غلى إقليم كردستان على مرجل التظاهرات في مدن عدة على رأسها السليمانية، إذ قتل خمسة أشخاص وجرح العشرات بعد رشق المتظاهرين مقرات للأحزاب بالحجارة، ما ردّت عليه قوات الأمن بإطلاق النار في الهواء وحصارهم ما أدّى إلى تفرّقهم، فيما أكّدت حكومة الإقليم أنّها تعتبر التظاهر حقاً مشروعاً، شريطة عدم استغلال المطالب بما يحقّق مآرب «أعداء كردستان».
وقتل خمسة أشخاص وأصيب آخرون بجروح،في المظاهرات التي تشهدها، لليوم الثاني على التوالي، للمطالبة بإقالة الحكومة ومحاربة الفساد وتحسين الوضع الاقتصادي. واندلعت التظاهرات في مدن حلبجة ورانية وكفري في السليمانية وكويسنجق التابعة لمحافظة أربيل. وأضرم المحتجون النار بقائمقامية بلدة كويسنجق الواقعة تحت هيمنة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
ونجحت قوات الأمن بمركز مدينة السليمانية في تفريق المتظاهرين بعد إطلاق عيارات نارية في الهواء، ومنعتهم من التجمع في ساحة السراي، موقع التظاهر. وقال نزار محمد أحد منظمي التظاهرات في السليمانية: «تجمّع متظاهرون وسط السليمانية، لكن قوات الأمن وصلت وقامت بمحاصرتهم وفرقتهم. وانتشرت قوات الأمن بكثافة في موقع التظاهرة والشوارع الرئيسية وقرب مقار الأحزاب الرئيسية.
ورشق المتظاهرون في بلدة كفري جنوب مدينة السليمانية، مقراً للحزب الديمقراطي الكردستاني بالحجارة، فيما قام عناصر الأمن بإطلاق النار في الهواء لتفريقهم. وقال أحد المتظاهرين وهو شاب جامعي في كفري، مخاطباً حكومة الإقليم: «لم تستطيعوا الدفاع عن المناطق المتنازع عليها واليوم لا تستطيعون إدارة النصف الباقي»، في إشارة إلى مدينة كركوك الغنية بالنفط. ووفق متابعين ميدانيين، تصاعدت سحب الدخان وألسنة اللهب من مقار الأحزاب الكردية الرئيسية في مناطق عدة بمحافظة السليمانية.
وقال شهود عيان إن المتظاهرين يحضرون للاعتصام، وإن بعضهم ينصب خياماً في ساحة السراي وسط مدينة السليمانية، وهي الساحة التي شهدت اعتصاماً طال لنحو شهر في 2011.
بدورها، أكّدت حكومة الإقليم، في بيان، أنّها تعتبر التظاهر حقاً مشروعاً وظلّت تدافع عنه على الدوام، مضيفة: «ننظر بقلق إلى هذه الممارسات البعيدة عن المدنية وإلى العنف الذي استخدم في عدد من مدن وبلدات كردستان».
وأضافت الحكومة أن التظاهرات السلمية والمدنية للمطالبة بالحقوق ضمن إطار القانون، ممارسة ديمقراطية مسموح بها تماماً، لافتة إلى أنّ استغلال هذه الحقوق والمطالب للمواطنين لممارسة العنف وإثارة المشكلات وتخريب الأمن والاستقرار، وبالأخص في الوقت الذي يمر الإقليم بأوضاع صعبة ويواجه مخاطر التخريب وإفشال وتفكيك كيانه السياسي والدستوري، لن تعود بالفائدة على أحد سوى أعداء كردستان، لذلك لا يمكن القبول به قطعاً.
من جهته، أعلن محافظ السليمانية هفال أبوبكر، عن دعمه الكامل لمطالب المتظاهرين المشروعة، داعياً إلى عدم السماح بحدوث اشتباكات قد تؤدي لزعزعة أمن المجتمع في الإقليم.
وقال أبوبكر في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه مع الأطراف السياسية: «لا يمكن أن نقف ضد بعضنا البعض، وأن تتم إراقة الدم الكردي بأيدي الأكراد، فالدم الكردي أغلى لدينا من المقرات والمناصب ومن أي شيء آخر، ندعم المطالب المشروعة للمواطنين، لكن يجب أن تكون ضمن الإطار القانوني والسلمي، لسنا في زمن نظام البعث لنقوم بالتغيير عن طريق الانتفاضة، فالعنف سيؤدي إلى تأخر تنفيذ مطالبنا، ولهذا لا يجوز استهداف أي مؤسسة مدنية أو حكومية من أجل المطالبة بالحقوق».
ودعا محافظ السليمانية جميع الأطراف السياسية، إلى عدم خلط الصراعات السياسية مع المطالب المشروعة للمواطنين، بل يجب أن ينقلوا صراعاتهم إلى صناديق الاقتراع.
في السياق، أشار وفد كردستان، الذي يزور ألمانيا حالياً، برئاسة نيجيرفان بارزاني، إلى أنّ «بقاء وحماية الإقليم مهم لترسيخ الاستقرار في المنطقة، وسط مخاوف كردية جدية من تغيير الدستور وإلغاء الحكم الفيدرالي والتعامل المركزي مع الإقليم كمحافظات فقط». إلى ذلك، أكّدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، دعم بلادها للحقوق الدستورية لإقليم كردستان في إطار العراق الموحّد.