ها نحن ذا نقف سويا ً على عتبات حكاية وسام وبيلسان في أجمل بلاد للرمّان بعدما توقفنا في نهاية الجزء الثاني عند بيلسان وهي تحاول اقناع الملك هُمام بعد السماح لذلك الطريق الذي سيربطهم ببلاد الخيزران بأن يأخذ أرضهم حقلهم أشجارهم وكل ّ ما يملكونه وكل ما سكنت إليه أرواحهم وذلك بعد أن قامت بيلسان بأخذ عنقود عنب جميل والضغط عليه بكلتا قدميها أمام الملك والملكة نوران, مما أغضب الملك همام بعدما كاد يقتنع بكلامها وبراعة أسلوبها, فماذا كان هدف بيلسان من هذه الخطوة وكيف تتطورت من بعدها الاحوال هذا ما سنعرفه في الجزء الثالث والأخير من حكاية بلاد الرمان, فإليكم ما جرى.. وبعدها قامت بيلسان بأخذ عنقودِ عنبٍ جميل كان َ قد وضِعَ على منضدةٍ أمام َ الملكِ وزوجتهِ نوران فقامت برميهِ والضغطِ عليهِ حتى تَلِفَ وأصبحَ غيرَ صالحٍ للإستعمال, فتَعجَّبَ الجميعُ منها وغضِبَ الملكُ ورفعَ صوتهُ عليها قائلاً:- كنتِ على وشكِ اقناعي بأسلوبكِ المهذَّبِ والجميل ولكن بما تفسرينَ ما فعلتهِ الآن وتدميرِ عنقودِ العنبِ بقدميكِ, ظننتكِ تٌقدرينَ نعمةَ اللهِ المنان!! فأجابته ُ بكلِّ ادبٍ وهدوءٍ بيلسان:- أعتذرُ عما فعلت سيدي ولكن هل رأيت كيف غضبتم مني جميعكم لتدميري عنقودَ عِنَبٍ بديعٍ لم يصبح الآن الا فاسدا غيرَ صالحٍ للأكل والإستعمال!! وكذلك الحالُ معنا يا مَلِكَ بلادِ الرمان فإن كنتَ سترضى بشق الطريقِ من أرضنا فستكونُ كمن يأمرُ بتدميرِ النعمةِ وقطعِ أجمل أشجارِ الرمان وجعلها حطبا ثم رماداً لا يصلحُ لأي شيءٍ كان ولا يبعثُ على السعادةِ في نفس أي انسان, ففكر جيداً أيها الملكُ المقدام قبلَ أن تُقبلَ على تدميرِ ثروةِ بلادك هذه ِ الثروة التي يتمناها كل انسان, تروَّ قليلا ً يا سيدي فشعبكَ لم يعهدك الا ملكاً تسْعَدُ بسعادتهم فأرجوك أن لا تخيّبَ ظنهم وإلا لن يعيشوا بسعادةٍ بعدَ الآن وشكراً لاستقبالكَ لنا يا ملكنا هُمام.
خرجت بيلسان مع والدها الذي أ ُعجِبَ فيها وقد بدا على وجههِ الإنبهارُ ومثْلَهُ الملكُ وزوجتهُ نوران اللذان اندهشا بذكاءِ وفطنةِ بيلسان وأسلوبِ اقناعها لهما مستعْمِلَة ً الحُجَّةَ والبرهان, فقرر الملكُ حينها بأن لا يَتمَّ شقُّ الطريقِ من حقلِ والدِ بيلسان تكريما ً لهذهِ الفتاةِ ووالدها, وما إن علِمت بيلسان ووالداها بالخبر حتى بكوا فرحاً هم وجميعُ السكان وبعثوا ببرقيةِ شكرٍ الى ملكهم الحكيم يشكرونه ُ فيها لعدَمِ قبولهِ بالظلمِ مهما كان.
