قالت معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة دولة للتسامح إن اشتمال التشكيل الوزاري الأخير في دولة الإمارات على ثلاث حقائب وزارية للتسامح والسعادة والشباب يعكس رؤية القيادة الرشيدة لترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية في المجتمع والاهتمام بالشباب وتعزيز الشعور بالسعادة لدى كل من يعيش على أرض الإمارات أو يحل عليها ضيفا مكرما.
وأضافت معاليها أن التسامح يعد من الركائز الأساسية التي قام عليها بنيان دولة الإمارات والتي ترسخت من خلال رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ليسير على النهج ذاته من بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لتتواصل مسيرة الإمارات نحو خلق مجتمع متماسك يتقبل الآخر وينبذ التمييز والكراهية حتى بات مثالا يحتذى بين دول العالم وأصبحت الإمارات حلما للشباب العربي لما تتسم به كدولة تنعم بالسلام والأمن والأمان.
وقالت إن موضوع التسامح يحظى باهتمام كبير من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مؤكدة أن كافة المبادرات التي يطلقها سموه تهدف إلى نشر الروح الإيجابية بين الناس لاسيما الشباب مع إيمان سموه بأنه لا يوجد مستحيل طالما وجدت الإرادة والعزيمة للوصول للهدف.
جاء ذلك خلال فعالية “مساء التسامح” التي تم تنظيمها ضمن اليوم الأول للقمة بحضور منى غانم المري رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية لقمة رواد التواصل الاجتماعي العرب ومجموعة من أبرز المؤثرين العرب على مواقع التواصل الاجتماعي من أصحاب التخصصات المتنوعة حيث دعت معالي الشيخة لبنى القاسمي إلى تطوير السبل الكفيلة بتسخير أدوات التواصل الاجتماعي كمنصات لنشر قيم التسامح والفكر المعتدل.
وقالت معاليها إن المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي عليهم مسؤولية كبيرة لما تتمتع به تلك المنصات من إمكانات هائلة جلعت منها “سلطة الخامسة” على حد تعبير الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.. وقالت إن سموه أطلق على منصات التواصل هذه الصفة لما لها اليوم من تأثير كبير في المجتمع ما يعظم المسؤولية الملقاة على عاتق المؤثرين لقدرتهم على الوصول على عقول متابعيهم لغرس الأفكار الإيجابية كسفراء للتسامح في عالم التواصل الاجتماعي.
وأوضحت أن ارتفاع حدة الكراهية والتي عكستها الحوادث التي ألمت بعدة دول جعلت من الضروري العمل على إعادة الإعمار الفكري وتكوين بنية مؤسسية لحماية قيم التسامح وبالفعل استحدثت الإمارات منصب وزيرة الدولة للتسامح في فبراير 2016 لتكون بذلك الأولى عالميا في تأسيس هذا الموقع الحكومي وتلى ذلك العديد من الخطوات المهمة وخلال فترة زمنية وجيزة شملت إطلاق “المعهد الدولي للتسامح” كما تم الإعلان عن “جائزة محمد بن راشد للتسامح” ومن ثم إعداد “البرنامج الوطني للتسامح” والذي تمت صياغته من خلال التواصل مع كافة فئات المجتمع بغرض تطوير السياسات التي ترسخ قيم التسامح وخلق قيادات شبابية للترويج لهذا الفكر.
ولفتت إلى أن مفهوم التسامح وما يتم إنجازه في هذا المجال ليس مجرد رسالة من الإمارات للعالم فقط بل حزمة متكاملة من السياسات والمبادرات التي تعمل الحكومة على تطبيقها في الداخل أيضا وهو ما تعكسه محاور البرنامج الوطني للتسامح والتي تعنى بترسيخ دور الأسرة وتعزيز دور الشباب لحمايتهم من الأفكار المتعصبة والفكر المتطرف وإثراء المحتوى الثقافي والعلمي الذي يعلي من شأن قيم التسامح.
وأوضحت معاليها أن البرنامج الوطني للتسامح يولي اهتماما كبيرا لدور الأسرة المترابطة في بناء مجتمع يعلي قيم التسامح وذلك من خلال تطوير وإطلاق شراكات ومبادرات بالتعاون مع مختلف الجهات والهيئات وفي مقدمتها: وزارة الداخلية ووزارة التربية والتعليم والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ومؤسسة التنمية الأسرية منوهة أن الأسرة تمثل نقطة الانطلاق لرفد المجتمع بأشخاص يؤمنون بقيم التسامح ويعززون ذلك النهج من خلال سلوكيات تعكس القدرة على تقبل الآخر.
وأكدت معاليها أن البرنامج يؤطر كذلك السبل الهادفة لنشر قيم التسامح لدى الشباب لحمايتهم من الأفكار المتعصبة من خلال ترسيخ القيم الصحيحة للدين الإسلامي وتسليط الضوء على الممارسات التي يتبعها أصحاب الأفكار الهدامة لبث روح العنصرية والتعصب في عقول الشباب لافتة أن رواد التواصل الاجتماعي بما لهم من تأثير قادرين على التصدي لمثل هذه اللغة الطائفية والأفكار البعيدة عن القيم الإسلامية السمحاء لاسيما وأن شبكة الإنترنت عموما ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة أصبحت ساحة خصبة لاستقطاب الشباب من قبل الجماعات المتطرفة ووسيلة لنشر روح الكراهية والتعصب.
