ناريمان راينكه، جندية ألمانية من أصل مغربي، قررت أن تتخذ موقفا من اعتداءات التحرش التي حدثت في كولونيا في رأس السنة. وما أعقبها من عنصرية بخصوص الأجانب. لكنها تلقت ردود فعل متباينة تماما.
في الأيام التي أعقبت ليلة رأس السنة الميلادية، ذكرت الشرطة الألمانية أنها تلقت سلسلة من الشكاوى، تمحورت حول اعتداءات جنسية وحوادث سلب حدثت بالقرب من محطة كولونيا المركزية للقطارات. وبناء على التحقيقات والشكاوى المقدمة، تبين أن تلك الاعتداءات شارك بها حوالي 1000 رجل من أصول شمال إفريقية ضد المحتفلين برأس السنة. مدن أخرى مثل هامبورغ وشتوتغارت شهدت أيضا حوادث مماثلة، وإن كان ذلك على نطاق أضيق. الكشف عن هذه الأحداث صدم الرأي العام الألماني، كما صدرت دعوات بعدها تطالب بالحد من تدفق المهاجرين إلى البلاد.
ناريمان راينكه – الابنة لأبوين مغربيين والتي تعمل كجندية في الجيش الألماني- قررت أن تكتب حول الحادث على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
“الناس بدؤوا بالتعميم حول أحداث كولونيا”، تقول راينكه في حديث لـ DW. ثم تضيف: “عندما بدأت الشائعات بالانتشار قالوا إن هناك بعض اللاجئين بين المجرمين، وبأن ما حصل كان نتيجة للسياسة الألمانية تجاه اللاجئين، وقالوا إن ألمانيا تحضر المجرمين إلى بيتها، ثم قالوا إن الإسلام يدعو للجريمة، وتحدثوا عن السلفية وربطوها بالإرهاب. … يكفي هذا”.
وكتبت الجندية الألمانية (36 عاما) على الفيسبوك بأنها “ألمانية ومسلمة”. وذكرت أنها شعرت “بالخجل” عندما سمعت أن هنالك العديد من المغاربة من بين الرجال الذين ضايقوا النساء في كولونيا في 31 ديسمبر/ كانون الأول. وقالت أيضا “عمل والداي بكد من أجل إثبات وجودهما هنا. أنا أبكي عندما أسمع أن هؤلاء الناس الذين اعتدوا على النساء كانوا من المغرب”.
راينكه شعرت أيضا “بالأسى عندما سمعت عن تعرض مأوى للاجئين للهجوم”، وقالت “بالنسبة لي فإن هذا يعد شروعا في القتل”. وتابعت “الأمر السيء هنا، هو عندما يقول الناس إن جميع الألمان نازيين مثلا، وهو ما يثير حزني”.
رسالة راينكه على الفيسبوك أثارت الكثير من ردود الفعل. وقالت إن رؤساءها في الجيش الألماني ومنظمتها -التي تتبع لها (منظمة الجنود الألمان) والذين تطوع العديد منهم من أجل مساعدة اللاجئين- كانوا متعاونين للغاية. وتقول “لم أكن أعرف أنهم سيقاسمونني نفس المشاعر بهذا الشكل”. عندما كتبت راينكه على فيسبوك كانت في عطلة، وكانت تبحث مع صديقتها التي تحضر نفسها للزواج عن فساتين الزفاف.
وتوالت التعليقات حتى أن الناس اتهموا راينكه بعدم فهم محنة النساء اللواتي تعرضن للتحرش. فكتبت: “التحرش الجنسي أمر سيء، سواء أ كان موجها ضد النساء أو الرجال أو حتى الأطفال”. وتابعت “أنا لا أريد لأحد أن يتعرض لهذا الأمر”.
وقالت الجندية الألمانية من أصل مغربي: “تلقيت الكثير من ردود الفعل الإيجابية، ولكن أيضا الكثير من التعليقات السلبية. كما أني تلقيت العديد من التعليقات العنصرية التي لا علاقة لها بما كتبته”.
وترى راينكه أن الهجمات سيكون لها على المدى الطويل انعكاسات مؤثرة على الأجانب وأبنائهم في ألمانيا. وتذكر أن أخاها “يحب إطلاق لحيته، وكذلك زوجي، فهم يجدونها جميلة. إلا أن أخي قد يتعرض للضرب من بعض الأشخاص الذين قد يعتقدون أنه إسلامي متطرف. وقد يكون من الأفضل أن يحلق لحيته”. واختتمت راينكه الحديث بقولها “رغم كل ما حدث، على ألمانيا أن لا تتوقف عن مساعدة الأشخاص المضطهدين”.