|  آخر تحديث نوفمبر 24, 2016 , 20:45 م

من أجل عينيك عشقت الهوى


بقلم الكاتب: محمد القيَّاتي - (مصر)

من أجل عينيك عشقت الهوى



تقابلا الحبيبان في خلسة من الزمن الجميل ، تَقدّم لها ووافقت على الزواج منه ، رأى فيها روعة الحاضر وجمال المستقبل المشرق ، كانت ثمرة هذا العناق الجميل طفلا يعشقه كل مَن رآه ، ففيه خفة الظل ، وبهاء الطلعة ..
قضى الحبيبان مع طفلهما أوقاتا هادئة وساعات من البهجة و السرور ..
لم يعرفا أن القدر يخبّئ لهما ما لا يحتسبان ، ففي وقت الخريف داهم الريح هذه الأسرة السعيدة ؛ فقد اختار الموت زوجته الرقيقة في صباها ولم ينعما بمزيد من الدفء والحنان والأمومة ..
اكتنف هذا العش المزيد من الآلام .. خاصة الأب الذي اعتاد أن يصحو على أنفاس زوجته الحنونة ..
حاول الأب أن يقوم بدور الأم والأب في آن واحد ، حتى لا يشعر الصبي بفقدان أمه ؛ فتنهار مشاعره ، ويجافيه النوم ويفقد كل معاني الحياة ..
تمر الأيام وتتوالى الفصول بربيعها وصيفها ما بين الدراسة والتعلم والتنزه والرحلات ، وإذا بعلاقة من العشق تنشأ بين الأب والصبي ، فيرى فيه جمال الحبيبة ورقتها وخفة ظلها ..
كان الأب لا يتناول زاده إلا بمجيئه ، ولاينام قرير العين حتى يحكي له بعض القصص ، ثم يسبل الغطاء على جسده النحيل ، ويطفئ السراج ..
كبُرَ الفتى وازداد فتوة وبهاءا ، ويعود الخريف مرة أخرى ؛ ليصدم الأب العاشق بما لا يتخيل من ألم الفراق الروحي وسياط الهوى ..
لقد قرر الفتى الهجر والسفر للخارج ؛ ليكمل دراسته الجامعية ، ليبقى العاشق وحيدا منفردا بين أطلال عشَه ، وأحلام الكرى ، ويقول للتسهيد لا لا ترحل ..
حاول معه مرات ومرات ليثنيه عن قراره ، ولكنّ الفتى يصرّ ضاربا بكل السنوات العِذاب عرض الحائط .. ، ويسافر تاركا والده بين جنبات من الحزن والأسى والفراق ..
وفي طريق العودة من المطار ، وبعدما رحل الفتى البهيّ .. ، يفتح الأب المذياع كي يجد السلوى عن الفراق ، وإذا بكوكب الشرق أم كلثوم تشدو قصيدة
” من أجل عينيك ”
من أجل عينيك عشقت الهوى
بعد زمان كنت فيه الخلى
وأصبحت عينى بعد الكرى
تقول للتسهيد لا ترحل
يافاتناً لولاهُ ماهزّنى وجدُ
ولاطعم الهوى طاب لى
هذا فؤاى فامتلك أمرهُ
 

بقلم الكاتب: محمد القيَّاتي – (مصر)


1 التعليقات

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com