بقلم: محمد عبدالمجيد علي
تربط مصر ودولة الإمارات علاقات وثيقة مبنية على التكاتف والدعم المشترك في القضايا والمواقف السياسية تجاه القضايا الاقليمية والعالمية لاسيما محاربة الارهاب والفكر المتطرف، كما يتبنا مواقف متشابهة تجاه الأزمات الاقليمية في سوريا والعراق وليبيا واليمن، ومواجهة التدخل الخارجي في شئون بعض الدول العربية لفرض أجنداتها.
كانت علاقات دولة الإمارات ومصر باستمرار علاقات مميزة واستثنائية، تنطلق من مبادئ تمتد جذورها عميقاً في بُعديها القومي والوطني، وتستلهم في مسيرتها كل معاني الأخوة والتقدير والاحترام المتبادل.
مصر والإمارات نموذج لعلاقات راسخة بين دولتين شقيقتين، كانتا وما زالتا تؤكدان بالممارسة، فعل إيمان بأهمية العمل المشترك والتضامن كرافعة لمواجهة كل التحديات ومجابهة كل المخاطر التي تواجه المنطقة العربية، كالعدوان «الإسرائيلي» المتواصل بشتى الأشكال، والإرهاب الذي يلبس لبوس الدين، والتدخل الخارجي بشؤون الدول العربية.
إن هذه العلاقات المتميزة بين دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية تعود إلى عهد مؤسس دولة الإمارات المغفور له بأذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وطيب ثراه فقد أوصى أبناءه وأيضا الشعب الإماراتي بأن تكون العلاقة مع مصر متميزة وأن تقف الإمارات حكومة وشعباً مع مصر في الأزمات وتكون الصديق وقت الضيق، ولعل من المفيد القول إن المغفور له الشيخ زايد لعب دورا بارزا في عودة العلاقات بين الدول العربية ومصر بعد مقاطعة تلك الدول ماعدا سلطنة عمان لمصر بعد الزيارة الشهيرة للرئيس المصري الأسبق الراحل محمد أنور السادات رحمه الله للكيان الصهيوني واتفاقية كامب ديفيد.
وتأتي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الإمارات من منطلق استمرار التواصل بين البلدين والوقوف على آخر المستجدات في المنطقة، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات الخطيرة وغير المسبوقة التي تواجهها المنطقة والدول العربية.
إن نتائج اجتماع الرئيس السيسي مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، تؤكد من جديد ثبات ورسوخ العلاقات الثنائية بين البلدين، والاتفاق على أن الهمّ واحد، والمصير واحد، والتحديات واحدة، والمجابهة واحدة. لذلك يأخذ التنسيق بين البلدين مداه في مختلف المجالات من منطلق حماية الأمن القومي العربي، وضرورة قطع دابر التطرف والإرهاب، ومواجهة أي تلاعب خارجي بالمنطقة، قد يهدّد أمنها واستقرارها، باعتبار أن أمن منطقة الخليج جزء من أمن مصر، والعكس صحيح، وهذا ما أكدته الإمارات بالدعم «الثابت والراسخ للشقيقة الكبرى مصر، لأن أمنها واستقرارها من أمن كل العرب واستقرارهم»، كما جدّدت تضامنها مع مصر«في حربها على الإرهاب، والثقة في قدرتها على مواجهته، ومواصلة مسيرتها التنموية ورؤيتها الهادفة إلى تحقيق تقدّم ورفاهية شعبها».
وامتداداً للعلاقات الثنائية، كان لا بد للجانبين من الإطلالة على الأوضاع العربية الراهنة، نظراً لارتباطها وتداخلها مع الوضع العربي ككل، فقد تم التأكيد على وحدة وسيادة الدول التي تواجه الأزمات، وصون مقدرات شعوبها، وتمكين مؤسساتها الوطنية من الاضطلاع بمسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار ودعم التنمية والبناء والتطور فيها، وضرورة تعزيز جهود العمل العربي المشترك، بما يحقق مصالح الشعوب العربية ومواجهة مساعي التدخل في شؤونها الداخلية التي تستهدف أمنها واستقرارها.
