|  آخر تحديث أغسطس 16, 2022 , 14:41 م

مافيا العقول


مافيا العقول



تفاقم السلوك العدواني لدى الأطفال في عالمنا العربي هو أحد ثمار مشاهد العنف والقتل والتخريب المتواجدة في العالم الرقمي ومعظم أنواع الألعاب الإلكترونية المنتشرة حول العالم بدورها في إثارة عقل الطفل ليشعر بالسعادة ونقله بمرور الوقت إلى حالة إدمانية واستنزاف طاقي هائل للدماغ يهدر قدرة المخ على العمل بالإضافة لتوجهاتها في نشر بعض السلوكيات الشاذة والدخيلة على مجتمعنا العربي ..!               

                           
لايمكننا إنكار فوائدها في تطوير قدرات الطفل وإعطائها مجالا رحبا لتنمية عقله وخاصة الأطفال مرضى التوحد ولكن كل شرورها تتجسد في أخطاء إدارتها وإباحتها للطفل بشكل هوسي يحولها لحالة إدمانية لا يمكن للأهالي السيطرة على سلوكياتهم بمرور الوقت تجعل الألعاب الألكترونية الأطفال يتسمرون في أماكنهم أمام شاشة الهواتف والحواسيب وكلما اعتاد عليها الطفل كلما أدمنها، فقد أثبتت الدراسات سر تركيب الدماغ في مركز المكافأة بها وأن آلية عمل الدماغ تحفز بالمكافأة وكلما أعطيته مكافأة يطلب المزيد ،فتعتمد الألعاب الإلكترونية على تحقيق الإنتصارات، وتجعل الطفل يحقق نصر وهمي ليشعر بالسعادة ويبدأ في سلسلة من الإنتصارات التي ليس لها حد، فيفرز الدماغ كمية هائلة من الهرمونات الغير مخصصة للألعاب، ولكن وجدت للتفكير والتعلم والإنجاز والعمل والاستمتاع بالحياة ، وقد أثبتت الإحصاءات علي مدي الأعوام الفائتة وفاة أعداد هائلة من الأشخاص والأطفال نتيجة لأن 90% من الأطفال يلعبون ألعاب عنيفة ويدمنونها، وتبين وجود شركات عالمية أشبه بمافيا العقول تعتمد في تربحها للأموال على اللعب بكيمياء الدماغ وكلما كانت اللعبة أكثر تشويقا للكبار والصغار على حد سواء، كلما كانت لها خصائص إدمانية أكثر، وقد كشفت جمعية علم النفس الأمريكية العلاقة الوثيقة بين ألعاب الفيديو العنيفة وإرتفاع مستوى العدوانية لدى الأطفال والمجتمع ككل، وتأثيرها في ظهور السلوك الإجتماعي الشاذ، وتقليلها من التعاطف مع الآخرين والحد من حساسية الفرد تجاه العنف. وقد تصل بهم لزراعة السمات النرجسية والسيكوباتية في عقولهم. وبالتالي ترجمتها لسلوكيات عنيفة مستقبلا وذلك بناء على الطريقة التي تستخدم بها الأسلحة وأنواعها الذي يشير لبرمجة الطفل العقلية بأنها مباحة ومسموح بها في الحياة الواقعية.

وأوضحت معظم الدراسات النفسية والسلوكية أثارها على قيم الطفل الأخلاقية والاندفاع والعزلة الإجتماعية والتمرد النابع من المتعة المبررة، ويتبعها الإنحراف السلوكي وكذلك العديد من الإنعكاسات الجسدية والنفسية وأعراض الإكتئاب، والأسلوب الغير صحي للطعام وارتباطها الوثيق بالسمنة والبدانة ومرض السكري لدى الأطفال.

كما اجمعت الإحصاءات علي أن ممارسة اللعب لأكثر من ساعة يؤدي إلي اضطرابات النوم والقلق المرضي والإحباط ،وأعراض ثنائي القطب بين القلق والحزن والضحك والعدوانية بلا سبب، إلي جانب التراجع الملحوظ في التحصيل الدراسي والقدرة على التركيز والنسيان. هنا تقع المسؤولية الكبرى على عاتق الأسرة في  توخي الحذر من أثارها ومحتواها علي تكوين عقلية الطفل وبرمجته العقلية بالمتابعة وتوضيح ما هو واقعي وغير واقعي وتحديد مواعيد للعب والإلتزام بها لما لها من انعكاس نفسي وجسدي على صحة الطفل، وتأثيرها على نموهم العقلي منذ نعومة أظافرهم.

علينا الإعتراف بوجود المشكلة وأن التكنولوجيا قد دمرت حياتنا بالرغم من جعل حياتنا سهلة في كثير من النواحي إلا أن لها ثمنا باهظا ندفعه يوميا من حياتنا وحياة أبنائنا من جانبها المخيف وأثارها الجسيمة مثل لعبة بابجي التي أثارت الجدل في الأونة الأخيرة والتي تعتبر هاجسا قاتل للأطفال ودعوة صريحة لتطبيع نفسي ونشر جرائم القتل البشعة حيث تحفز الطفل على تصديق وعمل ما يقوم به شخصيات اللعبة وتحريضهم على العنف استغلالا لبرائتهم فهم كائنات صغيرة بريئة لا يعرفون إلا تقليد كل ما يرونه ويسمعونه، للحد من المشكلة يجب علينا إدراك أن ما يفعله الأهل يفعله الأبناء(parental Guides ) ،بالمشاركة في الأنشطة الإجتماعية بين الأهل والأبناء قد يحد من خطورة المشكلة والعمل على الموازنة في تفعيل الأنشطة الذهنية في حياة الطفل التي تسهم في تنشيط مناطق معرفية لها دور في ترتيب الأفكار وخلق أولويات لديه ،وكذلك المراقبة ورفع وعيهم بالحد من الألعاب ومشاهدة الأفلام العنيفة.

 حماية عالمنا ومستقبل أجيال أصبح يتحلل تدريجيا من كل الضوابط الأخلاقية والدينية والإنسانية وإنحدار لكرامة الإنسان والظواهر المدمرة للمجتمعات أمانة في أيدي كل فرد من أفراد الاسرة والمجتمع.  

بقلم: رشا أبو العز         


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com