برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء والمشرف العام على كافة مشاريعه وخططه الاستراتيجية والتطويرية، انطلقت أمس أعمال «الحدث العلمي لمركز محمد بن راشد للفضاء».
وأكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، أن العالم في تطور مستمر، وأن تنظيم هذا الحدث يتماشى مع رؤية وتوجيهات القيادة التي تهدف إلى تنمية القدرات الوطنية في أبحاث الفضاء والتكنولوجيا، وقال في تغريدة عبر حسابه في «تويتر»: «حضرت مع أخي الشيخ عبد الله بن زايد افتتاح الحدث العلمي لمركز محمد بن راشد للفضاء».
وأضاف سموه: «سعدت بوجود طلابنا مع الخبراء وصناع القرار في هذا الحدث العلمي.. هم أملنا ومستقبلنا.. وستكون لهم بصمة إماراتية متميزة في صناعة المستقبل».
وألقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، الكلمة الرئيسة خلال افتتاح الحدث، مستعرضاً خلالها أهم المراحل التي مرت بها مسيرة المعرفة الإنسانية والتي كان للحضارتين العربية والإسلامية إسهام جليل فيها امتد إلى نحو عشرة قرون من العطاء الفكري والعلمي.
وخلال جلسة الافتتاح الرسمي للحدث العلمي الذي أُقيم في متحف الاتحاد في دبي، تناول سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان محطات مهمة في مسيرة التطور العلمي والمعرفي منذ مرحلة مبكرة من تاريخ الإنسانية، مؤكداً أن العرب والمسلمين قدموا للعالم فلسفات وأفكاراً واختراعات على مدى ألف عام تقريباً، ارتفعت معها قيمة المعرفة والعلوم ليكون النتاج الفكري لتلك المرحلة بمثابة القاعدة التي ارتكزت عليها حركة التطوير التي باشرها فلاسفة وعلماء الغرب وصولاً إلى النهضة العلمية الهائلة التي شهدها العالم في القرن التاسع عشر وتمثلت في اكتشافات واختراعات حيوية، كالآلة البخارية والهاتف وكالكهرباء وغيرها.
وتطرّق سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في كلمته إلى التحوّل العلمي والتكنولوجي الكبير الذي شهده العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، لاسيما في مجال تقنية المعلومات وحلول الاتصال والتي تضمنت ظهور منصات التواصل الاجتماعي بما أحدثته من اثر عميق على المجتمعات الإنسانية، علاوة على الطفرة الكبيرة التي حققتها البشرية بظهور الذكاء الاصطناعي الآخذ في التطور السريع، واستحداث تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المُعَزَّز وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي تخدم العديد من القطاعات البحثية والتطويرية وغيرها من أوجه التطوير التكنولوجي التي طالت العديد من مجالات الحياة.
وقال سموه: إن فكرة -روح العصر- التي ناقشها العديد من الفلاسفة والمفكرين تعني باختصار أن لكل عصر طابعاً فكرياً وفنياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، والناجحون والعظماء والمؤثرون هم من يفهمون روح عصرهم، ويتفاعلون معه تبعاً لمُحدداته الحضارية، أما من يعيش في الماضي فقط، ويحاول إسقاطه على الواقع فإنه يفشل دائماً.
وأكد سمو وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية أهمية الماضي كمصدر نستلهم منه الحكمة والقيم الرفيعة، مع ضرورة الاهتمام بروح عصرنا الحالي والتي تتجسد في العلوم، مشيراً سموه إلى أن البشرية قد تكون أمام نقلة نوعية حضارية لاسيما مع تنامي الاهتمام بعلوم وتكنولوجيا الفضاء الذي يفتح أمام البشرية آفاقاً كبيرة للتطوير لتحقيق حياة أفضل للجميع.
وكان سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، يرافقه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، قاما بجولة تفقدا خلالها الفعاليات المصاحبة والتي تضمنت عدداً كبيراً من الجلسات النقاشية، حيث حضرا سموهما جانباً من جلسة خُصصت لمعالي سارة الأميري، وزيرة الدولة المسؤولة عن ملف العلوم المتقدمة، قائد الفريق العلمي في «مركز محمد بن راشد للفضاء» للحديث حول الأهداف العلمية لـ «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ»، وكيف يدرس مسبار الأمل الغلاف الجوي لكوكب يبعد عنه آلاف الكيلومترات وكيفية معرفة مكونات الغلاف الجوي وتركيبته على الرغم من عدم القدرة على رؤيته بالعين المجردة.
وأوضحت معالي الأميري خلال الجلسة أن مهمة مسبار الأمل تتمحور حول دراسة أسباب تسرب غازي الهيدروجين والأوكسجين نحو الفضاء ومعرفة العلاقة والتفاعل بين الطبقات العليا والسفلى للغلاف الجوي لكوكب المريخ.
كما تحدثت عن كيف تم تحديد الأدوات العلمية الثلاث في المسبار وخصائصها ولماذا تم اختيارها وما هي البيانات التي ستجمعها وترسلها إلى كوكب الأرض. كما استعرضت معاليها بعض المعلومات المهمة حول مسبار الأمل .
وأشارت إلى أن مداره حول كوكب المريخ، البيضاوي الشكل، ويتراوح ارتفاعه عن سطح الكوكب بين 22000 و44000 كلم، ما سيمكننا من توفير أول صورة شاملة عن كيفية تغيّر الغلاف الجوي للمريخ وتغيرات الطقس على مدار اليوم وعبر كافة فصول السنة بشكل مستمر.
ويتضمن الحدث العلمي الموجّه إلى قطاع التعليم والقطاعات المرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا في دولة الإمارات، مجموعة كبيرة من الفعاليات منها نحو 30 محاضرة وجلسة حوارية وورشة عمل حول العديد من الموضوعات المتعلقة بالبحوث والتقنيات الفضائية، والإرشادات التوعوية الهادفة إلى تعزيز ثقافة البحث والتطوير والاستكشاف، بمشاركة عدد كبير من طلاب الجامعات والمدارس من مختلف المراحل التعليمية.
وعرض المركز كذلك خلال الحدث العلمي الأول من نوعه تجربة اختبار زراعة بذور خضار في تربة مصنّعة بمكونات تشبه تربة المريخ، ومراقبة نموها ومنتجها مقارنة بزراعتها في تربة الأرض، حيث حصل الطلاب على بعض العينات لإجراء هذه التجربة في منازلهم ومشاركة نتائجهم في مدة زمنية معينة، إذ تأتي التجربة في إطار جهود استكمال المرحلة الأولى من برنامج «محاكاة المريخ».
حضر افتتاح الحدث العلمي لمركز محمد بن راشد للفضاء معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، ومعالي حسين الحمادي، وزير التربية والتعليم، ومعالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة ورئيس مجلس إدارة «وكالة الإمارات للفضاء».
عرض 31 متحدثاً من «مركز محمد بن راشد للفضاء» والقطاع الأكاديمي والمجتمع العلمي في الدولة، أوراقاً بحثية وعلمية تتناول جوانب عديدة حول علوم وتكنولوجيا الفضاء، بالإضافة إلى مشاركة خبراتهم العلمية والهندسية في مختلف المهمات والبرامج الفضائية الإماراتية المتمثلة في «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ»- «مسبار الأمل»، «خليفة سات» وبرنامج «المريخ 2117»، و«برنامج الأقمار الصناعية النانومترية لطلبة الجامعات»- «أنسوب»