شهدت مؤسسة الشارقة للفنون في عام 2017 افتتاح مجموعة نوعية من المعارض الفنية الفردية والجماعية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وإطلاق العديد من المبادرات والبرامج التعليمية والمجتمعية والموسيقية والسينمائية، هذا عدا دعمها لعدد كبير من الفنانين، والمشاريع الفنية حول العالم.
شكّلت النسخة الثالثة عشرة من بينالي الشارقة أبرز حدث فني في المنطقة لعام 2017، بوصفه واحداً من أهم “البيناليات” على مستوى العالم، وجاء تولي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئاسة “رابطة البينالي الدولية” تأكيداً للدور الاستثنائي الذي يلعبه بينالي الشارقة، والمكانة المرموقة التي يحتلها على خريطة البيناليات الدولية.
حمل بينالي الشارقة لعام 2017 عنوان”تماوج” وتمركز حول أربع ثيمات هي: الماء، والمحاصيل، والطهي، والأرض. وكان من تقييم كريستين طعمة، المدير المؤسس لـ”أشكال ألوان”، الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية في بيروت. استمر البينالي لعام كامل (أكتوبر 2016 – أكتوبر 2017)، وشهد إلى جانب امتداده الزمني توسعاً مكانياً، إذ انعقدت فعالياته في خمس مدن، واشتمل على معارض وبرامج من فصلين، عُقدا في كل من الشارقة وبيروت، وبرنامج تعليمي استمر لعام كامل في الشارقة ضمن “مدرسة بينالي الشارقة 13″، ومشروعات أقيمت بالتوازي في كل من اسطنبول وبيروت وداكار ورام الله، ومنصّة للنشر الإلكتروني على الإنترنت بعنوان “تماوج”، ومكتبة إلكترونية تحوي مواد بحثية خاصة بثيمات البينالي: هذا وقد شهد بينالي الشارقة حضوراً لافتاً لهذا العام بزيادة بلغت نسبتها 25% عن دورة عام 2015، إذ تجاوز عدد الزوار 120 ألف زائر مقارنة بـ 90 ألف زائر في النسخة السابقة.
وفي إطار معارضها الفردية نظمت مؤسسة الشارقة للفنون أحد أضخم المعارض الاستعادية الفردية للفنان الراحل حسن شريف تحت عنوان “حسن شريف: فنان العمل الواحد” والذي جرى افتتاحه في نوفمبر الماضي برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وقد قدم المعرض أعمالاً أنتجها الفنان على مدار خمسة عقود من ممارسته الفنية في الرسم، والنحت، والتجميع، والأعمال التركيبية، والتصوير الفوتوغرافي، إضافة لأعمال تعرض للمرة الأولى. كما تضمن المعرض الذي يستمر حتى 3 فبراير 2018 رسومات شريف الكاريكاتورية الأولى وأعماله شبه النظامية والأدائية.
وفي سياق متصل نظمت المؤسسة في يناير 2017 معرض للفنان الراحل أحمد مرسي بعنوان “خيالات حوارية”، وقد تضمن المعرض لوحات مرسي التشخيصية والفانتازية ورسوماته السوريالية الكبرى. إضافة إلى تصاميمه في المسرح، ومواد أرشيفية تشمل مؤلفاته وكتاباته، في استعراض لمنجزه الفني والثقافي منذ أربعينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا.
كما أطلقت مؤسسة الشارقة للفنون أولى فعاليات برنامجها الموسيقي الذي تقدمه للمرة الأولى، حيث أقامت في شهر نوفمبر مجموعة من ورش العمل الموسيقية ضمن برنامج الإقامة التعليمي، إلى جانب حفل موسيقي قدمته فرقة “مزلش الفُكر” الأفريقية، ومن المقرر أن تعقد فعاليات هذا البرنامج على مدار عام 2018 مقدماً حفلات موسيقية وورش عمل ودورات تدريبية وجلسات نقاشية. كما قدمت المؤسسة 30 عرضاً سنيمائياً ضمن برنامجها للأفلام في سينما سراب المدينة في ساحة المريجة، إضافة إلى دورة مكثفة حول صناعة الأفلام الرقمية. بينما قدمت في برنامجها التعليمي ما يزيد عن 300 ورشة عمل موجهة للكبار والصغار، وطلاب المدارس والمراكز الفنية وذوي الإعاقة، شارك بها ما يقرب الـ 12 ألف مشارك.