وأشارت معالي الشيخة لبنى القاسمي أنها تعنى أيضا بإثراء المحتوى العلمي والثقافي للتسامح حيث سيتم تدشين الدليل الإرشادي الإماراتي للتسامح وهو إصدار يحتوي على أهم المصطلحات ذات العلاقة والقوانين المحلية والدولية بحيث يعتبر مرجع محلي ودولي للباحثين في المجال كما سيتم إطلاق ميثاق المبادئ الإماراتية والذي يفصل سياسة الدولة وتوجهاتها في هذا الصدد.
وقالت معاليها إنه يرتكز على سبعة أسس رئيسية يأتي في مقدمتها الدين الإسلامي الحنيف وما يحمله من تعاليم تحث على التسامح واحترام الآخر ونبذ العنف والكراهية والتطرف والعنصرية والتمييز ودستور الإمارات الذي نص على أن تكون علاقات الدولة مع مختلف الدول قائمة على أساس الاحترام المتبادل والجميع سواسية أمام القانون وحرية القيام بشعائر الدين مصونة بالقانون وإرث زايد المتمثل في قبول الأخر واحترامه بغض النظر عن عقيدته أو ثقافته والمواثيق الدولية المعنية بالتسامح.
وأشارت معالي وزيرة الدولة للتسامح أن التاريخ الإماراتي والآثار التي تم اكتشافها يعدان من الأسس التي يتركز عليها البرنامج حيث يعكسان تأصل فكر التسامح في أرض الإمارات منذ أزمنة بعيدة كما تعتبر الفطرة الإنسانية السليمة واحدة من هذه الأسس إضافة إلى القيم المشتركة التي تتبناها الإمارات كعضو مؤثر في الأسرة الدولية.. لافتة إلى المسؤولية الكبيرة التي يحملها رواد التواصل الاجتماعي كشريك مهم للتصدي للهجمات الفكرية المتلاحقة التي تشهدها المنطقة وبقاع مختلفة من العالم .. مشيرة إلى تحقيق الوسم الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي في اليوم العالمي للتسامح والذي يوافق السادس عشر من نوفمبر من كل عام 472 مليون انطباع خلال فترة وجيزة لم تتجاوز ثلاثة أسابيع وهو ما يعطي إشارة واضحة بأن منصات التواصل قادرة على القيام بدور فعال لنشر الفكر الإيجابي وكقوة قادرة على ردع الأفكار الهدامة.
وشهد اللقاء تفاعلا كبيرا من المؤثرين الحضور حيث تم مناقشة مجموعة كبيرة من الأفكار والآراء الهادفة إلى اجتثاث جذور الفكر المتطرف من خلال مختلف السبل والتي يأتي في مقدمتها تطويع وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم الأفكار المعتدلة للشباب لاسيما وأن الفئات العمرية الأقل من 28 عاما يستخدمون هذه المنصات بنسبة تصل إلى نحو 98 في المائة في حين طالب الحضور بضرورة تطوير محتوى باللغة العربية لغرس قيم التسامح في نفوس الأطفال من خلال نص يراعي خصوصية هذه المرحلة العمرية وتصميم مبتكر يجذب عين وعقل الطفل مشيرين إلى ندرة الكتب أو القصص العربية المعنية بهذه المحاور على الرغم من توافرها بلغات مختلفة.
واكد ضيوف الفعالية أن وزارة التسامح أصبحت ضرورة ملحة وليست رفاهية في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة وما يشهده العالم من تغيرات سريعة الوتيرة سمحت بظهور الفكر الإرهابي وهو ما يعكس الرؤية المستقبلية الثاقبة للقيادة الإماراتية التي تعد الأولى والوحيدة في العالم في استحداث هذه الحقيبة الوزارية. وتناول الحضور كذلك نوعية الآليات التي يمكن استخدامها وتبنيها لقياس التسامح وضرورة تطوير المبادرات والمؤشرات القادرة على ذلك والمصممة بصورة تتماشى مع طبيعة المجتمع.
وأشارت معالي الشيخة لبنى القاسمي أن توجيه الكلمات العنصرية أو تلك التي تحض على العنف والكراهية بات مجرما من قبل القانون الإماراتي في خطوة تهدف إلى تعزيز أسس التواصل وفق معايير محددة وذلك لتمهيد وتهيئة بيئة خصبة للحوار في حين أكد الحضور أن قانون “مكافحة التمييز والكراهية” يعد خطوة استباقية تحصن المجتمع الإماراتي من أي مظهر من مظاهر التمييز والكراهية بمختلف أشكالها وأنه وعلى الرغم من التماسك الاجتماعي الذي تتميز به الإمارات إلا أن صدور القانون بهذا التوقيت يؤكد أن دولة الإمارات حريصة كل الحرص على تأمين كل ما من شأنه تعزيز السلم المجتمعي وقطع الطريق أمام أية ممارسات غير مقبولة.
ودعا رواد التواصل الاجتماعي إلى ضرورة ترجمة مثل تلك القوانين بعدة لغات كي يتسنى لكافة المتواجدين على أرض الإمارات فهمها وإدراك مغزاها.
وفي نهاية الجلسة ناقش رواد التواصل الاجتماعي الحاضرين فكرة مبادرة يلتزم من خلالها المؤثرون بإرسال رسالة يوميا من حساباتهم الخاصة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي لنشر فكر التسامح بصورة عامة وبأشكال متنوعة.