شدّدت المملكة العربية السعودية على رفضها تسييس قضيّة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وأنّ توجيهات القيادة واضحة بشأن محاسبة المتورّطين.
وفيما وجهّت النيابة العامة في المملكة، الاتهام إلى 11 مهتهاً من أصل 21، مطالبة بإعدام خمسة هم من أمر ونفّذ الجريمة، رحبت دولة الإمارات بنتائج تحقيقات النيابة العامة السعودية، مؤكدة أن المملكة تبقى دولة القيم والمبادئ والعدالة، وعبرت عن رفضها أي استغلال سياسي للقضية أو محاولات للتدويل، وشدّدت على أنّه آن الأوان للانتهاء من تسييّس القضية واستخدامها للنيل من سمعة المملكة واستقرارها، بينما ثمّنت مملكة البحرين ومصر وفلسطين وفرنسا وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والبرلمان العربي، الإعلان السعودي.
ورحبت دولة الامارات العربية المتحدة بنتائج التحقيقات التي أعلنت عنها النيابة العامة في المملكة العربية السعودية الشقيقة، والتي جرت حتى اليوم مع الموقوفين في قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي.
وإذ ثمن بيان وزارة الخارجية والتعاون الدولي الخطوات التي قامت بها المملكة العربية السعودية في هذا الصدد، والقرارات التي اتخذتها بهدف محاسبة المسؤولين المعنيين، فإن ذلك يؤكد على أن المملكة العربية السعودية تبقى دولة القيم والمبادئ والعدالة والتي تنم عن احترام لمبادئ القانون والعدالة المنجزة.وتؤكد وزارة الخارجية والتعاون الدولي على أن ما توصلت إليه النيابة العامة في المملكة العربية السعودية من نتائج في التحقيقات مع المتسببين في وفاة الصحفي «خاشقجي» يفصح عن المتابعة المستمرة والجادة من المؤسسات السعودية حرصاً على سلامة مواطنيها وعلى إطلاع الرأي العام والمجتمع الدولي على الحقائق المتعلقة بالقضية.
وإذ تجدد دولة الإمارات العربية المتحدة موقفها المتضامن مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في كل ما تتخذه من مواقف وإجراءات، فإنها تؤكد أيضاً على رفضها لأي استغلال سياسي للقضية أو محاولات للتدويل أو مساعي للمساس بأمن المملكة وسيادتها واستقرارها.
كما أكّد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنّ المؤتمر الصحافي لوكيل النيابة العامة السعودي، للإعلان عن نتائج التحقيق في مقتل المرحوم جمال خاشقجي، يمثل خطوة جادة تأتي تنفيذاً للإرادة السياسية بالتعامل القانوني الشفاف مع القضية. وأضاف معاليه في تغريدة على «تويتر»، أنّه قد آن الأوان للانتهاء من تسييّس القضية واستخدامها للنيل من سمعة المملكة واستقرارها.
في الأثناء، أعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، رفض المملكة تسييس قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، ملقياً اللوم على تركيا، التي لم تستجب للطلب السعودي بشأن تقديم الأدلة التي تملكها في القضية. وقال الجبير في مؤتمر صحافي: «لقد استطاعت النيابة العامة اليوم، تكملة الرواية لما جرى لخاشقجي». وأكد الوزير السعودي، على أنّ التحقيقات بشأن مقتل خاشقجي، لا تزال مستمرة، مضيفاً: «توجيهات القيادة السعودية واضحة بشأن محاسبة المتورطين في الحادثة».
وأشار الجبير إلى أن المملكة تواصلت مع أنقرة، كما زار النائب العام السعودي، تركيا، للحصول على مزيد من الأدلة، إلا أن تركيا لم تستجب لطلبنا ثلاث مرات، لتقديم الأدلة التي تملكها في القضية، داعياً من لديه أدلة ومعلومات في قضية خاشقجي ليقدمها إلى القضاء السعودي. وشدد وزير الخارجية، على رفض المملكة تسييس القضية، الذي من شأنه شق الصف الإسلامي، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة جاهدة لتوحيده.
وأردف: «نرفض التدخل في شؤون المملكة، فمن ارتكب الجريمة سعوديون، وكذلك الأمر بالنسبة للقتيل، كما أن الواقعة حدثت في قنصلية سعودية، للمملكة جهاز قضائي جاد في تحقيق العدالة، ويتمتع باستقلالية، وبمقدوره التعامل مع مثل هذه القضايا باحترافية عالية».
