أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن مسيرة النماء في دولة الإمارات ومنذ انطلاقها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ومع استكمالها على يد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بمتابعة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، اتسمت بالاستثمار في بناء الإنسان، لتوفّر الإمارات لأبنائها ومنذ وقت مبكر كل مقومات النجاح والتميز دون تفرقة بين رجل وامرأة لكونهما شريكين مسؤولين عن بناء مقدرات الوطن والحفاظ على مكتسباته، لتواصل الدولة منذ تأسيسها تهيئة المناخ الداعم الذي يمكِّن جميع أفراد المجتمع من الإسهام بصورة إيجابية في تحقيق رفعة الإمارات وتقدمها وازدهارها.
جاء ذلك خلال حضور سموه إطلاق “دليل التوازن بين الجنسين .. خطوات عملية للمؤسسات في الإمارات العربية المتحدة”، الذي أطلقه مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، كأول دليل من نوعه على مستوى العالم لدعم التوازن بين الجنسين في بيئة العمل، وكمرجع محوري لمؤسسات الدولة ضمن القطاعين العام والخاص على طريق تقليص الفجوة بين الجنسين، بما يدعم رؤية الإمارات 2021 وأهداف التنمية المستدامة 2030.
وقال سموه: “في العام 2015، أسّسنا مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين بهدف الوصول بدولة الإمارات إلى مركز عالمي متقدم ولتعزيز تنافسيتنا في هذا المجال، استكمالاً لمسيرة بدأت منذ عقود؛ فدستورنا نصّ على تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وما نشهده اليوم من تقدّم ملحوظ في مشاركة المرأة وانجازاتها ضمن مختلف القطاعات هو نتاج لنهج قام على مبدأ تكافؤ الفرص بينما تظل الكفاءة والقدرة على البذل والعطاء الفيصل الرئيس في ضمان التميز لأصحابه”.
ودعا سموه القطاعين العام والخاص للتعاون في تطبيق ما جاء في الدليل من قواعد وإرشادات، مؤكدا سموه أنه على الرغم من أن تجربة الإمارات في مجال دعم المرأة وتحقيق توازن الفرص بينها وبين الرجل وصلت إلى مرحلة متقدمة، إلا أن جني ثمار تلك التجربة، وضمان مكانة رفيعة لدولة الإمارات في مؤشرات التنافسية العالمية ذات الصلة لن يكتمل إلا بتضافر كافة الجهود والتعاون في ترجمة مضمون الدليل إلى إنجازات عملية ملموسة على أرض الواقع، إذ تظل المشاركة الجماعية مطلبا رئيسا لبلوغ هذا الهدف.
وبهذه المناسبة، وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تحية إعزاز وتقدير إلى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة “أم الإمارات”، منوها سموه بالإسهامات الجليلة والمبادرات والمشاريع النوعية العديدة التي قدمتها سموها على مدار سنوات طويلة دعماً للمرأة ليس فقط في دولة الإمارات ولكن على مستوى العالم العربي ككل، لتكون تلك الإسهامات أساساً لتعزيز فرص التوازن بين الجنسين بإفساح مجالات أكبر أمام المرأة للمشاركة إلى جوار الرجل وإثبات جدارتها واستحقاقها بنيل شرف خدمة وطنها وترسيخ ركائز نهضته.
وحضر صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ورشة عمل بعنوان “تعزيز التوازن بين الجنسين في المراكز القيادية” على هامش حفل إطلاق دليل التوازن بين الجنسين، حيث استمع سموه لمناقشات المشاركين، والتي دارت حول موضوع التوازن ومتطلبات تحقيقه في مكان العمل، وركزت الورشة على أهمية تمثيل الموظفين من كلا الجنسين في مختلف المستويات داخل المؤسسة، وخصوصاً في المراكز القيادية، كما تناولت النقاشات الآثار الإيجابية للتوازن في فرص وصول النساء والرجال إلى هذا المستوى الوظيفي ومردود ذلك على تعزيز بيئة العمل بشكل عام.
