ان اسوء ما نعاني منه في الوقت الحالي هو تجاهل أهمية الوقت , والذي ان تعمقنا في فهم أهميته سنعي حجم الكارثة التي نرتكبها يوميا في حق أوقاتنا . يروى ان برنارد بنسون الكاتب الانجليزي المشهور مؤلف كتاب ” السلام ” والعديد من الكتب التي مازلت أتذكر محتواها لليوم لروعة محتواها وجمال صياغتها , انه قد قال مرة ” ليتني أقف عند ناصية شارع مزدحم , وبيدي قبعة أتوسل الناس أن يلقوا بها أوقات فراغهم التي يضيعونها ” , وغالبا لو كان فعلها لحصل على آلاف الساعات التي يهدرها الناس بلا فائدة , فأكثر ما ننجح فيه نحن بنو الإنسان هو تضييع الوقت بدون اي فائدة تذكر . قام خبير ادارة الوقت الشهير مايكل فورتينو بإجراء دراسة دقيقة عن كيفية استغلال الوقت بالنسبة للفرد الأمريكي , ولابد لنا أن نضع تحت مسمى ” أمريكي ” مئات الخطوط , فوجد انه يفعل الآتي : يضيع سنة كاملة في البحث عن الأشياء التي وضعها في غير مكانها الصحيح , ويقضي ثمانية أشهر في فتح الرسائل الالكترونية , ويقضي خمس سنوات واقفا في الطوابير ! . فإن كان هذا حال الفرد الأمريكي , فليس الحال افضل منه بكثير في بلادنا العربية , بلاد الجمود والتراجع والطوابير ! في الحقيقة ليس بإمكان أي حد ان يقول انه من الممكن إيجاد حل جذري لمشكلة ضياع الوقت , ولكن أهمية الإستفادة من الوقت قدر الستطاع هو أمر لا يشوبه شائب ولا يختلف عليه إثنان , شريطة ان يعي الإنسان ويتذكر دائما انه هو المتحكم والمسؤول الوحيد عن وقته وليس الآخرون , وان علاج ذلك بيده هو نفسه . وللسير على المنهاج الصحيح بغية الإستفادة قدر المستطاع من الساعات المهدورة يوميا , يقدم لنا خبراء إدارة الوقت وعلماء التنمية الذاتية بضعة نصائح تساعدنا على ذلك.
أولا : احرص دائما على تحديد أولوياتك وأهدافك, واسأل نفسك دائما ان كان العمل الذي تقوم به هو الاكثر أهمية في الوقت الحاضر أم لا , وفي حقيقة الأمر تحديد الأولويات حسب أهميتها من أهم وسائل الحفاظ على الوقت , والقيام بلأعمال في وقتها المحدد وعلى أكمل وجه.
ثانيا : خصص الوقت الذي تكون فيه في أفضل حالاتك الجسدية والنفسية للقيام بمهامك وأعمالك الأكثر أهمية , فليس من العقول ان تخرج للتنزه مع أصدقائك وعند العودة ليلا تقوم بمراجعة دروسك مثلا !
ثالثا : ركز دائما على نتائج العمل الذي تقوم به , وليس على مقدار الوقت والجهد , فعندما تدرس مثلا لا تنظر في عدد الساعات التي امضيتها وانت تذاكر دروسك , فقط انظر للنتيجة الرائعة التي تنتظرك , ولثمار جهدك وتعبك التي بإذن الله ستكلل بالنجاح والتوفيق و حينما تقطف ثمار ذلك النجاح صدقني ستنسى كل لحظة أمضيتها بين حنايا كتابك متعبا و قابعا في غرفتك لتقترب من حلمك أكثر فأكثر , فقطف ثمار النجاح تنسيك مشقة الطريق مهما كان طويلاً.
رابعاً : مفتاح الوقت بالنسبة لي هو الاستيقاظ مبكرا , ولعل كل من حولي يعلمون انني من عشاق الاستيقاظ مبكرا بكل نشاط وحيوية خاصة بعد آذان الفجر , مما يمكنني من القيام بعملي على أكمل وجه, حاول الاستيقاظ مبكرا ولو بنصف ساعة فقط, وحينها ستجد انك اضفت ساعتين ونصف الساعة لأسبوعك الدراسي او العملي , اي 130 ساعة في العام الواحد , وتخيل كيف ستستفيد من هذا الوقت.
قد تبدو للبعض ان هذه النصائح هي أمورا نظرية فقط , ولكنني حاولت جاهدة ان اصوغ حروفي من واقع تجربتي الشخصية وخوفي من ضياع ساعة بدون فائدة ورغبتي في استثمار وقتي قدر المستطاع وخاصة في طاعة الله , ويا ليتني استطيع ان اقوم بما فعل المدعو برنارد بنسون فأطلب من الناس ان يعطوني وقتهم الضائع . ألم يقل رسولنا الكريم عليه أفضل السلام وأتم التسليم : ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس , الصحة والفراغ . ” صدقت يارسول الله .
استثمر وقتك قدر المستطاع من الآن فاللحظة التي تمر لا تعود أبدا , وعقارب الساعة لا تنتظر أحدا.