في السياق، كشفت المملكة العربية السعودية، عن نتائج التحقيقات بشأن قضية مقتل جمال خاشقجي، معلنة عن توجيه التهم إلى 11 متهماً من 21، والمطالبة بقتل خمسة أشخاص، هم من أمر ونفّذ الجريمة.
وأكّدت النيابة العامة السعودية وفق ما أعلن وكيل النيابة العامة السعودية شلعان الشلعان، أنّه، وبناء على ما ورد من فريق العمل المشترك السعودي ـ التركي، بشأن قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي، والتحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع الموقوفين في هذه القضية، والبالغ عددهم 21 موقوفاً، بعد استدعاء النيابة العامة لثلاثة أشخاص آخرين، فقد تمّ توجيه التهم إلى 11 منهم، وإقامة الدعوى الجزائية بحقهم، وإحالة القضية للمحكمة، مع استمرار التحقيقات مع بقية الموقوفين للوصول إلى حقيقة وضعهم وأدوارهم، مع المطالبة بقتل من أمر وباشر جريمة القتل منهم، وعددهم خمسة أشخاص، وإيقاع العقوبات الشرعية المستحقة على البقية.
ونشرت وكالة الأنباء السعودية، بيان النيابة العامة بشأن التحقيقات التي توصلت إليها في قضية مقتل خاشقجي. وأوضحت النيابة العامة في إيجاز صحافي، أنّ التحقيقات التي أجريت حتى تاريخه مع الموقوفين الواحد والعشرين، في قضية مقتل خاشقجي، تم من خلالها التوصل إلى أن الواقعة بدأت يوم 9 سبتمبر الماضي، عندما صدر أمر باستعادة المجني عليه بالإقناع، وإن لم يقتنع يعاد بالقوة، وأن الآمر بذلك، هو نائب رئيس الاستخبارات العامة السابق، الذي أصدر أمره إلى قائد المهمة.
وأشارت النيابة العامة، إلى أنّ قائد المهمة قام بتشكيل فريق من 15 شخصاً، لاحتواء واستعادة المواطن المشار إليه، يتشكل من ثلاث مجموعات «تفاوضي – استخباري – لوجستي»، واقترح قائد المهمة على نائب رئيس الاستخبارات العامة السابق، أن يتم تكليف زميل سابق له مكلف بالعمل مع مستشار سابق، ليقوم بترؤس مجموعة التفاوض، لوجود سابق معرفة له مع المواطن المجني عليه، لافتاً إلى قيام نائب رئيس الاستخبارات السابق، بالتواصل مع المستشار السابق، لطلب من سيكلف بترؤس مجموعة التفاوض، فوافق المستشار على ذلك، وطلب الاجتماع مع قائد المهمة.
وأوضح أنّ المستشار المذكور التقى قائد المهمة وفريق التفاوض، ليطلعهم على بعض المعلومات المفيدة للمهمة بحكم تخصصه الإعلامي، واعتقاده أن المجني عليه تلقفته منظمات ودول ومعادية للمملكة، وأنّ وجوده في الخارج، يشكل خطراً على أمن الوطن، وحض الفريق على إقناعه بالرجوع، وأنّ ذلك يمثل نجاحاً كبيراً للمهمة، مبيناً أنّ قائد المهمة تواصل مع اختصاصي في الأدلة الجنائية، بهدف مسح الآثار الحيوية المترتبة من العملية، في حال تطلّب الأمر إعادته بالقوة، وتمّ ذلك بشكل فردي، دون علم مرجع الاختصاصي المشار إليه.
وأوضحت النيابة العامة، أنّ قائد المهمة قام بالتواصل مع متعاون في تركيا، لتجهيز مكان آمن في حال تطلب الأمر إعادته بالقوة، لافتة إلى أنّ رئيس مجموعة التفاوض تبيّن له بعد اطلاعه على الوضع داخل القنصلية، تعذر نقل المواطن المجني عليه إلى المكان الآمن، في حال فشل التفاوض معه، فقرر أنّه في حال الفشل في التفاوض، أن يتم قتله، وتمّ التوصل أن الواقعة انتهت بالقتل، وأنّ أسلوب الجريمة، وهو عراك وشجار وتقييد وحقن المواطن المجني عليه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة، أدت إلى وفاته، يرحمه الله.