واستكمالاً للجهود التي تبذلها المؤسسة في التواصل مع الجمهور المحلي وتحفيزه على المشاركة في المشهد الثقافي والفني افتتحت المؤسسة في أغسطس الماضي معرض التصوير الفوتوغرافي “الشارقة، وجهة نظر” في نسخته الخامسة، ويعد المعرض أحد البرامج المجتمعية التي أطلقتها المؤسسة لتعزيز مهارات المصوّرين المحليين والإقليميين، وتشجيع تشاركهم الأفكار والخبرات، إضافة لطرح فرص تعاون جديدة في المجال الثقافي المحلي والإقليمي. وقد شارك في المعرض 63 مصوراً من دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي عرضوا 175 عملاً فوتوغرافياً تتمحور حول ثيمة المعرض لهذا العام “العمارة والمشهد الحضري”.
واستهلت مؤسسة الشارقة للفنون فعالياتها لفصل الخريف بمعرض مخصص لدعم الفنانين الشباب بعنوان “مشروع مارس” الذي أقيم في دورته الرابعة، وقد تضمن عدة مشاريع فنية أنجزت من قبل أربعة فنانين هم العنود العبيدلي وناصر نصرالله من دولة الإمارت ، ومحمود الصفدي من لبنان، وسفيان زوقار من الجزائر. وقد تضمنت الأعمال المقدمة لهذه الدورة موضوعات على اتصال بتاريخ إمارة الشارقة المعاصر، فضلاً عن اختبار أسئلة متعلقة بالإنتاج والاستهلاك، وتنوعت ما بين أعمال الفيديو، والتصوير الفوتوغرافي، والمنحوتات، والأعمال التركيبية.
كما قدمت المؤسسة معرض “مختارات: صيف 2017″، الذي تضمن مجموعة أعمال من مقتنياتها الفنية لكل من نيفين ألاداغ، ورشيد أرائين، وفؤاد الخوري، وإيمان عيسى، وسارة رهبار، والتي عرضت في ساحة المريجة في إمارة الشارقة. وعرضت أعمالاً أخرى في استديوهات الحمرية التي افتتحت مؤخراً، لكل من هالة العاني، وعمار العطار، ولمياء قرقاش، وأندرياس غورسكي، وأيمن رمضان.
وضمن مبادراتها لدعم فناني المنطقة عالمياً، قدمت المؤسسة هذا العام الدعم للعديد من المشروعات والأعمال الفنية، إضافة لعروض الأداء، وتوزعت خارطة دعمها على أهم الفعاليات والمحافل الدولية بما يشمل “بينالي فينيسيا 57″ و”معرض دوكيومنتا للفن المعاصر”.
وفي هذا السياق دعمت المؤسسة معرضاً للفنان الإماراتي الراحل حسن شريف (1958 – 2016)، بالإضافة إلى دعمها لمشاركة كل من الفنان الإماراتي عبد الله السعدي، والفنان الباكستاني رشيد أرائين، في “بينالي فينيسيا 57” الذي انطلق في مايو الماضي تحت عنوان “فيفا آرت فيفا”. كما قدّمت الدعم لعدة عروض أدائية وسينمائية من ضمنها: عرض للفنان وائل شوقي وعمله المسرحي “أغنية رولاند: النسخة العربية” (2017)، والعرض الأدائي “7” (2017) للفنان رضوان مريزيجا، الذي تم عرضه في مايو الماضي في “استوديوهات كاي” في بروكسل. كما عرض في مايو الماضي فيلم “اسميرنا” من إخراج جوانا حاجي توما وخليل جريج، والذي شاركت في إنتاجه مؤسسة الشارقة للفنون، وذلك في غاليري “وايت شابل للفنون” في لندن. وصاحب العرض إطلاق كتاب “شمسان في المغيب”، وأتبع بجلسة حوارية جمعت كل من توما وجريج مع الشيخة حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون.
كما دعمت المؤسسة عدداً من الأعمال التي عرضت في “معرض دوكيومنتا للفن المعاصر” المقام في كل من أثينا وكاسل، حيث قدمت المؤسسة الدعم للفنان نعيم مهيمن وذلك في عملين بصريين في عرضهما العالمي الأول. إلى جانب عمل فيديو تركيبي ثلاثي القنوات تحت عنوان “لقاءان وجنازة” (2017). إضافة إلى مشروع “شاميانا-غداء للفكر: فكر للتغيير” (2016-2017)، الذي قدمه الفنان رشيد آرائين.
هذا وقد افتتحت مؤسسة الشارقة للفنون عدة معارض دولية من ضمنها: معرض “حين يصبح الفن حرية: السرياليون المصريون (1938-1965)”، في شهر أبريل الماضي، وذلك في المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر في سيؤول، كوريا الجنوبية، التي تمثل المحطة الثانية للمعرض عقب افتتاحه في قصر الفنون في القاهرة في سبتمبر 2016. ومعرض do it بالعربي المتنقل الذي تم افتتاحه في رام الله في شهر مايو وفي القاهرة في يوليو 2017.