بقلم: موزة عبيد غباش
بكل ما عهدناه بها من فروسية وشجاعة وقفت سمو الأميرة هيا بنت الحسين رئيسة مجلس إدارة المدينة العالمية للخدمات الإنسانية أمام القمة العالمية للحكومات في دورتها السادسة التي عقدت أخيراً في دبي وأمام وفود العالم لتعتلي منبرها الإنساني في اليوم الأول للقمة، متحدثة عن دور الإمارات الإنساني الكبير في تقديم المساعدات في ضوء توجيهات القيادة الرشيدة، حيث سجلت دولة الإمارات عام 2015 ارتفاعاً في حجم المساعدات الإنسانية بلغ 43% بقيمة 32 مليار درهم أي ما يعادل 8 .8 مليارات دولار، وأشارت إلى أن قصة العطاء تصاعدت حين أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله عام 2017 عام الخير لنشر روح الخير والمساهمة في المجتمع وتقوية روح التطوع.
وقالت: «وحسب خبرتي التي جاءت من خلال تشرفي لإدارة المدينة العالمية للخدمات الإنسانية والتي تأسست عام 2003 والتي أصبحت أكبر مدينة للمساعدات الإنسانية حسب رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الحكيمة وأصبحت الأولى عالمياً في سرعة الاستجابة، والتي لا تتجاوز أكثر من 6 ساعات فقط لمعظم مناطق النزاعات، والرؤية جاءت لإقامة منطقة حرة للخدمات الإنسانية وبالفعل أصبحت من الجهات الرائدة في هذا المجال واستضافت 9 منظمات تابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر والصليب الأحمر وأكثر من 50 منظمة دولية، والمبدأ الذي سارت عليه هو الاستجابة السريعة».
ولقد لامست كلماتها الدقيقة والمؤثرة مشاعر الحاضرين حين استعرضت ما يعانيه العالم من أزمات وكوارث فهناك 800 مليون إنسان في العالم يعانون من الجوع وهناك أكثر من 65 مليون إنسان نازح بسبب الكوارث والحروب والنزاعات المسلحة يضاف لهم وحسب توقعات أحد التقارير الأممية 50 مليوناً أخرى بسبب التصحر، في خطاب طرح رؤيتها الإنسانية للحد من المعاناة الإنسانية لهؤلاء البشر من ناحية ومن ناحية أخرى طرحت أكثر من مبادرة إنسانية منها للإغاثة السريعة وتجاوز الطرق التقليدية في شكل المساعدات والإغاثة، فالابتكار حسب قولها ضرورة أساسية في عمليات الإغاثة التي هي استثمار في المستقبل والأمن الداخلي كالتعليم والصحة ولا بد من استخدام أفضل التقنيات ووسائل التكنولوجيا لضمان الاستجابة السريعة خلال العمل الإغاثي.
وتضمن خطابها الذي يعد تاريخياً في ضوء ما تعانيه الإنسانية من أوضاع قاسية، مناشدة أهل القرار بإنهاء الجوع في العالم ومحاربة الفقر من خلال المشاريع التنموية والتخطيط السليم وضمان الشفافية، وقالت: «تفيد التقارير الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة الدولية fao بأن قيمة مخلفات الطعام التي تضيع سنوياً تصل إلى 6 تريليونات دولار، هذا الطعام الضائع يمكن أن يطعم ثلاثة أضعاف سكان الأرض بمن فيهم الـ800 مليون جائع..».
ولكي تفتح بوابةً للأمل لكل الفقراء والمنكوبين في العالم فقد أشارت سمو الأميرة هيا إلى مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بتأسيس بنك الإمارات للطعام برئاسة سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم صاحبة الأيدي البيضاء آملةً أن تسير جميع الحكومات على نفس الخطى.
ومن أجل مساعدة العاملين في مجال الإغاثة وتسريع عملياتها طرحت رؤية مبتكرة هي مبادرة بنك المعلومات اللوجستية الإنسانية المعتمدة على الابتكار والتكنولوجيا.
لقد طرحت رؤية الإمارات من أجل عالم يسوده السلم والأمل وركيزته الإنسانية، وفي آخر كلمتها قالت: «هذه مسؤوليتنا وهذه إنسانيتنا وهذا ما تحاسبنا عليه الأجيال القادمة».
هذا خلاصة لما أوردته كلمة سمو الأميرة هيا في اليوم الأول للمؤتمر، وفي اليوم الثاني للمؤتمر وبحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، أطلقت «بنك البيانات اللوجستية للخدمات الإنسانية» كمنصة رائدة جديدة ستسهم في تحقيق طفرة مهمة في مجال الدعم الإغاثي والمساعدات الإنسانية على مستوى العالم أجمع.
إننا مهما تكلمنا عن جهود دولة الإمارات في مجال الإغاثة الإنسانية منذ عهد زايد طيب الله ثراه وما قدمته حرمه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) وما قدمته حكومة الإمارات الرشيدة من مساعدات وعون في مختلف بقاع الأرض، يعد زخماً إنسانياً ووساماً مشرفاً لتاريخ الإمارات ومواقفها الإنسانية الكبيرة.
دام عطاؤك يا بلادي وحفظك الله من كل سوء، وبوركت جهود كل من عمل ويعمل من أجل إغاثة المنكوب والنازح والجريح والجائع داعين المولى تعالى أن تنعم جميع البشرية بالأمن والاستقرار وأن تتضافر كل الجهود في العالم أجمع لتحقيق هذا الحلم الجميل.