وأكدت سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين أن مفهوم “التوازن بين الجنسين” ليس جديداً على دولة الإمارات العربية المتحدة، بل هو جزء لا يتجزأ من مجتمعنا ومرتكز رئيسي لتوجهات واهتمامات قيادتنا الرشيدة منذ تأسيس الدولة عام 1971، مضيفةً أن مسيرة الإمارات في هذا المجال قد نالت احترام وتقدير العالم، واننا اليوم نجني ثمار الجهود المبذولة لتحقيق هذا التوازن والاستثمار في العنصر البشري كأهم مورد لنهضة وتقدم الإمارات في كافة الميادين.
وقالت سموها: “استكمالاً لهذه المسيرة المُشَرِفة، نُطلِق دليل التوازن بين الجنسين، ليكون مرجعاً وأداةً شاملة تُساعِد المؤسسات الحكومية والخاصة على دعم التوازن في مكان العمل، من خلال توضيح المقاييس والخطوات الملموسة التي يجب اتباعها لتنفيذ متطلبات هذا التوازن، والموضوعة وفقاً لأرقى المعايير الدولية، بما يتفق مع القوانين المحلية لدولة الإمارات العربية المتحدة ومبادرة مؤشر التوازن الوطني، ما يُسهم في تحقيق الهدف الذي حدده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لمجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين عند توجيه سموه بتأسيسه، وهو الوصول بالإمارات لقائمة الدول الأولى عالمياً في /مؤشر الفرق بين الجنسين/ بحلول العام 2021”.
وأضافت سموها أن الدليل يتوافق مع أهداف “رؤية الإمارات 2021″، والتي تسعى إلى رفع مستوى مشاركة المرأة في المجتمع، لاسيما على الصعيد الاقتصادي، وسيساهم تطبيقه في تحقيق التزامات الدولة نحو أهداف التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة، الأمر الذي يمنحها مكانةً أكثر تقدُّماً في مؤشرات التنافسية العالمية المرتبطة بتحقيق التوازن بين الجنسين، مؤكدة أهمية تلبية دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتكاتف كافة الجهود حكومياً ومجتمعياً نحو إنجاز خطوات عملية وفعّالة على طريق تقليص الفجوة بين الجنسين في كافة القطاعات، والبناء على المكتسبات التي حققتها الإمارات في هذا المجال، مستنيرين بالرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة، التي تطمح دائما للمركز الأول مستندة إلى قدرات أبناء الإمارات وما يتسمون به من مستوى عال من الولاء الوطني وروح الابتكار وتوحد الرؤية والهدف مع قيادتهم.
وأكدت سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم أن التوازن بين الجنسين يمثل ركيزة رئيسية لاثنين من أهداف ومحاور رؤية الإمارات 2021، هما التلاحم المجتمعي والاقتصاد المعرفي، ويدعم الدليل المؤشرات الوطنية المرتبطة بهما مثل مؤشر التلاحم المجتمعي ومؤشر السعادة، كما يُعتبر أداة دعم للمؤشرات الوطنية المُصَممة حديثاً لتحقيق التوازن بين الجنسين، حيث يُمَكِن المؤسسات من وضع المبادرات التي من شأنها تحقيق مؤشرات أداء أفضل في هذا المجال، موضحةً أن قياس مدى التقدم وفق مؤشرات التوازن بين الجنسين سيتم بناءً على ثلاثة جوانب رئيسية هي: تولّي المرأة مناصب قيادية عليا، وحضورها في مجالات تقنية ومتخصصة، وتأسيس أماكن عمل تدعم التوازن بين الجنسين.
وحول أهمية الدليل، أشارت سموها إلى أنه يجسد خطوة عملية نحو تحقيق أهداف مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، متوجاً إنجازات المجلس التي حققها خلال عامين فقط من تأسيسه بفضل دعم قيادتنا الرشيدة، وفي ضوء التعاون البنَاء مع الشركاء المعنيين محلياً ودولياً، مؤكدة أن هذا الدليل يعد بمثابة نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من التميز عبر مضاعفة العمل على إحراز سلسلة من الأهداف الاستراتيجية خلال الفترة المقبلة، في إطار اختصاصاته كجهة اتحادية معنية بهذا الملف، وبالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة على مستوى الدولة.
