأنها تتعاطى مع مجتمع استثنائي.. مجتمع كان ولا يزال يقود قاطرة التحديث والتطوير والبناء، فقادة الإمارات جعلوا نصب أعينهم إنسان الإمارات، واستثمروا فيه أولاً ليقود بدوره دفة التحديث والتطوير والبناء. لم تدرك تلك الفئة أن مجتمع الإمارات لم يكن معزولاً عن الواقع الذي يعيشه، بل كان وما زال جزءاً منه، وحاضراً بفكره وجسده في أذهان قيادته. مجتمع الإمارات ليس كتلك المجتمعات الخاوية التي لا راية لها ولا ناصية، فهو يمتلك غذاءه الروحي الخاص به الذي يستمده من تعاليم ديننا الحنيف، وهو يعي جيداً معنى المواطنة، وأن يكون جزءاً من مجتمع يتأثر به ويؤثر فيه. أضحى مجتمع الإمارات يزن الأمور بموازينها الصحيحة.
مدركاً أنه يستمد هويته من دينه الحنيف وموروثه الثقافي والحضاري العربي والإسلامي، ويعي جيداً أنه جزء من وطن هو “الإمارات”، له قيادة يعتز بها ويلتف حولها، تدير شؤونه وتوجه دفته، قيادة تتمتع بقدر وافر من البساطة والشفافية والمصداقية تجاه أفراد المجتمع، والوفاء بكل وعودهم والتزاماتهم، وتلاحمهم المباشر مع المجتمع دون حواجز بروتوكولية مصطنعة، مما أسهم في تماسك المجتمع واستقرار وتطور دولة الإمارات بثبات وروية، فحكام الإمارات هم من أعرق السلالات القبلية في جزيرة العرب، تلك القبائل التي تحمل بين أجسادها قلوباً نقية، وأرواحاً طيبة، كتب لها أن تتلاقى مع سمة المجتمع الإماراتي القبلي البسيط، وشكلت بذلك رابطاً وترابطاً قوياً تعجز أكبر القوى عن فك ارتباطه، فالترابط المجتمعي والروحي أسمى وأرفع منازل التآلف والتكاتف.
ذلك التلاقي الممزوج بالمحبة والإخلاص والصدقية، هو الذي شكل نواة لمجتمع استطاع أن يبني دولة عجز المؤرخون عن وصفها، وتاه المحللون بين ثنايا أسبابها، أملاً في الوصول إلى وصفة يداوون بها جراح المجتمعات والشعوب التي بدأت تتشتت وتتلاشى. تلك هي دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة “أبناء زايد”، طيب الله ثراه، دولة أبناء خليفة بن زايد،، حفظه الله.
بقلم: محمد عبدالمجيد علي