بقلم : إيناس أبو زيدان
أنثى الكتابة …الأنثى الشامخة …تلك الأنثى التي تحضر أمامنا وتكون سلطانة على فكرنا وحياتنا وأيدينا لنخط ما نشعر به من لسعة ألم أو نشوة فرح.
وقد يكون هناك آلهة متحررة من ذاتها، تأمر العقل والفؤاد معاً لصناعة نص ما ، لتنضح اجمل مافينا من صور واقعية او خيالية تسعفنا في تقديم عمل لائق يستحق القراءة والبحث والتأمل ،بعيداً عما تعيش فيه الأنثى الخلابة عند البعض في صدقها ولمسها لنبضات الحياة ، وقد يجعل منها الآخرون أنثى مراوغة ماكرة تأتي بضوء شمعة ينوس ضجره وتكراره في ذات المكان لحين انطفائه .
نصل الى نتيجة متواضعة هنا لنقول : الكتابة نحن من نؤلهها ونقدسها ،ونحن من نهشمها لتصير أنثى مراوغة لا تؤثر حرفًا او كلمة او نصًا كاملًا.
فإذا كان الصياد مثلا يحتاج للكثير من الصبر والقدرة على التحمل والحكمة ليستحوذ على صيد وفير ، فالكتابة أيضاً تحتاج للكثير من التمعن والتأمل وقوة المشاعر لنكتب بتجرد وحرية بعيدا عن التكرار والاستنساخ في الأدوات او حتى في المشاعر .
فالوقت الذهبي برأيي لنكتب ما يستحق القراءة ، لا يقتصر ذلك على رؤية مشهد مؤثر ، لأن ذلك لا يكفي لإيقاظ الدهشة على وجوه الآخرين ، وإذا أردنا ان نكتب بهكذا حال يجب ان يكون الاستنتاج مختلفًا عما يراه الآخرون على الأقل ، فلقطرة المطر أثرها الخاص حتى على الصخر فما بالك بالتراب ..؟!
أوراق الحب تعبت من مشاهد تصويرية عن الوفاء اليتيم البعيد عن العشاق ، أيضاً العشاق المشردون في عواطفهم لا يعرفون الثبات حتى عيونهم تخون بلحظة .
والوطن في لغة وتعريفات الكثيرين ، هو المكان الذي نولد ونعيش ونحلم ونكبر فيه ، وإذا كان هذا الوطن يحتاج وطناً آخر ، إذاً في ظل أي فوضى نعيش ليتضح لنا أن الوطن مجرد كذبة يصدقها ويتفاخر بها الجميع ، هذا ما نلمحه في مكان آخر .
وفي قراءتنا للكثير من النصوص التي تغير في تعريف الأشياء ، نتساءل هنا أين أصبح الوطن ؟!
ماذا يقدم لنا ، متى لا يصير فقط مكاناً ، والأشخاص الماكرون قادرون على صناعة موتنا وتقديمه لنا حتى دون أي مناسبة ؟!
خلاصة جديدة نصل إليها وهي أنه لنكتب بصدق يجب أن يكون هدفنا واضحاً ومختلفًا ومتمردًا في آن .
وفيما نحن على درب الكتابة ببعض تشردنا ، نجد الشعراء بتنوع مدارسهم يكتبون كما لو أنهم متفقون على ألا يختلفوا …! نجدهم يكتبون بذا الأسلوب والمشاعر المتكررة لكن بأدوات وألفاظ مغايرة نوعًا ما ، وهذا ما يجعل النصوص تفقد رونقها وهويتها ،رغم أنه لكل شاعر شارعه وجمهوره وطريقته في التسوق والتسويق !
وهذا ما لاحظناه أكثر بعد الإنفجار المدمر لمرفأ بيروت درة الشرق وعروس الحب والجمال .
فالجميع كتبوا وعبروا عن مشاعرهم السريعة والجياشة دون أي جهد يذكر ،فكانت العاطفة هي المسيطرة والإنفعال هو سيد الحضور ،وهكذا غابت الذات والخصوصية عند الكثيرين ، وغاب الإبداع والتفرد ووجدنا أنفسنا أمام انفجار آخر ربما وما أكثر ضحاياه …
فمتى نكتب …هو السؤال الكبير الذي يجب أن يدور حوله حوار واسع وكبير إذا أردنا ، أو إذا تجرأنا ، فمن سينقذ الشعر ..وهل من تدخل سريع …لا نعرف حقاً .. لا نعرف!