لم يكد لبنان يفيق من صدمة تفجيرات «البيجر» التي أودت بحياة 12 لبنانياً وأدت إلى جرح الآلاف، حتى ضربت تفجيرات أجهزة لاسلكية جديدة، مخلّفة 14 قتيلاً و450 جريحاً، وفيما نفت الشركة التايوانية تصنيع أجهزة «البيجر» المتفجرة.
وأكدت أنها من صنع شريكها التجاري في المجر، شددت بودابست على أن الشركة المجرية لا تعدو كونها وسيطاً تجارياً بلا موقع إنتاج أو عمليات في البلاد، في وقت انهمر فيه سيل من الإدانات الإقليمية والدولية، بين مطالبات بمحاسبة المتورطين وتحذيرات من مغبة تسبب التفجيرات في جر المنطقة إلى دائرة التصعيد، يلتئم مجلس الأمن غداً لبحث قضية التفجيرات.
وضربت موجة أخرى من التفجيرات أجهزة اتصال لاسلكية في لبنان، أمس. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان، أن 14 شخصاً قتلوا وأصيب أكثر من 450 بجروح في تحديث لحصيلة موجة التفجيرات الجديدة التي طالت أجهزة لاسلكية في لبنان.
ونأت شركة جولد أبولو التايوانية، بنفسها عن الأمر، نافية صنعها أجهزة بيجر المتفجرة، في أعقاب تقارير إعلامية حددت اسم الشركة بوصفها المورد لتلك الأجهزة. وأعلنت الشركة، أن أجهزة الاتصال التي انفجرت بشكل متزامن من صنع شريكها المجري.
وقال رئيس غولد أبولو هسو تشين-كوانغ: هذه ليست منتجاتنا من البداية إلى النهاية. وقالت الشركة في بيان، إن غولد أبولو تقيم شراكة طويلة الأمد مع شركة بي. إيه. سي ومقرها في بودابست لاستخدام علامتها التجارية، مضيفة إن الطراز المذكور في تقارير إعلامية تصنّعه وتبيعه بي. إيه. سي.
وأعلنت بودابست، أن شركة باك المجرية التي قدمت أنها تنتج أجهزة الاتصال المستخدمة في التفجيرات، هي وسيط تجاري من دون موقع إنتاج أو عمليات في المجر. وأكد الناطق باسم الحكومة زلتان كوفاكس، أن الأجهزة المعنية لم توجد يوماً على الأراضي المجرية.
مشيراً إلى أن هذه المسألة لا تطرح أي خطر على الأمن القومي. وتوالت ردود الأفعال على التفجيرات، إذ أكد رئيس الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، أن الوحدة الوطنية هي الرد الأقوى على العدوان الإسرائيلي على لبنان وشعبه. وأعرب ميقاتي، عن شكر لبنان وتقديره لكل الدول التي عبرت عن تضامنها معه في هذه الظروف الصعبة.
واعتبر وزير الخارجية اللبناني، عبدالله بوحبيب، أن التفجيرات تهدد بنشوب نزاع أوسع في الشرق الأوسط، مشيراً إلى خطورة ما جرى، ولا سيما أنه يأتي على وقع التهديدات الإسرائيلية بتوسعة رقعة الحرب مع لبنان، ما قد يدخل المنطقة في دوامة أكبر من العنف وينذر بنشوب نزاع أوسع.
خطر جدي
بدوره، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن التفجيرات تشير إلى خطر جدي لتصعيد كبير في لبنان، ويجب بذل كل ما في وسعنا لتجنب هذا التصعيد، مضيفاً: من الواضح أن منطق جعل كل هذه الأجهزة تنفجر هو القيام بذلك كضربة استباقية قبل عملية عسكرية كبيرة. وشدد غوتيريش، على وجوب ألا تتحول الأجهزة ذات الاستخدام المدني إلى أسلحة.
إدانة
من جهته، دان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، التفجيرات المتزامنة. وقال بوريل: حتى إذا كان يبدو أن الهجمات موجهة، فإنها خلفت أضراراً جانبية ثقيلة وعشوائية بين المدنيين، بمن فيهم الأطفال الذين كانوا بين الضحايا، أرى أن الوضع مقلق للغاية..
ولا أستطيع إلا أن أدين هذه الهجمات التي تعرض الأمن والاستقرار في لبنان للخطر وتفاقم من خطورة التصعيد في المنطقة. وأضاف بوريل: الاتحاد الأوروبي يدعو كل الأطراف المعنية إلى تجنب اندلاع حرب شاملة، ما ستكون له تداعيات وخيمة على المنطقة بأكملها وخارجها.
مطالب بالمحاسبة
إلى ذلك، شدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أنه يجب محاسبة المسؤولين عن التفجيرات، مشيراً إلى أن الاستهداف المتزامن لآلاف الأشخاص، سواء كانوا مدنيين أو أعضاء في جماعات مسلّحة، من دون معرفة من كانت بحوزته الأجهزة المستهدفة ومكان وجودها والبيئة التي كانت فيها عند وقوع الهجوم، يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وللقانون الإنساني الدولي.
وطالب تورك بتحقيق مستقل جدي وشفاف في هذه الأحداث للعثور على الذين أمروا بالهجمات ونفذوها.على صعيد متصل، حذر الكرملين، من أن الهجوم باستخدام أجهزة اتصال لاسلكية متفجرة، قد يشعل صراعاً إقليمياً أوسع نطاقاً. وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف: ما حدث، مهما كان، يؤدي بالتأكيد إلى تصعيد التوتر.. الوضع متفجر في المنطقة نفسها.
ومن المؤكد أن واقعة مثل هذه، كل واقعة من هذا النوع، قد تدفع الوضع للخروج عن السيطرة، بالطبع نرى ضرورة لإجراء تحقيق شامل في هذا الحادث، وتحديد أسبابه وملابساته والمسؤول عن هذه الانفجارات.
دعوات للهدوء
في السياق، حثت وزارة الخارجية البريطانية، على الهدوء وخفض التصعيد. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية: نواصل مراقبة الوضع في لبنان عن كثب وتعمل المملكة المتحدة مع الشركاء الدبلوماسيين والإنسانيين في المنطقة.. الخسائر البشرية عقب تلك الانفجارات مؤلمة للغاية.
ويجتمع مجلس الأمن في جلسة طارئة بعد ظهر الجمعة، لمناقشة سلسلة التفجيرات. وأعلنت سلوفينيا، رئيسة الدورة الحالية لمجلس الأمن، في بيان، أنها وافقت على طلب تقدمت به الجزائر من أجل عقد اجتماع طارئ بالخصوص.