تكالبت «العجائز» على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، 26 امرأة يقال إنهن تقدّمن بشكاوى «تحرّش» ضده، واحدة عندما كانت ملكة جمال قبل أكثر من ثلاثين سنة، وأخرى كانت مضيفة طيران في السبعينيات أو الثمانينيات من القرن الماضي، وثالثة كانت تحلم بأن تكون نجمة تلفزيونية من خلال برنامج ترامب الواقعي قبل عقدين، وكل واحدة لديها رواية خاصة بها، وسرد مشوّق ساعدها على كتابته الذين يحرّضونهن لأغراض في نفوس أهل السياسة!
سيقولون إنها الديمقراطية، وسنرد عليهم «بئس الديمقراطية عندما يفتقر الخلاف للنزاهة والصدق والالتزام بالقواعد الأخلاقية»، فهذا الذي يحدث ليس دفاعاً عن شرف السيدات، وليس غيرة على الحياء العام في المجتمع، فمن يدافعون اليوم عن التحوّل الجنسي للأطفال، وعن زواج «الجنس الواحد»، هؤلاء لا يقنعون «فاقد العقل» عندما يطالبون بحق مدّعية بأن ترامب «ضغط عليها بشدّة وهو يرحّب بها قبل دهر من الزمان»، والديمقراطية لم تكن يوماً وسيلة ابتزاز وتدمير للمنافسين، وتشويه سمعتهم، ومحاولة منعهم من المشاركة في الانتخابات بتلفيق التهم إليهم، والديمقراطية أو العدل يقومان على مبدأ الدليل والشهود، وليس «كلمة مقابل كلمة».
الديمقراطية كانت في بدايتها شيئاً كبيراً وعظيماً، تحدّث عنها الفلاسفة منذ العصور السحيقة، وأثروا التراث الإنساني بأفكار تضمّنتها الكتب المخطوطة، وكانت مبنية على اختيار النزيه الأفضل ليشارك في بناء البلاد، ولكنها تحوّلت إلى «مرتع» لأسوأ الناس في المجتمعات القائمة على الفكر المادي، وأوصلت من لا يستحق إلى منصات التشريع، وأصبحت كل مجموعة تعمل من أجل مصلحتها، سواء كانت كتلة داخل البرلمان، أو حزباً يتولّى حكم البلاد، والكتلة أو التحالف أو الحزب لا تمثل إلّا الذين ينتمون إليها، وهنا تصبح منحازة تفرّق بين الناس وتشقّ المجتمع!
كل الذين يتحدّثون عن الديمقراطية «يفصّلونها» على حسب مقاسهم، لهذا نحن نسمع عن دول تتفاخر بديمقراطيتها، ولكنها لا تتشابه مع الآخرين، والولايات المتحدة على رأسها، تبكي على ديمقراطية غيرها ولا تنظر إلى عيوبها!
بقلم: محمد يوسف