وفي المساء جلسَ المَلِكُ مع زوجتهِ وابنهِ الأميرِ وسام يشرحُ لهُ سببَ تراجعهِ عن شقِّ الطريق وواصفاً لهُ بيلسان وقصَّةَ اعجابهِ بها وبما لديها من حكمةٍ ونبلِ أخلاقٍ وإخلاصٍ وحبٍّ لبلاد الرمان. وأكملت الملكةُ قائلة:- ان بلاد الرمان تنعمُ بنعَمٍ كثيرةٍ من فضلِ الله المنان فقد وهبها أشجاراً تُدرُ على سكانها أموالاً ووهب شبّانها وشّاباتها عقولاً لا تعوَّضُ بأي ثمنٍ من الاثمان كالفتاةِ التي قابلناها اليومَ لقد أحببتها لدرجة ِ أنّي تمنيت بأن تكونَ عندي ابنة ٌ بمثلِ أخلاقها وصفاتها لترتقي بهذهِ المدينة وتكونَ لي خيرَ عونٍ في أي وقتٍ كان. حضنها الاميرُ وسام وقالَ لها ممازحا اياها وهل كلامكِ هذا يعني بأنك تفضلينها علي وتتمنينَ بأن تكونَ هي َ من تحضنكِ الآن بدلاً مني, ضحكت الملكة ُ وقالت له:- لا أيها الشقي فأنت هو ابني َ الوحيد وعلى كل الأحوال هنيئاً لوالداها بها فهي تعيش بينهم الآن.
وبعدَ مرورِ ثلاثةَ أشهرٍ وبضعَ أيام, تمَّ الإنتهاء من شق الطريقِ الى بلادِ الخيزران وبعدما اطمئنَّ الملك ووزيرهُ كنان من سلامةِ الطريقِ وما أحصلهُ من تغييرٍ على سكّان بلاد الرمان, قرر هو وزوجتهُ الملكة نوران ببدءِ البحث عن الفتاةِ الملاكِ التي شغلت تفكير ابنهما الأميرِ وسام وجعلها مفاجأةً لهُ بمناسبة ِ بلوغهِ العشرينَ عام. وفي صباحِ اليوم التالي استيقظ القصرُ على أسوأ الأيام فقد مَرِضَ الأميرُ وسام واشتدَّ بهِ المرضُ لدرجةِ أنه لم يقوَ على النهوضِ واستسلمَ للفراشِ تنالُ منهُ الحمّى والتهابُ الرئتان, كان هذا مرضُ الأميرِ المتكررِ في كلِّ موسمٍ وعام ولكن هذا العام بدا مرضهُ شديداً مختلفاً عن بقيةِ الأعوام, فبكت الملكةٌ بكاءاً شديداً الى أن تورَّمت لها العينان ولم يبقَ أي حكيمٍ في البلاد إلا وشخّصَ مرضَ الأميرِ وسام ولا فائدةَ الى الآن فما كان من الملكِ الّا بأن يبعثَ الوزيرَ كنان لينشرَ خبر مرض الأمير وحاجتهم المّاسة ِ لأي حكيمٍ قادرٍ على علاجهِ قبلَ فواتِ الأوان. وما ان سَمِعَ الناسُ الخبرَ حتّى بدت على وجوهِهم علاماتُ الحزنِ الشديدِ بسبب مرض الأميرِ وسام ولم تكن لديهم أيُّ فكرةٍ عن كيفيةِ تقديمِ المساعدة للأمير الى أن تذَّكر أحدهم الملاكَ بيلسان فأسرعوا اليها طالبينَ منها الإسراعَ لمساعدةِ الأمير وسام الملكُ المستقبليُّ لبلادهم بلادُ الرمان. سمِعَ الملكُ بهذا الخبرِ فأرسلَ اليها بسرعةٍ فذهبت من دونِ أن تتواطئَ أبداً ولم يسيطر عليها القلق ُ والخوفُ ولا كان.