وأوضحت سمو رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين أن الدليل تم تطويره بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية /OECD/، في إطار حرص المجلس على بناء شراكات مثمرة وتبادل الخبرات والرؤى مع المنظمات الدولية صاحبة الخبرة والتجارب المُمَيزة، معربةً عن شكرها لجهود المنظمة وتعاونها البنّاء في إعداد الدليل، كما أعربت عن شكرها لأعضاء وفريق عمل مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، مثمنةً جهودهم في التواصل مع الجهات الحكومية والخاصة، واللقاءات المستمرة مع المسؤولين والخبراء الدوليين المتخصصين في مجال النوع الاجتماعي.
وتضمّن حفل الإطلاق، الذي أقيم بفندق ميناء السلام في دبي، جلسة حوارية حول الدليل، تحدثت فيها سعادة منى غانم المري، نائبة رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، والسيدة ماري كيفينييمي، نائب الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وأدارها سعادة عبد الله ناصر لوتاه، مدير عام الهيئة الاتحادية للتنافسية والاحصاء عضو مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين.
وخلال الحوار، بدأت سعادة منى غانم المرّي باستعراض أهداف مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين التي تركز على جعل دولة الامارات نموذجاً عالمياً للتوازن بين الجنسين من خلال العمل على تقليص الفجوة بين الجنسين في كافة قطاعات الدولة، وتعزيز وضع الدولة في تقارير التنافسية العالمية في مجال الفجوة بين الجنسين، والسعي لتحقيق التوازن بين الجنسين في مراكز صنع القرار، وتعزيز إسهامات دولة الإمارات كمرجع لتشريعات التوازن بين الجنسين.
وقالت سعادتها إن التوازن بين الجنسين من الملفات الوطنية المهمة، وكان ذلك سبباً في أن يأتي الدليل شاملاً ومُبسّطاً في التناول، متضمناً ما يُمكِن لجهات العمل الحكومية والخاصة أن تقوم به من خطوات إذ يضع أطراً واضحة ومعايير محددة تُساعِدها على تهيئة البيئة الملائمة والداعمة للتوازن ومعالجة الفجوات، سواءً كانت تعني الرجل أو المرأة، بينما يُقَدِّم الدليل عرضاً عاماً للفرص التي تضمن التنفيذ الفعّال للتوازن في إطار عمل الإدارة والأداء والسياسات، كما يتضمن أفضل الممارسات والسياسيات المُشَجِعة على مزيدٍ من التوازن في ظروف العمل والمميزات والحقوق والواجبات، وأدوات إدارة الموارد البشرية والمبادئ التوجيهية للممارسات الجيدة، بالإضافة إلى المبادئ التوجيهية لصنع السياسات التي تساهم في رسم نهج وطني يخاطب المؤسسات الحكومية والخاصة لدعم التوازن.
وأوضحت سعادة منى المرّي أن مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عقدا سلسلة من الاجتماعات المكثفة، بمشاركة مؤسسات من مختلف المستويات الحكومية وشركات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية، ضمن الجهود المبذولة لجمع معلومات حديثة من هذه المؤسسات، تمهيداً لإعداد وتطوير الدليل، معربةً عن شكرها لهذه المؤسسات على مقترحاتهم القيمة خلال فترة إعداد وتطوير الدليل، والتي كان لها أثر طيب في أن يخرج بهذه الصورة الشاملة.
ورداً على سؤال حول اختيار مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين التعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في إصدار الدليل، قالت سعادتها إن المنظمة تتمتع بتاريخ طويل من العمل في مجال تحقيق التوازن بين الجنسين، وتمثل مصدراً مهماً لأفضل الممارسات والبيانات الموثوقة بشأن الخطوات الواجب تنفيذها /على صعيد تنفيذ مبادرة التوازن بين الجنسين/ في مناطق مختلفة من العالم علاوةً على أن إنجازات العديد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتصدر الجهود العالمية في مجال تقليص الفجوة بين الجنسين، في حين يتضمن الدليل أمثلةً على السياسات والاستراتيجيات التي تطبقها تلك البلدان لتضييق الفجوة بين الجنسين.
