يفترض أن العالم اعتاد على الزلازل، فهي ليست شيئاً جديداً، والدول التي تقع فوق أو بالقرب من صدع أرضي عادة تكون مستعدة لوقوع الزلازل في أي وقت، وبقوة غير محددة، ولديها مراكز رصد ومتابعة متطورة، ولا يمكنها توقع موعد الضربة وشدتها، وأي توقعات قد تكون أضرارها أشد قسوة من أضرار الزلزال نفسه، لأنه ليس عاصفة أو إعصاراً أو فيضاناً محدد الاتجاهات، تستطيع مراكز الأرصاد الجوية تحديد المناطق التي يمكن أن تتأثر بها، وتتخذ السلطات المعنية الإجراءات الواجبة لحماية تلك المناطق وسكانها.
ومن بعد زلزال شرق المتوسط وحجم التدمير والضحايا، يبدو أننا اعتدنا الخوف من الكوارث والجوائح، فتعاملنا مع الزلازل كما تعاملنا مع «كوفيد 19»، حتى جعلنا الهزات الأرضية وتقارير مراكز البحث والرصد، وتصريحات بعض الخبراء والمحبين للظهور وتسجيل الأرقام الإضافية لحساباتهم على مواقع التواصل، أقول لكم، جعلنا كل ذلك حديثنا ومركز اهتمامنا، وبدأ البعض يبث معلومات متلاحقة حول المناطق التي يمكن أن «تثور» أو «تفور» أو «تهتز» أرضها وتخلف دماراً، حتى وصلوا إلى الصحاري، وأعادونا إلى «أيام كورونا» وكأننا نشهد أفلاماً متسلسلة، وخرج علينا «المتنبئون».
العلم يقول: إن توقع مواعيد الزلازل مستحيل، ووضع نقطة في النهاية، ولكن ذلك الهولندي يصر على أنه يستطيع التوقع، رافضاً كلمة التنبؤ، ووضع قاعدة جديدة لهذا العلم مرتبط بالكواكب وتحركاتها، وصادف أن تحدث عن زلزال قوي في المنطقة التي ضربها بعد أيام زلزال شرق المتوسط، وأصبح محط أنظار وأسماع العالم حتى بات نجم المتابعات الأول، وتصدى له علماء آخرون يصرون على أنه ليس أكثر من مدعٍ، تماماً كما حدث مع «الفيروس» الذي بحثوا عن مصدره، ثم صنعوا أدوية مضادة له تقاتلت شركاتها حول الأفضلية والأسبقية، وبعدها ظهرت متحورات خلف متحورات، وفجأة اختفت!
توابع الزلازل هي المسلسل الجديد، ونسأل الله اللطف بعباده.
بقلم: محمد يوسف