وما ان رءآها الملكُ والملكةُ حتى انصدما بِها فالحكيمة ُ بيلسان هي نفسها الفتاة ُ التي أعجبتهما ولم تخرجْ يوماً من فكرهِما, فأسرعا بها الى غرفةِ الأميرِ وسام وهناكَ كانتِ الصدمةُ لبيلسان فبمجرَّدِ أن رأت الأميرَ وسام حتّى تذكرت ذلكَ الشاب الذي قابلتهُ العامَ الماضي في موسِم قطف الرمان فملامحُ الأميرِ وسام بدت مقارِبَة ً تمامَ القربِ لملامحِ ذلك الشّابِ المميزِ عن غيرهِ من الشبّان, ولكنها مسحت كلَّ تلكَ الأفكارِ من عقلها وبدأت معاينة َ الأمير وانتهت بعد َ فحصهِ بتقرير ٍ يشخصُّ حالتهُ ويصفُ مرضهُ وطريقة َ عِلاجه ِ, وبعدها طلبت من بعضِ العمّالِ أن يحضروا لها بعضا ً من زهورِ ثمارِ الرمان وأعدت لهُ وصفةُ ً طبية ً كانت قد تعلمتها من حكيمها الذي توفيَّ عن عمرٍ كان َ يقارب ُ المئة َ عام, وما إن أعطتِ الدواء للأميرِ وسام حتى بدأت درجة ُ حرارته ِ بالإنخفاض وبدأ باستعادةِ وعيهِ تدريجيا ً كما توقعت بيلسان, فبكى الجميع ُ من شدَّةِ الفرحِ ومنهم بيلسان التي طلبت منهم اعطاءهُ الدواء في كل ِّ صباحٍ لمدة ِ ثلاثةِ أيام وأن يبقى تحتَ اشرافِ أحد الحكماء, وهكذا لن يرجعَ له المرضُ ولن يتكررَ بإذن الله المنان, فأبى الملكُ وزوجتهُ نوران الا وأن تبقى هي َ الى جانبهِ حتّى يستعيد َ وعيهُ ويشفى من المرضِ شفاءاً تام فوافقت بعد َ ذلك َ الكلام فحضنتها الملكةُ ُ نوران من شدَّةِ فرحها فقد أعادت البهجة َ الى قلبها وقالت لها:- أنتِ حقاً يا ابنتي فتاة ٌ نادرة ٌ قد لا يكررها الزمان, أنتِ الطفُ وأذكى فتاة ٍ قابلتها في حياتي فهل تُلبينَ لي طلبا ً يا ابنتي اللطيفة ُ بيلسان؟؟ أجابتها بيلسان:- بالتأكيد سيدتي تفضلي! فأكملت الملكة ُ قائلة ً:- هلّا ناديتني بأمي فكم تمنيت بأن يكونَ لديَّ ابنة ٌ مثلك ولكن بفضل الله رزقتُ بالأميرِ وسام. فأجابتها بيلسان:- بالتأكيدِ أمي ومن يرفضُ بأن تكون َ لهُ أمٌ مثلكِ يا أمي َ العزيزة نوران, فرِحت بكلامها الملكة ُ وشكرها الملكُ وحيّاها العمال وطلبَ منها المَلِكُ بأن تكونَ حكيمة َ القصرِ الخاصّة فرفضت بيلسان وقالت لهُ:- يا سيدي لن أكون ابداً مثالاً للإحتكار ولكنني أعدك بأن أقدم لكم المساعدة في أي وقتٍ كان.
وفي المساء وقبلَ أن تنامَ بيلسان ذهبت هي والملكُ والملكة ُ نوران لإلقاء نظرةٍ أخيرةٍ على الأمير وسام والإطمئنان ِ على وضعهِ الصحي الآن, وما إن رأت الأميرَ بيلسان حتى عادت لها الصدمة ُ مرَّة ً أخرى وبدأت تدققُ وللمرةِ الأولى بوجهِ الأميرُ وسام فبدأت صورتهُ مجدداً تختلط ُ مع صورةِ ذلكَ الشاب المقدام الذي شاهدتهُ العام َ الماضي ولم يفارقْ تفكيرها منذ ُ عام, انتبهت الملكةُ لبيلسان فسألتها بصوتٍ خائف :- ماذا بكِ يا ابنتي هل حصل شيءٌ سيء ٌ لابنيَ الاميرُ وسام, هل ما زالَ وضعهُ كما كان؟؟ أجابتها بيلسان:- لا يا أمي فابنك ِ الأمير وسام يتحسن شيئا ً فشيئا ً انهُ قوي وسيقاومُ المرضَ بإذنِ اللهِ المنان. ولكنكم قد تضحكون إذا قلتُ لكم بأني قابلتُ شخصا ً يشبهُ الأمير العام َ الماضي في موسم قطف الرمان, انَّ الأمير وسام يشبههُ حقا ً. فسألها الملكُ باهتمام:- ولمَ لفتَ انتباهكِ ذلك الشَّابُ عن غيرهِ من الشبّان ؟ فقالت بيلسان:- لقدد أحببت في ذلكَ الشاب صفاته ُ وسموَّ أخلاقهِ وتواضعهِ في معاملتهِ للسكان, وقد حصلَ لي موقفٌ معهُ عندما تقدَّم الى عربتنا باهتمام فظننتُ بأنهُ سيشتري الرمان ولكنهُ لم يجبني فظننتهُ فقيراً من غيرِ بلادنا فأعطيتهُ مني حبتي رمان. أتمنى بأن يكون َ بخيرٍ الآن. ابتسمَ الملكُ وغمرت الفرحةُ ُ قلبَ الملكةِ نوران فقد تيقنا بأن الفتاة َ الملاك التي أشغلت عقل الأمير وسام هي نفسها بيلسان التي أعجبا بها وظلّوا يتحدثون َ عنها طِيلةُ َ تلكَ الشهورُ والأيام. فما كان منهما الّا بأن يبعثا الوزيرَ كنان ليخبرَ والدي بيلسان بما جرى معها اليوم َ وقصَّة اعجابِ ابنهما الأمير وسام بأبنتهما الملاك بيلسان, وأخفيا الأمر عن بيلسان لجعلها مفاجأة ً كبرى لها وللأميرِ وسام.
