بث تلفزيون الصين المركزي “CCTV” مساء اليوم مقابلة موسعة مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، تقديرا لدور سموه في تعزيز العلاقات الإماراتية الصينية، والتي تأسست في نوفمبر من العام 1984 وتأكيدا على عمق الروابط التي جمعت بين الدولتين والشعبين الصديقين على مدار خمسة وثلاثين عاما من التعاون البناء في شتى المجالات.
وأشاد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالنهضة الحضارية الكبيرة التي تشهدها الصين بقيادة الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، منوهاً بالإنجازات الكبيرة التي حققتها بكين على الأصعدة كافة وبسرعة كبيرة لاسيما مع تحول الصين إلى قطب اقتصادي عالمي.
وأكد سموه أنه ومن خلال الزيارات المتتابعة التي يحرص على القيام بها للصين شاهد وعلى مدار الثلاثين عاما الماضية التطور الضخم الذي مرت به، محققة إنجازات نوعية كبرى في شتى قطاعات الدولة الصينية.
ووصف سموه الرئيس بينغ بالقائد “الفذ” الذي يعمل في صمت ويؤمن بأن الأفعال أكبر تأثيرا من الأقوال، وأنه يعمل على بناء جسور فاعلة للتواصل مع مختلف الدول في إطار رؤية ترمي إلى تحقيق مصلحة العالم ولا تقتصر على تحقيق مصلحة الشعب الصيني فحسب، ما كان سببا في توسيع دائرة صداقات بكين مع مختلف العواصم، بينما كانت حكمته في مقدمة الأسباب التي توثقت في ضوئها العلاقات الصينية الإماراتية.
وأشار صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إلى أن الصين تحولت بقيادة الرئيس شي جين بينغ إلى نموذج يحتذى على مستوى العالم، منوها إلى وجود تقارب كبير في الأفكار والرؤى والأهداف بين البلدين اللذين تجمعهما رغبة مشتركة في نشر الإيجابية وتحقيق السعادة والرخاء لشعبيهما وكذلك الاهتمام الكبير بفئة الشباب التي تمثل الثروة الحقيقية للشعوب والركيزة الأساسية لبناء المستقبل.
وأعرب سموه خلال المقابلة مع تلفزيون الصين المركزي عن كامل تقديره لجمهورية الصين قيادة وشعبا، مؤكدا أنها تقدم للعالم القدوة في إرساء أسس الدولة الحديثة وأنها اليوم تمثل إحدى أهم وأكبر القوى الاقتصادية العالمية، وهو ما تنبأ به سموه وأعرب عنه في محاضرة ألقاها في جامعة الخليج العربي في مملكة البحرين أشار فيها إلى أن ميزان القوة الاقتصادية العالمي يتجه نحو الشرق الذي قصد به سموه الصين آنذاك.
وفي إجابة سموه عن سؤال حول مشاركة دولة الإمارات في دعم مبادرة “الحزام والطريق”، التي أطلقها الرئيس الصيني بينغ قبل سنوات، أشاد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالمبادرة التي وصفها بأنها تحيي “طريق الحرير” القديم وتعيد ربط شرق العالم بغربه، مشيرا إلى أن دبي ودولة الإمارات تمثل حلقة وصل رئيسة لهذا المشروع الكبير، وأن تشجيع ومساندة الإمارات لهذه المبادرة يأتيان انطلاقا من ثقتها بتأثيره الإيجابي الذي سيطال اقتصادات العالم أجمع بما فيها اقتصاد الإمارات والمنطقة.
وحول التطور الكبير الذي تشهده دبي في مختلف مسارات التنمية، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن دبي تمكنت من تعزيز مكانتها كوجهة سياحية رائدة على مستوى المنطقة وأن الصين تأتي بين أهم الأسواق المصدرة للسياحة لدبي ودولة الإمارات عموما، والتي تحرص كذلك على توسيع دائرة التعاون السياحي مع الصين ورفع مستوى التدفقات السياحية بين الجانبين، معربا سموه عن ترحيبه و دولة الإمارات بكل زائر ومقيم من جمهورية الصين الصديقة.
وردا على سؤال حول مقومات ازدهار الروابط الاقتصادية بين دبي و الصين، أشار سموه خلال المقابلة إلى أن الجالية الصينية في دبي تعد من بين أكبر الجاليات الصينية في منطقة الخليج العربي في حين تستضيف دبي عددا كبيرا من الشركات و المؤسسات والاستثمارات الصينية فضلا عن الروابط التجارية المتميزة بين دبي والصين التي تمثل شريكها التجاري الأول عالميا بإجمالي مبادلات تجارية بلغت قيمتها 138 مليار درهم في العام 2018.
وتطرقت المقابلة إلى التقدم اللافت الذي أحرزته دبي خلال العقود الخمسة الأخيرة في جميع المجالات، وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في هذا الشأن أن بداية دبي كانت صغيرة لكن عزمها كان قويا وكبيرا ما مكنها من تحقيق قفزات تنموية خلال فترة زمنية قصيرة وصولا إلى منافسة كبرى مدن العالم بهدف تصدرها كالمدينة النموذج والقدوة لكل من يرغب في النمو والتطور.
وشدد سموه على أن أهداف دبي الطموحة أساسها شجاعة القرار ودقة التخطيط والإتقان في العمل والتنفيذ.. منوها إلى أن أحد الأسباب الرئيسة وراء قصة نجاح دبي الإيمان بأن كلمة “مستحيل” لا مكان لها في قاموس مفرداتها ووصفها سموه بأنها كلمة ابتدعها الضعفاء ممن لا يملكون القدرة على العمل والانجاز.
