تتألق الدول والأمم بقادتها، الذين لم تتوقف حدود إنجازاتهم لشعوبهم على التنمية والعمران والنهضة فقط، بل أضافوا إلى ذلك تجسيد القيم الحضارية في أفعالهم وسلوكهم وتعزيز ذلك في مجتمعاتهم، حتى أضحوا قدوات مضيئة في الاتصاف بأجمل القيم الإنسانية، في تعاملهم مع شعوبهم ومع البشرية جمعاء، بما جعلهم قادة إنسانيين، حملوا على عاتقهم سعادة الإنسان وتخفيف المعاناة عنه، وجعلوا ذلك على رأس أولوياتهم، وفي صدارة هؤلاء القادة الاستثنائيين الذين ترجموا أجمل المعاني والصور في هذا المجال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي حمل مشاعل الخير والإسعاد لينير دروب مواطنيه والمقيمين على وطنه والعالم أجمع.
إن سيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سيرة عطرة ملهمة، تخلد للأجيال أبهى معاني العطف والرحمة والرفق والإحسان، والتعامل الراقي مع الناس أينما كانوا، في مختلف المواقف والمناسبات، نتعلم من سموه توقير الكبير، وتقدير ذوي الفضل، والعطف على الصغير، والتواضع مع الجميع، وسعة الصدر في شتى المواقف، نتعلم منه الوجه البشوش، والكلمة الهادئة العذبة، وجبران الخواطر، وإعانة الضعيف، ونكران الذات في سبيل إسعاد الغير، والعطاء المتدفق لمساندة الآخرين والتخفيف عنهم.
وهذه المعاني والقيم نبراس للشعوب والأمم، فقد خلق الله تعالى الإنسان، وجعل الرحمة والإحسان من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها، ليكون مع بني جنسه في تعاطف وتكافل وتعاون، فيعاملهم بالحسنى، ويحب لهم الخير، ويساهم في شفاء مريضهم، وإعانة محتاجهم، ومساعدة ضعيفهم، وإدخال السعادة على قلوبهم، ويتأصل ذلك في المجتمعات حينما يجدون هذه القيم متجسدة في قادتهم، فيقتدون بهم، ويتأسون بجميل أفعالهم، فيكونون في تعاملهم مع أنفسهم على أحسن حال.
وكم هو نعمة عظيمة أن حبانا الله تعالى بقادة هم قدوات مشرقة في التحلي بهذه الصفات، وفي مقدمتهم سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله ورعاه، الذي إذا ذكرناه تراءى لنا وجهه البشوش وابتسامته المتلألئة وكلماته المؤثرة، ليس على مستوى تعامله مع القادة والسياسيين والمتخصصين فقط، بل كذلك على مستوى تعامله مع عموم الأفراد والأسر والشعوب، فتراه يزور الناس في بيوتهم، ليسلم عليهم ويسعدهم ويجبر خواطرهم، ويفتح لهم قلوبهم، ويقابلهم بالبسمة والكلمة العذبة إذا التقى بهم أينما كان، حتى رأيناه يجلس على الرصيف إلى جوار طفلة صغيرة تنتظر والدها ليطمئن عليها، كما تجلت هذه المعاني في زيارته الأخيرة إلى مصر، ولقائه بالناس هناك، وهم فرحون بسموه، هذا يسلم عليه، وهذا يلتقط معه صورة، وهذا يبادله حديثاً، وهو معهم في ابتسامة مستدامة لا تفارق محياه، وهكذا سموه قريب إلى قلوب الناس قبل أعينهم.
وأما عن أياديه الإنسانية البيضاء في مساعدة الناس فلا يتسع هذا المقال لسردها، فهو أيقونة رائدة في مجال العمل الخيري والإغاثي، سباق إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء، ومساندة المحتاجين وإغاثة المنكوبين في كل مكان، والمساهمة الفعالة في المبادرات العالمية في مواجهة الأمراض والأوبئة، والوقوف بجانب الدول والشعوب في الأزمات، كما ظهر ذلك جلياً في أزمة كورونا وما قدمته دولة الإمارات من مساعدات للدول والشعوب لمواجهتها، وغير ذلك من الجهود المشرقة لسموه في أعمال الخير والبر والإحسان، والتي تمثل امتداداً لنهج القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي جعل دولة الإمارات منارة مضيئة بالأعمال الخيرية والإنسانية التي تنتشر أنوارها في داخل الدولة وخارجها.
ومن المجالات التي تترجم ما يتحلى به سموه من القيادة الإنسانية الحكيمة حرصه الدائم وعمله الدؤوب على إرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، ودعمه للجهود العالمية التي تخدم ذلك، وإطلاقه العديد من مبادرات التصالح والسلام التاريخية التي ساهمت في استقرار المجتمعات، إيماناً من سموه بأن الاستقرار من أعظم أسباب تنمية المجتمعات وازدهارها وسعادتها وتمتع أهلها بالحياة الهانئة الكريمة.
إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مدرسة إنسانية كبرى، تتعلم منه أجيال الحاضر والمستقبل الدروس الحضارية، وتستلهم منه القيم الإنسانية التي تفتح القلوب وتنير الدروب.
بقلم: أحمد محمد الشحي