شركات انتاج ضخمة و اموال طائلة و امكانيات بشرية كبيرة تجتمع كلّها سنويا في هوليوود الأميركية و كان الفرنسية و القاهرة المصرية و غيرها من دول العالم لانتاج أضخم الأفلام السينمائية على اختلاف قصصها و محتواها. و لا شك أن قضايا الخوف و المفاجأت و الرعب و الحوادث و الكوارث هي الأكثر مشاهدة و الأكثر حصدا للجوائز العالمية.
منذ ال 2019, و نتيجة لاجتياح جائحة كورونا و اقفال دور السينما في البلدان كافة, أصبحنا نحن شعوب العالم نعيش أفلاما حية من دون شاشات عظيمة, نحن ممثلوها و منتجوها و الشاهدين عليها.
من خلف الشاشات الى مرأى العيون و مسامع الأذان, تحوّلت أفلام الاثارة و الكوارث و الحوادث الى واقع مرير يتنقّل حول العالم برسائل غضب و رفض للممارسات البشرية التقدمية التي أطاحت بقوانين الطبيعة. و ها نحن اليوم ندفع أغلى الأثمان من أرواحنا و ممتلكاتنا و عمرنا الضائع في النهوض ما بعد الكارثة و كأن الطبيعة, حقدا علينا, تعيدنا بعد تقدم كبير و عمل شاق الى حيث كنّا.
لم نكن لنلتقط أنفاسنا من الجائحة الفتاكة التي أصابت الكوكب بشلل شبه تام, حتى جاءنا صيف ال2020 بنسبة حرائق قياسية تستمر حتى الساعة بين الحين و الاخر. “الصيف الأسود” هكذا كان في استراليا, كندا, أندونسيا, سوريا, لبنان و وفلسطين والنتيجة خسارة ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية و الغابات و تشريد مليارات الحيوانات. و لم يسلم العام الحالي أيضا من هذه المشاهد المرعبة لتشهد غابات أميركا أكبر حريق في البلاد لهذا العام حيث حصدت النيران مساحة خمسة أضعاف مدينة نيويورك.
والجدير بالذكر أن تلك الحرائق ستزداد عام بعد عام نتيجة التغير المناخي الذي سبّبه الانسان.
في القطبين المتجمدين, حركة ذوبان سريعة للجليد تنذر بخطر كبير اذا ما تم تدارك الأزمة القطبية. و ها هي الفيضانات اليوم بسبب فعل الذوبان تجتاح المدن الأوروبية و غيرها منذرة بقدوم الأسوأ. و الحل الوحيد يكمن هنا في تطهير الغلاف الجوي من الكربون و ذلك عندما تبدا اقتصادات العالم في تخليص نفسها من الكربون. و الجدير بالذكر هنا, أن الحرائق ساهمت بأكثر نسبة زيادة في تركيز ثاني أوكسيد الكربون.
دببة قطبية تقضي معظم أوقاتها على الجليد العائم في المحيط المتجمد الشمالي و هي الان مههدة بوجودها نتيجة تقلص الجليد البحري حيث تبقى و تصطاد غذاءها و طعامها بسهولة من الفقمة و البطريق. عند انكسار الجليد ستضطر هذه الدببة الى السير لمسافات طويلة و بعيدة بحثا عن طعامها, الأمر الذي سيؤدي في نهاية القرن الى انقراض تلك الدببة اذا ما تم وضع حد للتغير المناخي المسبّب الرئيسي لما نعيشه اليوم من كوارث طبيعية: حرائق و فيضانات و زلازل وغيرها.
و تبقى مشهدية كوفيد 19 ثابتة في كافة فصول العرض بسلسلة من الاصدارات الجديدة بمسميات مشوّقة تبقينا نحن المشاهدين, شعوب العالم, في حالة ترقّب مستمر و انتظار ينهك النفوس و الأجساد والفكر.
و ماذا بعد؟؟؟
بقلم: د. مصطفى حسين كامل
أستاذ بعلوم القاهرة وزير البيئة الأسبق