فالزيارات المتتالية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلى مصر تؤكد حرص سموه على استمرار التنسيق والتعاون والتعاضد العربي في هذه المرحلة، فلا بديل عن ذلك، ولا خيار للدول العربية غيره، ومصر ستبقى كما كانت دائماً هي الركن الأساسي في أي عمل عربي حقيقي.
وتحكم علاقات البلدين الشقيقين استراتيجية راسخة وثابتة، وإن أصدق تعبير عن قوة العلاقات ومتانتها بين الإمارات ومصر يتجلى من خلال التواصل العفوي بين الشعبين وتقارب وجهات النظر حول مختلف الموضوعات.
ولقد شكلت مواقف الإمارات من ثورة 30 يونيو حجر الأساس لعلاقات استراتيجية راسخة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر بلغت حداً مختلفاً ومغايراً للعلاقات الثنائية التقليدية، لا سيما في ظل علاقة الود بين الشعبين التي تناغمت بعلاقة وطيدة على المستوى الرسمي والحكومي، ونجحت في مواجهة شتى التحديات التي أفرزتها التطورات السياسية في مصر لتعود أقوى مما كانت عليه لا سيما في ظل الدعم الإماراتي الكبير، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي واللوجيستي.
وإجمالاً، فقد تميزت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية بالخصوصية والاحترام المتبادل منذ نشأتها، خصوصاً في ظل العلاقات الأخوية الوطيدة بين حكام البلدين ما انعكس إيجابياً على مجمل العلاقات الثنائية في مساراتها الرسمية على المستوى السياسي والاقتصادي، وفي مسارها الأهلي على المستويات الثقافية والاجتماعية والتجارية.
غير أن من أهم ما يميز العلاقات السياسية بينهما ، قدرتها على إرساء جذور الصداقة والأخوة القائمة، وتطويرها في إطارٍ تحكمه عدة أهداف مشتركة أهمها، التضامن والعمل العربي المشترك، والعمل في المحافل الدولية على نبذ العنف وحل الخلافات بالطرق السلمية.
ولم يقتصر التقارب بين البلدين على الجوانب الاقتصادية والسياسية، بل تعدى ذلك إلى التوافق الفكري، إذ استعانت الإمارات بمصر في تأصيل الفكر الإسلامي الوسطي، من خلال الاتفاق على افتتاح أول فرع خارجي لجامعة الأزهر في الإمارات.
وامتد التنسيق ليصل إلى حد التكامل والتطابق في المواقف، فالإمارات تؤكد دعمها المطلق لأمن مصر، ووقوفها إلى جانبها في مكافحة التنظيمات الإرهابية. وإلى جانب ذلك، يتبنى الطرفان مواقف متشابهة من أزمات سوريا والعراق وليبيا واليمن. وتؤكد مصر والإمارات دوماً على مواجهة التدخل الخارجي من دول إقليمية تحاول استغلال الأوضاع غير المستقرة في بعض البلدان العربية لفرض أجنداتها.
وامتداداً للعلاقات الثنائية، كان لا بد للجانبين من الإطلالة على الأوضاع العربية الراهنة، نظراً لارتباطها وتداخلها مع الوضع العربي ككل، فقد تم التأكيد على وحدة وسيادة الدول التي تواجه الأزمات، وصون مقدرات شعوبها، وتمكين مؤسساتها الوطنية من الاضطلاع بمسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار ودعم التنمية والبناء والتطور فيها، وضرورة تعزيز جهود العمل العربي المشترك، بما يحقق مصالح الشعوب العربية ومواجهة مساعي التدخل في شؤونها الداخلية التي تستهدف أمنها واستقرارها.
وقد شهدت العلاقات المصرية الإماراتية في عهد «جماعات الظلام» سحابة صيف بسبب تجاوزاتهم، ولكنها لم تعبّر إطلاقاً عن العلاقة بين البلدين، وإنما هي مجرد استثناء، وانتهى في فترة قصيرة جداً بالإرادة الشعبية المصرية العظيمة التي زلزلت عرش الإخوان الإرهابي، لتعود العلاقات المصرية الإماراتية أقوى وأعمق، مما كانت عليه في السابق. أدام الله الوفاق والحب والتلاحم.. بين مصر والإمارات قيادة وشعباً بإذن الله.