وأضافت النيابة العامة، أنّه تمّ التوصل إلى الآمر والمباشرين للقتل، وعددهم خمسة أشخاص، اعترفوا بذلك وتطابقت أقوالهم، وأنّ الجثة بعد مقتل المجني عليه، تمت تجزئتها من قبل المباشرين للقتل، وتمّ نقلها إلى خارج مبنى القنصلية، ومن قاموا بإخراج الجثة من القنصلية، عددهم خمسة أشخاص، وأنّ من قام بتسليم الجثة إلى المتعاون المشار إليه، وهو شخص واحد.
وكشفت النيابة العامة، عن أنّه تمّ التوصل إلى صورة تشبيهية للمتعاون الذي سلمت له الجثة، بناء على وصف من قام بالتسليم، فضلاً عن التوصّل إلى أنّ من قام بلبس ملابس المجني عليه ورميها بعد خروجه في إحدى الحاويات، ومنها ساعته ونظارته، وتم التوصل إلى من رافقه وعددهم شخصان.
وأشارت النيابة العامة، إلى أنّه تمّ التوصّل كذلك إلى أنّ الكاميرات الأمنية في مبنى القنصلية، تمّ تعطيلها، وأن من قام بتعطيلها وهو شخص واحد، مبيّنة أنّ من قام بالدعم اللوجستي لمنفذي الجريمة، عددهم أربعة أشخاص. وقالت النيابة العامة، إنّه تمّ التوصّل إلى أن قائد المهمة، قام بالاتفاق مع مجموعة التفاوض ورئيسهم، الذين قرروا وباشروا القتل، القيام بتقديم تقرير كاذب لنائب رئيس الاستخبارات العامة السابق، يتضمن الإفادة بخروج المواطن المجني عليه من مقر القنصلية، بعد فشل عملية التفاوض أو إعادته بالقوة.
وتوالت ردود الأفعال المؤيّدة للإعلان السعودي، إذ جدّدت مملكة البحرين، موقفها الداعم بقوة للمملكة العربية السعودية، وما تتخذه من إجراءات بشأن قضية خاشقجي، والتي أوضحها وزير الخارجية والنائب العام السعوديين، مؤكدة أنّ هذه الخطوات تعكس الحرص على المحاسبة وعقاب كافة المتورطين في هذه القضية، والالتزام الكامل بتحقيق العدالة التامة وتبيان الحقائق بكل نزاهة وشفافية.وشددت البحرين على رفضها التام لتسييس هذه القضية أو تدويلها أو استغلالها للإساءة للمملكة العربية السعودية، والتعدي على سيادتها وأمنها واستقرارها، ومحاولات شق الصف الإسلامي بأسره.
وأكدت أن السعودية، هي أساس الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، وصاحبة الدور الحيوي والاستراتيجي في تحقيق التنمية المستدامة والرخاء والاستقرار لشعوب المنطقة والعالم.وثمّنت مصر جدية المملكة وشفافيتها في إبراز الحقيقة.
وجاء في بيان للخارجية المصرية: «تابعت وزارة الخارجية باهتمام بالغ ما أعلنته السلطات القضائية بالمملكة العربية السعودية، والتى أبرزت جدية المملكة وشفافيتها فى إبراز الحقيقة». وقالت الخارجية فى البيان، «إن مصر تثمن الإجراءات التى تتخذها المملكة العربية السعودية وأنها تأمل من جميع الأطراف المعنية الالتزام بالمسار الحالى للقضية بعيداً عن التسييس والمزايدات». وأضاف البيان «أكدت مصر مرة أخرى كامل ثقتها في سلطات التحقيق السعودية وما قامت به من تحقيقات تمت فى إطار من النزاهة والمصداقية».
كما جددت جيبوتي موقفها الداعم للسعودية منوهة بنتائج التحقيق التي أعلن عنها النائب العام، والتي تعكس حرص المملكة على تبيان الحقائق بكل شفافية ونزاهة، ومحاسبة المتورطين وتحقيق العدالة مشددة على رفضها لتسييس القضية.
ونوهت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بالإجراءات التي اتخذتها السلطات القضائية في المملكة السعودية، والممثلة في النيابة العامة، في إطار التحقيقات الخاصة بقضية مقتل خاشقجي، مشيرة إلى ما لمسته من جدية في هذه التحقيقات، وفقاً لما أعلن في البيان النائب العام السعودي، والذي أوضح أنه تم توجيه اتهامات ودعوى جزائية بحق عدد من الأشخاص الذين كانوا قد أوقفوا على ذمة هذه القضية.
