من أرقى أنواع الاهتمام هو مراعاة الأطفال وتقديم ما هو بالمستطاع كي ينعموا بالحياة الطيبة الأخلاقية والنفسية والمادية، فترى الوالدين يحنون ويحرصون على حفظ أبنائهم من كل أذى، ومع ذلك نلاحظ في كل يوم وعلى الطريق صورا متنوعة من إهمال الآباء لسلامة أطفالهم في داخل السيارة.
ولعلي أطرح هنا بعضا منها دون كثير تعليق كي نختصر المقال ونكتفي بالإشارة، فترى الأب يقود السيارة بيد وقد أمسك بطفله الرضيع في اليد الأخرى، وكأنه في حلبة سيرك أو يقلد رجل الغابة المعروف، أو يكون قد وضعه في حضنه، لاحظت أحدهم يفعل ذلك فتبعته إلى أن جمعتنا إشارة المرور الحمراء، ففتحت نافذة السيارة وحدثته بكلمات قليلة وأهديته كتيبا في هذا الشأن بعد أن فتحت الصفحة التي تحتوي على صورة تشابه حاله مع ابنه، وتقبل الرجل الهدية متفهما وشاكرا، فكلمة منك لأحد من مستخدمي الطريق الذين يغفلون عن بعض جوانب السلامة تعين على تدارك كثير من الأخطاء.
ومع تشتيت انتباه الأب عن الطريق وانعكاس ذلك على سرعة وسلامة ردود الفعل تجاه أي طارئ فإن قوة الاصطدام، في حالة وقوعه، ستدفع بالطفل بقوة إلى الزجاج الأمامي أو الانحشار ما بين السائق وعجلة القيادة، والعطف على الطفل واللعب معه بالتأكيد ليس مكانه السيارة، وبالأخص أثناء القيادة، وإذا اضطر أحدنا لاصطحاب طفله معه ولوحده فليضعه في الكرسي الذي يُثبت على مقعد السيارة الخلفي مع ربطه بحزام الكرسي وحزام الأمان في السيارة، كما أن بقاء الطفل في حضن أمه وفي المقعد الأمامي يشكل خطرا قد يتبعه إصابات تصل إلى الإعاقة والوفاة.
كما أن ترك الطفل لوحده دون مراقبة ولو لدقائق قليلة في السيارة أمر مهول، وخاصة وهي في طور التشغيل، وهذا يحدث كثيرا في أشهر الصيف حين يترك الأب صغاره في السيارة متمتعين ببرودة التكييف إلى أن يقضي أعماله، فقد يقوم الأطفال بدافع الفضول أو الخطأ بتحريكها، وهذا يقودنا إلى الانتباه وعدم ترك مفتاح السيارة في موضع التشغيل، بل ينبغي حمله معنا عند النزول لقضاء بعض الأشغال.
وتمثل ولاعة السيارة مصدرا كبيرا لفضول الأطفال، فقد يلعب الطفل بها مسببا بذلك حريقا.
ووضع الأطفال، وخاصة الرضع، في داخل السيارة لوحدهم أثناء الجو الحار أو في فترات الظهيرة يؤدي إلى حوادث مؤلمة، فقد حدثني أحدهم أن قريبا له ترك ولده الرضيع في السيارة ونزل لقضاء أمر ما، وشغله ذلك الأمر عن تذكر ولده، وحين عاد بعد فترة ليست بالقصيرة فجع برؤيته الصغير وقد تفجرت منه الدماء مفارقا للحياة.
ويتسابق الصغار للفوز بالجلوس قرب باب السيارة لما ينالونه من متعة، فيكونون عرضة لخطر فتح الباب المفاجئ عن طريق الخطأ، أو لإصابات نتيجة إخراج أيديهم ورؤوسهم من النافذة، وقد حدث مثل ذلك من الحوادث الكثير، ولمعالجة هذا الأمر وضع مصممو السيارات الأقفال المركزية للأبواب والنوافذ، وخاصة قفل الباب الذي يمنع فتحه من الداخل.
نقاط بسيطة في مجملها وعند مراعاتها، بإذن الله، نحافظ على أطفالنا سالمين.
نسأل الله أن يحفظهم وذويهم من كل سوء.
كتب – عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون – السعودية
أخصائي سلامة وناشط اجتماعي