|  آخر تحديث سبتمبر 29, 2017 , 13:12 م

الصيد بالصقور موروث عريق وحضارة أصيلة


الصيد بالصقور موروث عريق وحضارة أصيلة



تلعب الصقور دورا مهما في تاريخ الشعوب العربية وحضارتها الأصيلة وموروثها العريق خاصة في دولة الإمارات ودول الخليج العربية. فمنذ أن عرف الإنسان هذا الطائر الفريد بشكله ونوعه وفصيلته وخصائله حتى أصبح رمزا للقوة والرفعة والصبر والشجاعة ليذكر في كثير من القصائد العربية التي تغزلت بجمال عينه وحدتها وضربت الأمثال بقوته الخارقة.

وتعد رياضة القنص بالصقور من أشهر أنواع الرياضات التي عرفها الآباء والأجداد في دولة الإمارات والجزيرة العربية منذ أزمنة بعيدة وتوارثها الأبناء عنهم، حيث يعتبر العرب أول من عرفوا هذه الرياضة التي تعتبر من الهوايات المفضلة في حين تعد دولة الإمارات الدولة الأولى عالميا التي أصدرت جواز سفر للصقور وأنشأت مستشفى خاصا لها عام 1983 في دبي لتتكامل بذلك الجهود الرسمية والشعبية في إعطاء هذه الرياضة التي تربط الإماراتيين بحياة آبائهم وأجدادهم.

وأحب أهل الإمارات والخليج العربي الصقر وقسموه لعدة أقسام حسب نوعه وحجمه وذكائه وسرعته وقوته ودخلت الصقور حياتهم منذ زمن بعيد وعاشت معهم حياة طويلة استطاعت فيها أن تؤكد أنه لا مناص من أن تظل ركنا أصيلا في تاريخ الحياه الاجتماعية لتكتسب الصقور مكانة اجتماعية راقية ساهمت بشكل كبير في صياغة الأدب الشعبي الإماراتي والخليجي بل صارت ملهمة للعديد من الشعراء الذين أبدعوا في وصفها وحبها وتقدير مكانتها.

ونالت رياضة الصيد بالصقور في الإمارات اهتماما خاصا وذلك بفضل دعم قيادة الدولة الرشيدة التي سارت على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الذي قال «إن الصيد بالصقور رياضة هامة ووسيلة من الوسائل التي تعلم الصبر والجلد والقوة كما إنها تعتبر لونا من ألوان التغلب على الخصم بالذكاء والقوة وتظهر قدرة ابن البادية على تأنيس هذا الطير الجارح وتأديبه.. يأمره فيطيعه ويناديه فيحضر مسرعا إليه».

 

 

وقد تبنت دولة الإمارات العديد من المبادرات لحماية الصقور والطرائد الرئيسة من الأنواع المهددة بالانقراض والحفاظ عليها مثل برنامج الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لإطلاق الصقور الذي يهدف إلى إعادة الصقور إلى بيئتها في مواطن تكاثرها الطبيعية وإتاحة الفرصة لها للتكاثر واستكمال دورة حياتها. ويعتبر مشروع «البروفالكن لإكثار الصقور» في مدينة العين من المشاريع الرائدة للحافظ على الصقور البرية في العالم.

ولعل الاهتمام المتزايد بالصقور وإعادة إحياء عادة تعود إلى آلاف السنوات تعكسان الجهود المبذولة من مختلف مكونات المجتمع الإماراتي للحفاظ على التراث والرياضات التراثية، وفي هذا الصدد جاءت فكرة إنشاء نادي صقاري الإمارات الذي يعتبر الأول من نوعه في العالم العربي ليكون المظلة التي تجمع كل صقاري المنطقة.

ويهدف النادي إلى نشر الوعي والارتقاء بمستوى رياضة الصيد بالصقور في دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي بهدف المحافظة عليها كتراث مهم في المنطقة فضلا عن نشر أخلاقيات رياضة الصيد بالصقور والتعريف بصفات الصقر وعاداته وأطوار حياته وأنواعه ومواطنه الأصلية وهجراته إلى جانب نقل إرث الأجداد إلى الأجيال القادمة.

ويبدأ موسم الصيد بالصقور في الإمارات كما في دول الخليج العربي بفصل الخريف حيث تبدأ طيور الحبارى بالهجرة إلى مواطن تكاثرها من أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر وينتهي في شهر مارس عندما تبدأ حرارة فصل الصيف.

ويستطيع الصقارون التعرف على بدء موسم الصيد مع بدء طلوع نجم سهيل، حيث تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض وتصاحب ذلك تغيرات طبيعية، اذ يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية وانخفاض درجة حرارة المياه وتبدأ طلائع الطيور المهاجرة البرية والبحرية في الوصول إلى شواطئ الخليج العربي الدافئة وتسمى عملية نزوح الطيور إلى هذه المنطقة بـ«اللفو» كما تعرف عملية هجرة الطيور في طريق مناطق الإشتاء وعودتها إلى مواطن تكاثرها بـ «العبور».

ويبدأ البحث عن الحبارى منذ الفجر والجو لا يزال باردا وجافا وهو الوقت المناسب للصيد وقد يستمر إلى الساعة الحادية عشرة ليعود من جديد بعد الظهر وذلك خلال فترة قصيرة للغاية تمتد من نوفمبر إلى ديسمبر يقوم خلالها الصقار بتقصي آثار أصابع الحبارى والصقر فوق قبضته ويكون الصقار قد جوع صقره ليلة الصيد ليقوى وينشط وعندما يقف على أثر أو على عشب ينزع الكمامة عن رأسه ويدعه يتحسس ريح الحبارى وهي أهم مراحل الصيد.

 

لدى الصقور أربعة أنواع يأتي أجودها الصقر الحر الذي يمتاز بكثرة ألوانه وبكبر هامته وله مكانة خاصة عند الصيادين والمدربين ومحبي الطيور الإماراتيين، حيث يعشقون لونه الأبيض إضافة إلى صقر الجير الذي يعد من أفضل أنواع الصقور النادرة لتميزه بالسرعة في صيد الفرائس علاوة على صقر يسمى «القرموشة» الذي يتميز بطول منقاره وصغر رأسه وكذلك الصقر الشاهين.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com