ومرَّت هكذا الساعات حتى أشرقت شمس ُ الصباحِ لتنشرَ الخيرات فخيوطُ شمسِ هذا الصباحِ كانتِ تنبئُ الملكَ بالبشرِ وتبعثُ في نفس الملكةِ الأرتياح وبكلِّ شوقٍ لأبنهما الأميرِ وسام ذهبت الملكةُ ُ ومعها الملكُ هُمام ليتفقداهُ ويطمئِنا على صحتهِ وما آلَ اليهِ حالهُ الأن وما ان فتحَ الأميرُ وسام عينيهِ حتّى بكا والداهُ من شدةِ فرحهما بهِ وقبّلاهُ قبلاً كثيرة ً على وجنتهِ وخدَيه وأخذا يتكلمانِ معه ويحدثانهِ الى أن جاءت بيلسان لتعطيَ الأمير جرعة َ الدواءِ حتّى يتمكن َ من النهوضِ ويقوَ مجدداً على المسير, وما إن دخلت الغرفة حتّى كانت الصدمة ُ والفرحة ُ ظاهِرة ً على وجه كل من الأمير وبيلسان ففرح َالأميرُ قائلا ً:- أنت ِ هيَ, نعم أنتِ هيَ, أمي, أبي ها هيَ الفتاة ُ الملاك التي حدثتكما عنها. فأبتسما لهُ قائلين وهذهِ هيَ ايضاً بيلسان التي أخبرناكَ عنها ايضا ً, لقد كانت أمامَ أعيننا ونحنُ لا نعلم. بقيت بيلسان واقفة ً تنظرُ اليهم وهي َ لا تفهم شيئا ً فأمسكت بيدها الملكة ُ مبتسمة ً وقالَ لها الملكُ :- إنَّ الشّاب الذي قابلتهِ العامَ الماضي يا ابنتي هو نفسهُ الأميرُ وسام الواقف أمام عينكِ الآن ولكنه العامَ الماضي نزلَ متنكراً حتى لايعرفهُ السكان ويتمكن من مشاركتهم فرحتهم كما يُحَّبُ هو وكما يفعلُ أي انسانٍ في بلاد ِ الرمان. وأكملت الملكة ُ نوران قائلة ً:- وهوَ مذ أن رءاكِ يا ابنتي وأنتي في قلبهِ الى الآن ولقد وعدناهُ بأن نبحثَ عنكِ ونطلبَ يدكِ رسميا ً للزواجِ بهِ لتكوني ملكة ً لبلادِ الرمان تملئآنِ هذا القصرَ بزهورِ المحبةِ والمودةِ وعصافيرِ الوِّد والوئام.