وأضافت الأمانة العامة، أن هذه الإجراءات تعد دلالة على مدى الاهتمام الكبير الذي توليه سلطات المملكة، بالتوصل إلى المسؤولين عن ارتكاب واقعة القتل، واتخاذ هذه السلطات لإجراءات جدية وحازمة في هذا الشأن، مؤكدة أهمية أن تقابل هذه الإجراءات بجدية مماثلة من الجانب التركي لتقديم الأدلة والقرائن المتوافرة لديه حول هذه القضية، والتجاوب أيضاً مع المطلب السعودي بالاتفاق على آلية للتعاون بين البلدين في هذا الشأن.
وأشاد الأمين العام لمجلس التعاون، عبداللطيف بن راشد الزياني، بالبيان الصادر عن النائب العام في المملكة. وقال إن مضامين البيان تؤكد تمسك المملكة باستكمال الإجراءات اللازمة لمواصلة التحقيق في هذه القضية الجنائية، بعيداً عن التسييس الذي تسعى إليه بعض الجهات المغرضة.
وأكد الأمين العام أن الإجراءات الحازمة التي تتخذها الجهات المختصة في المملكة، بأوامر سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ وقوع الجريمة، تدل على حرص المملكة وسعيها الحثيث لأن تكون الشفافية والمساءلة نهجا ثابتا لكشف ملابسات هذه الجريمة، وأن يكون القضاء العادل هو الجهة المعنية بإنفاذ القانون وإرساء العدالة.
وأضاف أن بيان النائب العام أورد بكل وضوح وشفافية تفصيلات دقيقة عن مجرى التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بشأن هذه القضية، حرصاً على اطلاع الرأي العام على سير التحقيقات ونتائجها.
إلى ذلك، رحّب البرلمان العربي، بالبيان الصادر، عن النائب العام السعودي بشأن قضية خاشقجي، والذي تضمن بشكل شفاف ما توصلت إليه نتائج التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في المملكة مع المتهمين والموقوفين على ذمة التحقيق في القضية.
وقال رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي، في بيان، إن بيان النائب العام جاء ليؤكد التزام قيادة المملكة بإرساء العدل والتوصل إلى حقيقة ملابسات هذا الحادث الأليم، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ومحاسبة الأشخاص المتورطين فيه.
وأكّد رئيس البرلمان العربي، مجدداً، تضامن البرلمان التام مع المملكة ضد كل من يحاول استغلال هذه القضية وتسييسها للمساس بسُمعة ومكانة دولة كبيرة ومحورية في العالم العربي والإسلامي. كما رحبت باكستان بإعلان المملكة عن البدء في محاكمة المتهمين. وأوضح بيان صادر عن الخارجية الباكستانية أن هذه الخطوة من جانب المملكة تعكس حرص وتصميم قيادة المملكة على المحاسبة وعقاب المتورطين كافة في هذه القضية والالتزام الكامل بتحقيق العدالة التامة، وتبيان الحقائق بكل نزاهة وشفافية.
بدوره، وصف وزير الخارجية مايك بومبيو إعلان النيابة العامة في السعودية بـ «الخطوة المهمة» بينما أكّدت وزارة الخارجية الفرنسية، أنّ التحقيق السعودي في مقتل خاشقجي يسير في الاتجاه الصحيح. وقالت أنييس فون دير مول الناطقة باسم وزارة الخارجية: «إعلان السلطات السعودية اعتقال 18 شخصا فيما يتعلق بالتحقيق يسير في الاتجاه الصحيح».
وأعلن نجل جمال خاشقجي الأكبر، صلاح خاشقجي، عن إقامة عزاء والده اليوم الجمعة وحتى الأحد بمنزله في جدة.
وكتب صلاح خاشقجي على حسابه على موقع «تويتر»: «إنا لله وإنا إليه راجعون، سيقام عزاء الفقيد جمال خاشقجي من الجمعة إلى الأحد بمنزل الفقيد بمدينة جدة، اللهم تغمده برحمتك وألهمنا الصبر في مصابنا».
وأضاف في تغريدة ثانية: «نستقبل عزاء السيدات بمنزل الفقيد بمدينة جدة من الإثنين إلى الأربعاء، اللهُمَّ اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأَكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس».