تصدر ملف الإرهاب أعمال المؤتمر الأول لرؤساء البرلمانات والمجالس العربية الذي بدأ أعماله في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة أول أمس (الأربعاء)، تحت شعار «رؤية برلمانية لمواجهة التحديات الراهنة للأمة العربية»، بمشاركة 17 رئيس برلمان، وعلى رأسهم رئيس المجلس الوطني الاتحادي معالي الدكتورة أمل القبيسي، التي دعت إلى صياغة رؤية عربية مشتركة بشأن كل الأزمات، مُشددة على أنه لا يمكن التفكير في التنمية المستدامة قبل اقتلاع الإرهاب من جذوره.
ولفتت رئيس المجلس الوطني الاتحادي معالي د.أمل القبيسي في كلمتها، إلى أن المؤتمر مبادرة تحاول مواكبة تطلعات الشعوب العربية، لا سيما مع التحديات التي تقلقنا على المستقبل، مشددة على ضرورة اتحاد الأمة العربية لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية وتجاوز الخلافات.
وقالت معاليها أن البلدان العربية تواجه تحديات وجودية قد تؤدي إلى إعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية أو عقائدية أو جغرافية أو سياسية، لافتة أن هذه التحديات تتطلب التفكير جليا في كيفية بناء أسس جديدة للعمل العربي المشترك.
وأضافت معاليها إن العرب لن تقوم لهم قائمة لأمنهم أو مستقبلهم أو مصيرهم إلا من خلال توحيد الجهود والعمل الجاد على استشراق المستقبل الآن، وإلا لن يكون لنا وجود في المستقبل والعمل الجاد في تنفيذ القرارات التي تتطلع لها شعوبنا العربية التي يئست من انتظار تنفيذها.
ورأت معاليها أن من أولى المهام التي يجب أن يطلع بها المؤتمر هو الموافقة على دورية انعقاد مؤتمر رؤساء البرلمانات العربية ليضيف زخما إلى مؤسسات العمل البرلماني العربي المشترك.
واقترحت معالي القبيسي تشكيل لجنة مصغرة من بعض رؤساء البرلمانات العربية وبمشاركة رئيس البرلمان العربي ورئيس الاتحاد البرلماني العربي لإعداد مشروع نظام أو لائحة لمؤتمر رؤساء البرلمانات العربية، وقالت أن أهمية إنشاء مثل هذه المؤسسة «مؤتمر رؤساء البرلمانات العربية» تنبع من كونه يضم قادة العمل البرلماني العربي الذين بإمكانهم إزالة أي عراقيل أو مصاعب تواجه تطور مسيرة العمل البرلماني العربي المشترك.
واوضحت معاليها ان الدول العربية جميعها بمؤسساتها التنفيذية والتشريعية والاجتماعية والأهلية والدينية يجب أن تكون مستنفرة لمواجهة قوى الإرهاب والتطرف التي تعيث فسادا في الأرض العربية، تارة بتدمير الأوطان والمجتمعات، وتارة بالخروج على القيم والثوابت والأطر النظامية والاجتماعية، وتارة ثالثة باستباحة القوى الأجنبية لبعض أراضي الدول العربية دون مراعاة لمبادئ الشرعية الدولية.
ولفتت معاليها أنه وفق التقارير الدولية الصادرة عن البنك الدولي منذ أسابيع قليلة فإن هناك 87 مليون عربي، وتحديدا من دول العراق وسوريا وليبيا واليمن، أي نحو ثلث أبناء الدول العربية، تضررت مناحي حياتهم بشكل كامل من ويلات الإرهاب والتطرف.
وقالت معالي القبيسي أن هناك أكثر من 45 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر، وهم في حاجة ملحة إلى مساعدات إنسانية عاجلة بسبب العمليات الإرهابية، وإن بلاء الإرهاب جعل الإقتصادات العربية تخسر في عام 2015 أكثر من 50 مليار دولار وفق تقديرات البنك الدولي، بالإضافة إلى الكثير من الحقائق المفزعة المتعلقة بالبطالة وتدمير مؤسسات التعليم والصحة.
وأضافت معاليها «يكفينا في هذه اللحظة أن نفكر معا في بحث أسس العمل العربي المشترك أو التضامن العربي في مواجهة الإرهاب والتطرف فقط، وسيكون لنا إمكانية ولو لمرة واحدة أن نقتلعه من جذوره، بدلا من بحث التعاون العربي المشترك في مواضيع شتى لا يمكن تحقيق نتائج مأمولة منها في ظل استمرار الإرهاب وانعدام الأمن والاستقرار للمواطن العربي».
وتقدمت معالي د.أمل القبيسي بمقترح صياغة رؤية برلمانية عربية مشتركة تحت مسمى «الميثاق البرلماني العربي لمكافحة الإرهاب والتطرف»، وأن يتم تشكيل لجنة مصغرة من ثلاثة أو أربعة رؤساء للبرلمانات العربية للإشراف على إعداد مثل هذا الميثاق.
وأكدت أهمية عقد مؤتمر برلماني متخصص لمكافحة الإرهاب والتطرف تدعى إليه المؤسسات الدينية العربية وخبراء التعليم والإعلام والثقافة وبعض ممثلي المنظمات غير الحكومية لتدارس كيفية وقاية شباب الأمة من الفكر المتطرف، ونشر ثقافة وقيم التسامح والاعتدال والوسطية والعلم الشرعي الصحيح المستمد من نصوص الكتاب والسنة.. وأن يتم عقد هذا المؤتمر تحت رعاية الجامعة العربية.
وقالت معاليها انه إضافة إلى الإسراع في تنفيذ متطلبات إنشاء مجلس السلم والأمن العربي ومحكمة العدل العربية باعتبارها خطوات أساسية لتعزيز المفهوم المشترك للأمن القومي العربي فأن ذلك قد يمثل تمهيدا حقيقيا للتفكير في إنشاء الاتحاد العربي على غرار الاتحاد الأوروبي.
ومن جهته، قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن «هناك تحديات خطيرة تهدد دول المنطقة وفي صدارتها ظاهرة الإرهاب المتنامية التي تهدد الأمن القومي العربي».
وأعرب العربي عن أمله في أن يسهم المؤتمر في اتخاذ خطوات عملية للخروج من الأزمات الراهنة التي تعصف بالدول العربية وتهدد استقرار المنطقة برمتها، مشدداً على أهمية هذا المؤتمر الأول من نوعه على المستوى البرلماني، من أجل بلورة رؤية برلمانية عربية للتعامل مع التحديات الراهنة، لافتاً إلى أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى للعالم العربي.
وفي كلمته، شدد رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان، على أهمية المؤتمر الذي يكتسب أهمية قصوى في ظل النظر للظروف البالغة الحساسية التي تعيشها الأمة العربية.
بدوره، أكد رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم في كلمته، أن «العمل العربي المشترك سيظل هدفاً وقضية مركزية وهدفاً استراتيجياً وكياناً بنيوياً بالغ الأهمية».
وقال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، إن الخطر الذي تستشعره الدول العربية ويحيط بها يتطلب جهداً عسكرياً ومعلوماتياً واحداً، من أجل التغلب على مصادر دعم الإرهاب، مؤكداً ضرورة وجود خطط حماية ملزمة لمواجهة نقمة الإرهاب.