وأعرب صاحب السمو نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن كامل تقديره للثقافة الصينية واعجابه بها الأمر الذي حفز سموه على زيارة الصين أكثر من مرة للاقتراب أكثر من الشعب الصيني بكل ما يحمل من تقاليد عريقة وموروث ثقافي ثري هو نتاج إحدى أهم الحضارات التي عرفها العالم على مر التاريخ.
وحول اهتمام دولة الإمارات بتعليم اللغة الصينية في المدارس، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إن هذا الاهتمام يأتي مواكبا للتطور التاريخي الكبير في العلاقات الثنائية بين البلدين والحرص على إيجاد جسور جديدة تعزز التواصل الحضاري والثقافي بين الجانبين وكذلك الاستفادة من التقدم الكبير الذي أحرزته الصين في مجالات العلوم والتكنولوجيا، منوها إلى أنه من المنتظر تعميم تدريس اللغة الصينية في حوالي 200 مدرسة في الدولة خلال السنوات المقبلة انطلاقا من أهميتها، حيث وصفها سموه خلال المقابلة بأنها “لغة المستقبل”.
وردا على سؤال حول المصادر التي استقى منها سموه فنون القيادة، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أنه تعلم فنون القيادة في مدرسة المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم “طيب الله ثراهما”، فقد كانا رحمهما الله المصدر الأول الذي تعلم منه سمات القائد المحب لشعبه الحريص على تحقيق صالحه، منوها إلى أثر البيئة الصحراوية التي نشأ فيها سموه وما تقدمه من فرصة كبيرة للتأمل وتعلم العديد من الدروس المهمة في الحياة.
وقال سموه إن البعض ربما ينظر إلى الصحراء كمكان صعب وخطر ارتياده، لكنها بالنسبة لأهل الإمارات هي الكنز ونقطة البداية وخط الانطلاق نحو المستقبل والأهداف الكبيرة التي يسعى الإماراتيون إلى تحقيقها.
وتناولت المقابلة عددا من الموضوعات المتعلقة بسعي دبي لترسيخ مكانتها كمركز لصناعة المستقبل، بما في ذلك استضافة الفعاليات الكبرى المعنية بهذا الشأن ومن أبرزها معرض “إكسبو 2020 دبي”، وأكد سموه أن انعقاد المعرض العالمي في دبي سيكون علامة فارقة وسيقدم النسخة الأفضل في تاريخه والتي ستتضمن العديد من المفاجئات للعالم.
وأعرب سموه عن تقديره لما قدمته الصين من انجاز متميز من خلال استضافة إكسبو في شنغهاي العام 2010 والذي شاركت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو المعرض الذي وصفه سموه أنه قدم العديد من الدروس المستفادة والمهمة التي تم أخذها في الاعتبار خلال مرحلة الإعداد لاستضافة إكسبو دبي، مؤكدا ترحيب دبي ودولة الإمارات بكل من يرغب من الصينين في زيارة هذا الحدث العالمي الكبير.
ونوه إلى سعي دولة الإمارات العربية المتحدة لأن تقدم نموذجا يحتذى للمنطقة والعالم في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية وكذلك في الاهتمام بعلوم العصر والتكنولوجيا الحديثة وعلوم الفضاء وغيرها من المجالات المرتبطة بصناعة المستقبل الذي تسعى الإمارات إلى أن يأتي محملا بالخير والرخاء لشعبها وشعوب المنطقة والعالم.
والمقابلة مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بثها تلفزيون الصين المركزي ضمن تقرير موسع حول دبي شمل العديد من المعلومات حول مسيرة تطور دبي من مدينة صغيرة على ضفاف الخليج العربي إلى مركز عالمي للاقتصاد والأعمال.
وتضمن التقرير مقتطفات لمجموعة من أهم المعالم في دبي ومن بينها برج خليفة البناء الأعلى في العالم، وبرج العرب وجزيرة النخلة .. كما استعرض التقرير الحراك الاقتصادي القوي في الإمارة وما صاحبه من حركة بناء وإرساء للبنى الأساسية اللازمة لمواكبة أهداف التنمية الطموحة التي حددها سموه لمستقبل الإمارة، بما في ذلك من موانىء ومطارات ومنشآت فندقية وخدمية عالمية المستوى.
وعرض التقرير لقطات تظهر ترؤس سموه لاجتماعات مجلس الوزراء وأخرى لجولات سموه الميدانية والتي يحرص من خلالها على تفقد سير العمل في المنشئات والمرافق الحكومية والخدمية للوقوف بصفة شخصية على مدى كفاءة تلك الجهات ونوعية الخدمات المقدمة، وكذلك التعرف من الجمهور على مدى رضاهم عن تلك الخدمات ليقدم نموذجا لكل القيادات ورسالة مهمة بأن القائد مكانه الحقيقي في ميدان العمل بين أعضاء فريقه.
تأتي هذه المقابلة، التي أجراها تلفزيون الصين المركزي مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الإماراتية الصينية تطورا كبيرا في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والسياسية والدبلوماسية امتدادا لروابط التعاون الوثيقة بين البلدين الصديقين في ضوء توافق الرؤى وتطابق وجهات النظر بين الجانبين بأهمية دفع العلاقات الثنائية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وتضافر الجهود نحو انجاز الأهداف المشتركة الرامية إلى تحقيق مزيد من التقدم والازدهار.
جدير بالذكر أن شبكة تلفزيون الصين المركزي هي شبكة التلفزيون الرسمي لجمهورية الصين الشعبية وتضم أكثر من 50 قناة فضائية يشاهدها أكثر من مليار متابع، كما يتابعها الملايين عبر منصات التواصل الاجتماعي وتبث برامجها باللغة الصينية و6 لغات عالمية آخرى من بينها اللغة العربية.