بكت من شدَّةِ الفرحِ بيلسان وشعرت بأن أفعالها الحسنه قد رُدتْ اليها الآن ووقفت امام َ الملك ِ والملكةِ لا تقوَى على الكلام فتقدَّمَ لها الأميرُ وسام ومسحَ دموعها وقالَ لها بكلماتٍ كلها دفئٌ وحنان:- أنتِ حقا ً ملاك ٌ وبيلسان وأنتِ هيَ الفتاةُ التي دخلت قلبي منذ العامَ الماضي وأعجبتُ بكِ كملاكٍ وأعجِبَ والدايَ بكِ كبيلسان وبقينا نحدِّثُ بعضنا عنكِ ونحنُ لا نعلم بأن الملاكَ والبيلسان هما نفسُ الفتاةِ التي أحبها جميعُ السكّان وكم كانوا محظوظينَ بكِ لوجودكِ بينهم طيلةَ َ كلِّ الأعوام, هنيئا ً لكِ بمحبتهم وهنيئا ًلهم لقربكِ منهم طيلة َ كلِّ الأعوام, وإني أسألكِ الآن إن كنتِ توافقينَ بأن تجعليني من المحظوظين وتقبلي بي كزوج ٍ لكِ لتكوني أجملَ وأروعَ ملكةٍ لبلادِ الرمان, وبينما الأميرُ ينتظر ُ الردَّ من بيلسان التي وقفت تفكر في نفسها وتقول:- بالتأكيد أقبل بك ْ فأنت هو الشابُ الذي تمناهُ قلبي أيها الأمير ُ وسام, وإذا بصوت والداها يقطعُ تفكيرها قائلين لها:- نحن ُ هنا يا ابنتي لقد جئنا لنشهدَ هذهِ اللحظةَ َ التي لطالما دعونا لكِ الله فيها بأن يختارَ لكِ خِيرَة َ الشبان, هيا يا ابنتي الأميرُ وسام ينتظرُ الرَّد منكِ بفارغٍ الصبرِ الآن, بكت في أحضانهما بيلسان فقالت لها والدتها:- هيا يا ابنتي فهذا هو الشابُ الذي كنتِ وما زلتِ تحلمينَ بهِ, هيّا يا ابنتي لا تتردي اذهبي اليهِ فهو يحبكِ وأعطهِ الجوابَ الآن.ابتسمت لها بيلسان وذهبت للأميرِ وسام ووافقت على طلبهِ بأن تكونَ زوجتهُ ووعدتهُ بأن تكون عندَ حسنِ ظنهِ بها وأن تقدِّم أفضل َ ما لديها لخدمة ِ شعبِ وأرضِ بلاد ِ الرمان, فطارَ الأمير بها فرحا ً واطمئنَّ لمستقبلِ بلادِ الرمان كلٌّ من الملكِ هُمام وزوجتهِ الملكة ُ نوران واستبشرَ بهذا الزواجِ السعيدِ جميع السكان وأ ُقيمَ لهما حفلُ زفافٍ ملكيٍّ رائع لم يشهد مثلهُ الزمان وتزوجا في أجمل موسمٍ وزهورُ الرمان تتفتحُ على أغصان أشجار الرمان وغنت لهما العصافيرُ وردد الناس لهم أجملَ الألحان وعاشا في سكينة ٍ وهناء في عصرٍ سُميَ بأسمهما لروعةِ قصتهما وجمالها وملأءا القصرَ زهوراً وأنجبا أميرات ٍ وأمراء وأحبوا الخيرَ للناسِ وكانوا وما زالوا خير َ مثالٍ على البذلِ والعطاء.
اكتست يوم زفاف الأميرِ وسام والملاكِ بيلسان باللونِ الأبيضِ بلادُ الرمان, لون السماحةِ والصفاء والقيم ِ الفضيلةِ التي بقيت تتوارثها الأجيالُ جيلا ً بعدَ جيل الى أن سطَّرها الزمان في سجلاته ِ وها هوَ قد انتهى لتوِّه من سردِ قصتهم الجميلةِ لنا فشكرا ً جزيلا ً لك يا زمان, ولعلَّ هذهِ خيرُ دعوةٍ لنكونُ مثلهم أحبّائي ونأخذ َ من قصتهم عبرة ً ليحفظ الزمان ُ قصصنا ويحدَّث َ بها أحفادنا وأحفاد أحفادنا في يومٍ من الأيام.
وهكذا وبعد َ الوصول إلى نهاية هذه الحكاية الجميلة أوّد أن أشكركم على طيب متابتعتكم إيّاها وعلى حسن ردود أفعالكم, أتمنى أن تكون الحكاية قد نالت رضاكم واستحسانكم وكم لأتمنى بأن أبقى عند حسن ظنكم فيَّ انتظروني بكل ما هو جديد في العدد القادم إن شاء الله والى ذلك الوقت دمتم في حفظ ورعاية الرحمن.