|  آخر تحديث نوفمبر 9, 2019 , 1:30 ص

تحليل نفسى يكشف دوافع التفكير العدوانى عند “الأطفال القتلة”


تحليل نفسى يكشف دوافع التفكير العدوانى عند “الأطفال القتلة”



“ابنك على ما تربيه”.. مقولة مصرية كلاسيكية حروفها من ذهب لم نعرف قيمتها إلا عقب ارتفاع معدل ارتكاب الأطفال الجرائم وظهور السلوك العدواني عليهم مؤخرًا، خاصة عقب ارتكاب أطفال تقل أعمارهم عن السن القانونية جرائم القتل والإرهاب لزملائهم، مثلما حدث في واقعة “شهيد الشهامة” محمود البنا، الذي راح ضحية زملائه بسبب انتقاده سلوكهم على موقع التواصل الاجتماعي.

قال الدكتور وليد هندي، الخبير النفسي واستشاري الصحة النفسية، إن السبب الرئيسي في ارتفاع معدل ارتكاب الأطفال الجرائم ينبع من أنماط التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي تمارسها الأسرة مع أطفالها، مثل الضرب المبرح وممارسة العنف عليهم مثل ختان الإناث، فهذا يختزل العنف في البناء النفسي للطفل وبنضوجه يمارس العنف على المواطنين في الشارع.

 

 

– “التدليل الزائد”

وأكد أن التدليل الزائد للأطفال لا يقل عن الضرب المبرح، حيث يجعل الطفل يأخذ كل ما يريده فيفقده مهارات تظهر عندما ينتهي من المراهقة وينضج فيتعرض لموقف إحباطي لا يقدر على أن يشبع فيه رغباته فيتخلص من ذلك بالعنف، فلا بد أن أوفر له خبرات حرمان تخلق لديه قدرة على تحمل الضغوط ومواجهة خبرات الألم في المستقبل.

وأوضح “هندي” أن عدم تنمية مهارات الحوار وطرق حل المشكلات مع الأطفال وعدم الإنصات لهم أيضًا يزيد من معدلات اللجوء للعنف في وقت طفولتهم المتأخر، بالإضافة إلى انحسار دور الأسرة في التربية بعمل الزوجين، ومكوث الأطفال مع الجد والجدة.

 

 

 

– الثواب والعقاب

وأشار إلى ضرورة وضع معايير الثواب والعقاب في التنشئة النفسية والاجتماعية لتجنب ارتكاب الأطفال الجرائم في المستقبل، فلا بد من وضع اللائحة وغرسها في الطفل ولفت نظره لذلك، مضيفًا أن الثواب والعقاب لا بد أن يتماشى مع العمر الزمني والذهني للطفل والحدث المرتكب من قبل الطفل، موضحًا أنه لا بد من الحديث مع الطفل لماذا يتم معاقبته وفهمه أنه ليس من منطلق القسوة، كما أنه لا بد من الإثابة ومكافاة الطفل بمكافحة الأخلاق.

وتابع، أنه لا بد من مراعاة الجانب الديني سواء مسلم أو مسيحي، فدور العبادة تهذب السلوك والدين الوسطي وخلق القدوة الدينية والرموز الدينية في حياة الإنسان يترك أصل طيب في نفوس الأطفال، والخوف من الله عز وجل في العمل، كما أن هناك الدوافع النفسية لدفع الطفل لارتكاب الجرائم، وهي الطبيعة الفسيولوجية والنفسية لمرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة وبداية المراهقة، التي يميل فيها الطفل لنزعة الاستقلال وإثبات الذات والميل للعنف لإثبات الذات، وإذا أضفنا للطبيعة شعور الأطفال بالإحباط والقهر النفسي من قبل الوالدين نتيجة عوامل التربية أو نتيجة عدم قيام المعلم بدوره في تنمية ثقافة الطفل يرتفع معدل العنف وارتكاب الجرائم عند الأطفال، بسب افتقاده الأنشطة الترفيهية وتهذيب النفس تنمية الجوانب الشخصية لدى الطفل وتحويله لمجرد آلة حفظ وتلقين للدروس بدلًا من الفهم.

كما أن افتقاد الطفل مهارات التفكير بسبب المناهج الجافة، وغياب دور المكتبات العامة التي لم تعد مثل زمان مليئة بالجرائد والكتب المستنيرة التي تفتح العقل والصورة الذهنية، وغياب المعلم القدوة والنموذج الذي يضع صبغة تربوية وينمي نوازع أخلاقية عند الطفل، فهو امتداد للوالدين حيث بدأ كل همه هو التحصيل العلمي أو الاكتساب المادي للطالب، كل هذا يؤثر على الطفل.

