|  آخر تحديث ديسمبر 20, 2023 , 5:43 ص

ظاهرة التضام في السياق القرآني


ظاهرة التضام في السياق القرآني



بقلم : د. مريم الشامسي

 

 

يشير مصطلح التضام إلى التراكيب المتلازمة التي تدل على معنى خاص، ومن أشهر صور التضام في السياقات القرآنية (التضاد)؛ إذ تمثل ظاهرة التضاد إحالة معجمية بين عنصرين معجميين لكل منهما معنى مضاد للآخر، وقد درس البلاغيون ظاهرة التضاد في حدود التناقض المعجمي بين العناصر المختلفة، ولابد من التمييز بين نوعين من المطابقة أو التضاد:
النوع الأول: مقابلة في اللفظ والمعنى، وهي “مفاجأة اللفظ بما يضاده من جهة المعنى، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلنَا ٱلَّيلَ لِبَاسًا 10 وَجَعَلنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشًا11 ﴾ (سورة النبأ). قال أبو حيان: ﴿ وجعلنا الليل لباسًا ﴾ .
لِبَاساً: أي يستترون به عن العيون فيما لا يحبون أن يظهر عليه. ﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ﴾ : (قابل النوم بالنهار، إذ فيه اليقظة).
﴿ مَعَاشاً ﴾: وقت عيش، وهو الحياة تتصرفون فيه في حوائجكم.
ففي سياق الآيات مقابلة بين الليل والنهار تكشف عن القدرة المطلقة؛ إذ تتعلق بالشيء وما يقابله، ولا تقتصر على نوع دون غيره،: وفيه دلالة كما يقول بعض الباحثين على قدرة الله تعالى على الخلق المتباين.
وتتبين العلاقة بين جملة: وجعلنا الليل لباسًا. وجملة: والنهار معاشًا. من حيث الدلالة المعنوية التي تجمع بينهما، وهي علاقة التضاد، ذلك أن الليل في الجملة الأولى عكس النهار في الجملة الثانية. وأن قوله: لباسًا في الجملة الأولى دليل على الراحة، وهي تحمل معنى عكس معاشًا في الجملة الثانية. قال الآلوسي: المطابقة بين قوله تعالى: وجعلنا الليل لباسًا. وقوله سبحانه: وجعلنا النهار معاشًا. مصرحة… ووجه النظم أنه لما ذكر خلقهم أزواجًا استوفى أحوالهم مقترنين ومفترقين .
أما النوع الثاني فهو مقابلة في المعنى دون اللفظ، وينقسم قسمين: إيهام التضاد. أو مقابلة الشيء بما يخالفه . ومقابلة الشيء بما يتنزل منه الضد، وعلى هذا جاء قوله تعالى: ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ 29﴾ (الفتح). فإن الرحمة ليست ضدًا للشدة، وإنما ضد الشدة اللين، إلا أنه لما كانت الرحمة من مسببات اللين حسنت المقابلة بينها وبين الشدة”.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com