انتشر فيديو الحاج عبد العظيم الصعيدي في الوطن العربي وغزا مواقع التواصل الاجتماعي، حيث احتفى رواد السوشيال ميديا بالطيبة والشهامة والامانة والحرص على الحلال ” حلال دي يا ولدي” حيث هزت حكايته قلوب وضمائر الجميع، فرغم الحاجة الماسة وتوغل سنوات العمر على وجهه إلا أنها لم تغير فيه ثوابه وقيمه ومبادئه، فكثيرون يبيعون كل شيء من أجل المال وقليلون مثل الحاج عبد العظيم.
فلم يكن المشهد الذي ظهر خلاله «الحاج عبد العظيم» مع الإعلامي المصري أحمد رأفت، مذيع الشارع، بعدما تحولت ابتسامته إلى دموع بمجرد حصوله على 3 آلاف جنيه، أمرًا جاء بالصدفة، أو تمثيلا اتفق عليه الرجل الستيني مع المذيع، لكنها قصة ورسائل ربانية، استجاب فيها الله لدعاء العجوز، الذي ترجى من ربه أن يفتح له باب الرزق قبل اللقاء التليفزيوني.
نجل «الحاج عبد العظيم» الأوسط، وفق صحيفة «الوطن» حكى قصص الشقاء والعناء التي ارتسمت على وجه والده، أثناء الظهور الإعلامي، قائلا ما شاهده الجمهور من أسئلة بسيطة وجهها إليه الإعلامي أحمد رأفت ليخبره بعدها بفوزه بالمبلغ المالي، وراءها تفاصيل أخرى، متابعا: « كل شوية يبكي من وقت ظهوره في البرنامج، ولما بنسأله عن السبب بيقول ده بيني وبين ربنا، ودي إشارة منه على الرزق، لأنه في الليلة اللي قبلها كان بيقيم الليل، وعرفنا منه أنه دعى ربنا يفتح باب رزق».
«جدي اتوفى وأبويا عاش بعدها طفولة صعبة في السن ده، اضطر يشتغل عشان يصرف على والدته واخواته، وكان يشيل عدته على كتفه ويطلع يسترزق من شغله في المعمار».. بهذه الكلمات روى عبد الله عبد العظيم، قصة حياة والده التي حملت ملامح وحكايات الشقى وعناء الأيام، فلم يشكو من حمل «القصعة» أدوات عمله في مجال البناء، وهو طفلًا يخرج من منزله في إحدى قرى الصعيد يقضي ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة.
الطفل الذي ولد في قرية الأغانة بسوهاج، واجه ظروفا قاسية بعد رحيل والده، وهو بعمر 8 سنوات، ويضيف الابن: «مرت سنوات وظل عبد العظيم سيد يعمل باليومية ما يزيد عن 12 ساعة يوميًا، في عز الظروف الصعبة اللي كنا بنعاني منها كأسرة قدر يعلم أخواتي لحد ما اتخرجوا من كلياتهم، كان هو بيتعب ويشتغل، حتى في عز تعبه عمره ما قال كلمة أه».
بعد زواجه شد «عبد العظيم» الرحال، مودعًا أسرته بحثا عن لقمة العيش في إحدى الدول العربية، فهجر قريته وأهله ليواجه مصيرا مجهولا على حد وصف عبدالله، قائلا: «كان بيتغرب بالسنين، ومش بنشوفه غير كام شهر طوال الـ 25 سنة اللي قضاها في الخارج، عشان يوفرلنا مصاريف، كان بيحرم نفسه عشان يشوفنا مش محتاجين حاجة».
يضيف «عبد الله» أن والده البالغ من العمر 67 عامًا، لا يترك فرضًا وكان يحافظ على الصلاة ولا يؤخرها، ولا يطيق أن يظل أحدًا بالمنزل بعد الأذان: «والدي راجل مبيسبش فرض، مبيحبش قرش حرام يدخل بيته، ودايمًا بيسألنا حلال ده يا ولاد؟ دي قاعدة اتربينا عليها أنا وإخواتي من و إحنا أطفال».
«أبويا أتم حفظ القرآن الكريم من وهو صغير، على يد أخوه الكبير الشيخ علي في القرية، وبعد وفاة أخوه أتم حفظ القرآن كاملا، وبطبيعته هو لازم بيتأكد هل ده حلال ولا حرام»، موضحًا أنه بعد 25 عامًا قضاها في الغربة، عاد الوالد واستكمل عمله، ولم يتذمر الأب الستيني من استيقاظه مبكرًا وحمله «عدة الشغل» التي ظل يحملها على كتفيه لعقود، لكن أبنائه قرروا أن يستريح بعد عناء سنوات وتولوا مسؤوليته: «والدي من كام سنة لما رجع من الخارج رجع يكمل شغل، بس تعب ومبقاش قادر يشتغل، ده اللي خلانا نقلنا من قريتنا في سوهاج، وجينا على القاهرة عشان نلاقي شغل».
والد «عبد الله» الحاج عبد العظيم عاش بارًا بوالدته، وكذلك هو الحال مع زوجته: «زي ما كان بار بوالدته، كمان بيعامل والدتنا أفضل معاملة، وبيخاف عليها من نسمة الهوا، وبيشيلها من على الأرض، ولو عرف إن حد فينا زعلها في يوم من الأيام بيعاقبوا عقاب شديد»، مؤكدًا أن والده كان دائم السؤال عن الرزق الحلال، ولا يبتغي غيره، وهو ما كان يحمل همه طوال سنوات عاشها أولاده الـ 6 في كنفه: «هو دايما كدا أهم حاجة عنده يسأل عن اللقمة الحلال، ولأن هو مش بيشتغل بحكم السن لما أنا أو حد في إخواتي بنقوله خلي القرشين دول معاك أو نجيبله كسوة معاك بيسأل حلال ده يا ولدي؟».