عندما نشير الى حقوق الطفل الغائبة، فاننا نسهب بالقول حول تعداد اسماء المنظمات التي تعنى بالطفل وحول حقوق الطفل من حق الحياة والعيش الكريم والاسم والهواء والعائلة، وبعدها نستمر في تقديس انفسنا كسادة فنحن اصحاب الايدي البيضاء لهم عندما نقوم بتعداد مافعلناه وننشر الصور التي قد تمجد ذاتنا وترضي غرورنا لكن لن يستوقفنا شيء بسيط ولكنه اعظم مايكون من انجازات الكرماء عندما نلمح خلالها صوره لطفل يبتسم في عيون مجروحه في كلمة لماذا انا وليس غيري؟ ولماذا اكون سلعة للشهرة والتمجيد لمن قصد بعمد او بلا عمد.
فاالحقيقة ان الطفل الذي يعيش في عالمنا وعلى كوكب الارض، هو طفل الحرب وطفل الشارع وطفل المدرسة والطفل المهمش وذوي الاحتياجات وكلهم اطفال وفي عالمهم الخيال والطبيعة والاحلام الوردية التي تلفهم.
فالطفل ياسادة هو خليط من الطبيعة الربيعية وذهبية الشمس المشرقة والنجوم المضيئة في عتمة الليل، لكن لم ينصف ولم يعطى حقوقه وطلبت منه واجبات وعليه تأديتها دون الرفض او التبرير.
طفولة مهمشة مدمرة متكسرة في حدقات عيونهم التي تتسع عندما يرون امامهم اباُ يلاعب ابناءه ويتعارك معهم بسعادة واصواتهم كلحن متناغم يرتفع وينخفض كعزف منفرد على يدي محترف عاشق لالحانه.
وذلك الاخر القابع امام الماره منتظرا من يشير له بمسح زجاج سيارته او الامر بأنه قد اقر ان يمن عليه بشراء قطعة من الحلوى او حبة من قطع العلكة التي يحتضنها طوال الوقت مناديا على من يشتريها وهو يعلم ان الغاية ليست شراء العلكة على قدر انتظار كرم الماره.
وفي الزاوية المظلمة يقبع طفلا يراقب الجميع دون حركة، لماذا؟ هو من العيب عليه الاختلاط باقرانه ومن العيب التوجه الى الاخرين لكي يلعب لانه سيكون عاله عليهم وبلا فائدة وسيجلب المشاكل.
ولاننسى ذلك اللقيط الذي احتضنه الشارع في مراحله الاولى وبروز اسنانه وبداية حركاته الاولى في المشي لينتج هذا الشارع طفلا مدمرا يرى الدنيا سوداء مقيته فهو بلا اهل ولا مأوى ولا حتى اسم .
واه من طفل الحروب والذي رأى وسرى الويلات ثم الويلات واهله تتساقط عليهم الرصاص وتنتهي حياتهم ووجهه المملوء بالدماء والاتربه، كشبح استقر في البيوت المهدمة صارخا من هول الصدمة. فلا هو قادر على الحركة ولا حتى صوت النداء لديه مسموع فالجميع نيام في سبات عميق بلا عودة، ليكمل لملمة نفسه في الجروح العميقة التي لن تندمل ولن تتوقف نزيفها الداخلي وان توقف شكلها من الخارج فهو طفل مقتول ويمشي بين الاحياء.
فلو سألنا انفسنا ماذا منحناك ايها الطفل الصغير؟ طعام … لباس… مأوى…. لكن عليهم كتابة تقرير موقع ومختوم من الجهة التي اقرت ان تعطيك واضف عليه صوره لك وانت تاكل وانت ترتدي ملابسهم وانت تلعب في فناء مأواهم!
اهذا ما يسمى منح الحقوق يا ساده…
بقلم: مي خليل الهندي
ناشطة مجتمعية في مجال حقوق الطفل
المملكة الاردنية الهاشمية- عمان
2 التعليقات
ياسر علي عبدالرازق
2017-05-10 at 6:10 م (UTC 4) رابط التعليق
موفقة يادكتورة
(0) (0)دائما حروفك بناءة هادفة مهتمة بالعمل الطوعي والانساني سلمتي وسلم يراعك
نـدى الخطيب
2017-05-10 at 9:16 م (UTC 4) رابط التعليق
رااائعه تلك الحروف الشامخه التي تعكس مرآة الواقع المتكسّره بقلوب الطفولة الصارخة بحقها أن تحيا حياة كما هي الحياة مزدانة بندوات حقوق الطفل والانسانيه!!
(0) (0)