وأشار الخبير النفسي، إلى عدم وجود هوايات وأنشطة تستوعب الطالب وتمتص طاقته السلبية، فالبيئة المدرسية لم تعد تعي دورها فتخرج طالبا غير سوي، وتجعله أكثر عرضة للاستثارة لارتكاب الجرائم، كما أن غياب الأصدقاء والشلة التي تعطي الطالب معلومات ومعايير وقيم مثالية لحل المشكلات ومنع الإقدام عليها سبب رئيسي في ذلك لأن عقب ظهور السوشيال ميديا وصفحات التواصل الاجتماعي، واختلاف مفهوم الأصدقاء أصبح الطفل محاطا بأطفال وهميين على التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي يبثون سمومهم ويشكلون شخصيته، والإشارة إلى الجرائم على أنها شيء معتاد والإشادة بها سواء سرقة أو نصب وقتل والإشارة إلى أن ذلك من باب القوة والشجاعة، فذلك ينمي الجموح وارتكاب الجرائم بصورة اعتيادية على أنها شيء مرضي عليها من خلال محادثات خاصة وأشخاص غير معلومين وغير واضحين للأهل في ظل غيابهم.

 

 

– ألعاب السوشيال ميديا

وأكد الخبير النفسي، أن السوشيال ميديا أصبح بها ألعاب مصممة لارتكاب الجرائم وبها “السم والعسل” وبعضها تتكلم عن العنف والانتحار في بعض الأحيان، وبعضها يغرس ارتكاب الجريمة بصورة آلية ومنظمة تدخل على برامج العصب في مخ الطفل وتدفعه لارتكاب سلوك العنف والإيذاء بصورة لا إرادية وتبدأ بارتكاب جرائم بسيطة مثل الحصول على المال، وكيفية اقتناء الهدايا أو ممارسة السرقة كلها ألعاب ممنهجة تثري البناء النفسي للطفل بثقافة ارتكاب الجرائم في المستقبل، وذلك مع ضعف رقابة الوالدين اللذين يتركان الطفل يلعب دون العلم بخطورة الألعاب.

 

– مسلسلات رمضان

وأوضح، أن الإعلام بصفة عامة يشارك في تنمية السلوك الإجرامي لدى الطفل، من خلال ما يقدمه من وجبات كاملة الدسم بالجرائم الاجتماعية، ورأينا تصميم على عرض مسلسلات في وقت مثل شهر رمضان تغرس العنف عند الأطفال.

ومعظم الجرائم التي يتم ارتكابهم في سن الطفولة المتأخرة منذ سن 11 عامًا، يتم ارتكابها نتيجة أن الطفل واقع تحت تأثير المخدرات والنزول بسن التعاطي والتدخين وهذا يضعهم في نوع من التشويش الذهني وعدم الثبات الانفعالي.

 

– احترس من “الشيكولاتة”

 

وقال الدكتور وليد هندي، الخبير النفسي، إن هناك دراسة في بريطانيا على 17 ألف طفل وجدوا 69% من الأطفال الذين يرتكبون الجرائم يأكلون الحلوى والشيكولاتة مرة في اليوم، أما في مصر فالأطفال لا يكفون عن هذه الأكلات وبصورة عشوائية، ففي أمريكا الطفل محرم عليه أن يأكل الشيكولاته في أول 5 أعوام من حياته حتى لا توجد لديه دوافع لا إرادية في ارتكاب الجرائم، كما أن هناك دراسات تؤكد أن نقص الزنك والحديد وفيتامين “B” في أول 3 أعوام من حياة الطفل تؤدي إلى سلوك عدواني في سنوات العمر المتتالية.

وأوضح، أن الأطفال أصبحوا محرومين من اللعب في الشوارع كما أن الساحات الرياضية بالمدرسة تحولت لكتل أسمنتية، ومراكز الشباب أصبحت منعدمة، وكل هذا كان يخرج الطاقات السلبية لدى الطفل ويهذب السلوك، وهذا له علاقة واضحة في ارتكاب الجرام فالعقل السليم في الجسم السليم والرياضة تخرج الطاقة السلبية وتملأ وقت الفراغ، وكل هذا لا يجعلنا نغفل نمط الشخصية واضطرابها، لأنه يكون أحيانًا يكون الدافع الأساسي لارتكاب الجريمة هو نمط الشخصية، فالشخصيات العدوانية أو السيكوباتية أو السادية أو المعقدة هي الأكثر في ارتكاب الجرائم عن الأنماط السوية.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com