يتدلى اليوم حبل الإدانة من المجتمع الدولي شيئاً فشيئاً ليلتف حول عنق إيران، راعية الإرهاب ومصدره في المنطقة وكثير من مناطق العالم، فهي بحق أفعى الإرهاب التي تبث سمومها القاتلة، ولها تاريخ أسود طويل في تصدير الإرهاب، ولذلك قامت بعض الدول بإدراجها في القوائم الإرهابية منذ وقت مبكر.
إن تاريخ إيران في دعم الإرهاب قديم، فلم يضع الخميني قدمه على أعتاب الثورة الإيرانية في نهاية السبعينيات إلا وصعد معه أيدلوجيته الإرهابية، ولم يستحوذ على زمام حكم إيران إلا ووطد فيها أركان إرهابه، واستغل نفوذه لبث التطرف في إيران دستورياً وميدانياً، وأدرج مبدأ تصدير الثورة في الدستور الإيراني، وهو يشمل تصدير الإرهاب والميليشيات للدول الأخرى تنفيذاً لمآرب إيران التوسعية ومساعيها للهيمنة وفرض النفوذ، وترجم الخميني ذلك عملياً، فشكل قوات الحرس الثوري الإيراني، وهي منظمة إيرانية إرهابية بامتياز، ذات إرهاب عابر للحدود، ارتكبت العديد من الأعمال الإرهابية حول العالم، وهي مدانة من مختلف الجهات، وسجلها الإرهابي حافل بالجرائم.
ونجد اليوم إرهابيي إيران يتفاخرون بجرائمهم الإرهابية في مختلف مناطق العالم، فقد أعلن الجنرال الإيراني الإرهابي قاسم سليماني «بأن مؤشرات تصدير الثورة الإيرانية باتت مشهودة اليوم في كل المنطقة من البحرين والعراق إلى سوريا واليمن وحتى شمال أفريقيا»، ولا شك بأن هذه المؤشرات هي تلك الميليشيات والخلايا الإرهابية الإيرانية التي تعيث فساداً في هذه المناطق، وتخطط للتفجير والتدمير والتقتيل خدمة للمشروع الإيراني الإرهابي.
إن بصمات إيران الإرهابية شاهدة عليها، والواقع والتاريخ والتقارير الكثيرة المتضافرة تشهد على أن إيران هي من أكبر الدول الراعية للإرهاب في العالم، فهي ترعى وتدعم التنظيمات الإرهابية المتعددة، وتقدم لها الأسلحة والأموال والمعلومات الاستخباراتية والمأوى الآمن والدعم اللوجستي وتزودها بالخبراء والمقاتلين، وقد شهدت بذلك التقارير الدولية، ومن آخرها تقرير الأمم المتحدة الذي ندد بتدخلات إيران العدائية ودعمها لميليشيات الحوثي الإرهابية بقدرات صاروخية متقدمة وخطيرة، وكشف الجيش اليمني مؤخراً عن رصد أكثر من 250 خبيراً إيرانياً في مناطق عدة بمحافظتي الحديدة وصعدة، ينشطون في الأعمال العسكرية والتدريب.
إن إيران الخميني لا تؤمن إطلاقاً بمبدأ الدولة التي تحترم نفسها وغيرها، وإنما تؤمن بالثورة حاكماً على الدولة، وموجهاً لسلوكيات الملالي العدائية تجاه الآخرين، بما تحمله كلمة الثورة في الأيدلوجية الخمينية من معاني العنف والخروج المسلح والعمل السري، وفي هذا الصدد نجد محمد مهدي الآصفي ممثل خامنئي في العراق يقول في كتابه (مطارحات فكرية في التجربة الإيرانية) «إن إيران دولة وثورة، والثورة هي الأساس، والدولة هي الفرع»!!
من أجل ذلك لا تستطيع إيران الخميني أن تعيش دون إحداث الفتن والقلاقل والصراعات حولها، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، والعمل على إسقاطها وتخريبها، فذلك جزء من استراتيجياتها، ويصرح الآصفي بصريح العبارة بأن من أهداف الثورة الإيرانية زعزعة الاستقرار السياسي في المنطقة!!
وقد روج الخميني لسياساته العدائية في كتبه وخطاباته وواقعه، فهو ينادي في كتابه «الحكومة الإسلامية» الذي طُبع لأول مرة في بيروت عام 1970م بإسقاط الحكومات وأجهزتها، وعدم السماح باستمرارها، ومواجهتها بكل السبل، بما في ذلك المواجهة المسلحة، وأكد على ذلك في كل مناسبة لاحقة، وجاهرت إيران مبكراً بتأييدها للعمليات الإرهابية، بما في ذلك اغتيال السادات عام 1981، حيث يقول محسن الحيدري عضو مجلس الخبراء في إيران في كتابه العنف والإرهاب الذي طبع عام 2010: «أشادت إيران بموقف قاتل السادات، وقامت بتكريم خالد الإسلامبولي تكريماً منقطع النظير، فقد سموا شارعاً رئيسياً في العاصمة طهران باسمه، وأصدرت وزارة البريد والهاتف طابعاً تذكارياً يحمل صورة خالد وكتب باللغتين العربية والفارسية ما يلي: (ذكرى الملازم إسلامبولي الذي نفذ حكم الإعدام الثوري بحق سادات)»، وهذا مثال واحد من مئات الأمثلة على احتفاء إيران بالعمليات الإرهابية وإشادتها بها، والكتاب المذكور لا يقل خطورة عن كتب داعش، فصاحبه يؤيد عمليات العنف والاغتيالات، ويدعو لإسقاط شرعية الحكومات قاطبة، ومواجهتها بالعنف المسلح، وإنشاء التنظيمات السرية التي تعمل ضدها، وهذا الكتاب مثال على الكتب الأيدلوجية الإرهابية التي تصدرها إيران ورجالاتها الذين لا يؤمنون إطلاقاً بمبدأ التعايش وحسن الجوار، ويتخذون العنف والإرهاب منهجاً أساسياً لهم.
وهو ما يؤكد ضرورة مكافحة الخطاب الإرهابي الذي تصدره إيران في مطبوعاتها ووسائل إعلامها المختلفة، وتغذي به الشباب ليكونوا قنابل موقوتة ضد دولهم وأوطانهم، فإن هذا التحريض الممنهج له أكبر الأثر في تشكيل العقول المتطرفة والزج بالشباب في أتون العمليات الإرهابية، وإن التحريض على الإرهاب جريمة بحد ذاته، كما تقوم إيران ببث الفتن الطائفية في المجتمعات، بما في ذلك تنفيذ العمليات التفجيرية لإشعال الفتن بين الأطراف، كما حصل في تفجير ضريح العسكريين في سامراء عام 2006، وهو ما يضع إيران كأول المتهمين في أي عملية إرهابية تقع، فإن لها باعاً طويلاً في استخدام الإرهابيين من مختلف الاتجاهات والمذاهب لخدمة مشروعها.
إن أدلة دعم إيران للإرهاب أوضح من ضوء الشمس، تقتضي وجود تحرك فاعل من المجتمع الدولي لإيقاف هذا الإرهاب الإيراني، وإن العالم اليوم ليدرك هذه الحقيقة جيدا، ويتجه لقطع رأس الأفعى إيران التي احتضنت الإرهاب بمختلف صوره، وقد آن الأوان لجمها.
بقلم: أحمد محمد الشحي