|  آخر تحديث سبتمبر 13, 2020 , 23:21 م

الحب بين الهدم والبناء


الحب بين الهدم والبناء



ليه خلتني أحبك؟


سؤال يطرحه العديد من النساء والرجال في مجتمعنا المعاصر يعقب الشعور بالخذلان وخيبة الأمل ليتقابلا كالغرباء في أروقة المحاكم تملؤهما  طاقة دامية زلزلت نفوسهم مفتقرة للألفة والرحمة بعد مشهد درامي ماسخ تعكسه لنا مواقع التواصل المقنعة والسينما والمسلسلات وأبيات الشعر من خلال عمل فني يتمحور بأكمله حول العقبات التي تواجه أبطال العمل الدرامي ليجتمعا في بيت واحد وكأن العالم سيتوقف نبضه إن لم يتحقق المراد ،ليأتي  الصدام مع طغيان واقع مادي مرير بني علي عناصر زائلة، تراجعت فيه الرحمة والقيم مؤمنين باللحظة المسيطرة على القلوب، فكلا منا تقوقع بداخل ذاته الأنانية، لتنكشف الأقنعة المزيفة التي إختبئت خلف الأعراف الموروثة بأن زواج فاشل أفضل من اللازواج وقد نال منهما الواقع المادي بتركبيته المفتعلة في الأنوثة المختزلة للمرأة المثيرة وللرجولة في إنتفاخ العضلات المقزز.


ووصفهم للزواج بإعتباره مصباح علاء الدين لمنح السعادة علي طبق من فضة دون بذل أي مجهود، فالعواطف متقلبة و النفس تزهد فيما تحبه اليوم وتنساه غدا والحب لا يمكن أن يختزل في الورود والشموع وكلمات الغزل وإغماءة الفراش ثم يليهم انتهاك خصوصية الآخر والإعتداء علي فرديته بدافع الغيرة او العيش في رداء روميو وجولييت والنهايات المأساوية وحدة الإدانة أثناء النقاش، تلك هي العقلية الفقيرة الهدامة التي تحكم على الأسر والأبناء بالتشتت والضياع بل علي المجتمع ككل بإعادة تكرار المشهد المرير.

 

فلنتأمل حكمة الله عز وجل  في قوله تعالى( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
فنجد سالب وموجب والشمال والجنوب والسعادة والشقاء كذلك الذكر والأنثي بالرغم من التضاد في الصفات إلا أن هناك حكمة للتجاذب رائعة ليجتمعا علي هدفا واحدا مع إستقلالية كلاً منهما دون التقيد بالآخر، بعيدًا عن الإيجو المدمر الظاهر فور هدوء التوهج والشغف والرغبة الجنسية التي يتسلل إليها الملل بكل سهولة، قبل مرور ما يعرف بشهر العسل ليبدأ الإستفزاز واللاتفاهم مع إنكشاف الأقنعة البراقة!
ماذا لو من وجهة نظر خيالي المتواضع أن نضع حجر الأساس لتلك العلاقة السامية وتتمثل في قوله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ).
لنجد وضوح للمعني في زرع نية التطوير والإستقرار يرسمها التصالح مع الذات والتفاهم والرحمة لرفع الوعي  ومن أهم جذور نجاح العلاقة هو التواصل الفعال  وإختيار الأوقات المناسبة للتواصل فيتكلم أحدكما ليحلو الإصغاء  وتصمتا ليحلو الصمت،مبدأنا هو (إختلفنا لكي نتفق وليس لنفترق ) مع السعي لإشباع رغبات الشريك وكذلك التوقعات المنطقية علي أرض الواقع مع فهم إختلاف طبيعتي الرجل والمرأة  وإختيار الألفاظ الإيجابية أثناء الحوار، دون التعنت ولغة التهديد التي تسطو علي حرية الآخر بأنانية وتجاوز، فهي رحلة عمر لا مشروطة بتغيير الآخر ولا قمعه وتفصيله علي هوانا، فلنرفع الكلفة لنجد معني السكن والسكينة بالسماحة والعفو دون إطالة العتاب فالطبع الكريم هو طبع معطاء بطبيعته يشع بالسعادة والنور الداخلي والحب هو حقيقة تلتقطها حواسنا قبل عقولنا إن لم تبني علي التلاؤم والإندماج والإكتمال الروحي قبل الجسدي فسيحكم عليها بالتلاشي ثم الفناء فلنتفكر.
وهذا ما يدفعني للتساؤل هل أشرق المشهد الدرامي علي نهايته؟
بقلم: رشا أبو العز 
الإعلامية والباحثة

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com