وأشارت نائبة رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين إلى أن الدليل تم إعداده وتطويره في ضوء التوصيات التي تبنتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في العام 2015 بشأن التوازن بين الجنسين في الحياة العامة، وتوصياتها في العام 2013 بشأن التوازن بين الجنسين في مجالات التعليم والتوظيف وريادة الأعمال، كما يعتمد على نتائج تقرير المنظمة حول مستوى التوازن بين الجنسين في دولة الإمارات والصادر في العام 2010، وأفضل الممارسات العالمية لدول أعضاء في المنظمة.
وأضافت أن تطبيق الدليل من قِبَل القيادات وصناع القرار والمسؤولين والموظفين في القطاعين العام والخاص بالشكل الأمثل، سيكون أحد العوامل الرئيسية التي ستجعل من جهود دولة الإمارات نموذجا يحتذى به في تحقيق التوازن بين الجنسين في مكان العمل، مثلما تَحققَ في مجالات أخرى عديدة أحرزت فيها نجاحات مشهودة، كما سيدعم توجهاتها فيما يتعلق برفع مستوى مشاركة المرأة في مجال العمل وتحقيق تكافؤ الفرص مع الرجل، وصولًا إلى أرفع المراتب في شتى القطاعات كشريك لا غنى عنه في تعزيز قدرات الوطن وبناء مستقبله.
من جانبها، أكدت ماري كيفينييمي، نائب الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن مسألة تحقيق المساواة بين الجنسين تشكل تحدياً عالمياً، وأن العديد من الثغرات في هذا المجال لاتزال قائمة في اتجاه رفع وتيرة التوازن بين الجنسين في مختلف القطاعات، من خلال منح المرأة فرص متساوية مع الرجل في الوصول إلى مراكز صنع القرار والمناصب القيادية في الحياة الاقتصادية والعامة.
وقالت كيفينييمي : ” تقع على عاتق القادة السياسيين مسؤولية كبيرة في التعامل مع هذا التحدي الاجتماعي والاقتصادي، ولذلك تضطلع المؤسسات والمنظمات في القطاعين العام والخاص بدورٍ رئيسي في ضمان بيئة مهنية أكثر شمولية وتماسكاً تراعي تكافؤ الفرص والإنصاف والمساواة بين الرجل والمرأة”.
وأضافت نائب الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قائلة : ” دليل التوازن بين الجنسين: خطوات عملية للمؤسسات العاملة في الإمارات العربية المتحدة، الذي تم تطويره بالتعاون الاستراتيجي بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين هو أداة عملية مبتكرة، ترسم خارطة طريق للمؤسسات من أجل الاستفادة من القدرات الكامنة التي تتمتع بها المرأة .. وتشكل الإجراءات الملموسة المدرجة في هذا الدليل خطوة مهمة في التقدم إلى الأمام وجعل المساواة بين الجنسين حقيقة واقعة في المجال المهني وفي صياغة مستقبل مستدام بنهضة حضارية شاملة”، مؤكدةً أن هذا الانجاز النوعي وغير المسبوق في ملف التوازن بين الجنسين يستدعي تكامل الجهود الدولية في التنفيذ الناجح لآليات الدليل “.
وتعقد على مدار يومي 19 و20 سبتمبر، على هامش الإطلاق الرسمي للدليل 7 ورش عمل تشمل، الالتزام بالتوازن بين الجنسين ومتابعة تقدمه وترسيخ مفهومه ليصبح ضمن الممارسات الإدارية المؤسسية، تطبيق سياسات وبرامج تراعي التوازن بين الجنسين، تعزيز التوازن بين الجنسين في المراكز القيادية، دمج منهاج إدارة الموارد البشرية المراعية للنوع الاجتماعي، وضع موازنة تراعي النوع الاجتماعي، إشراك كادر الموظفين في تحقيق التوازن، استخدام التواصل الذي يراعي النوع الاجتماعي.