المتطرفون لم يجلبوا غير الويلات على بلادهم، سواء كانت البلاد التي حكموها، أو تلك التي عاثوا فساداً فيها، تحت شعارات مختلفة، تبدأ بتحرير شعوبهم، وتنتهي بأفكار كانت شيوعية في بعض الأزمان، وتحولت إلى دينية في أزمان أخرى، وبينهما تلك التي حملت رايات القومية، وهذه الأخيرة، هي التي نراها في الهند اليوم، حيث بدأ الجناح المتطرف في الحزب الحاكم، يفرض أجندته على حكومته، محتمياً بتبعيته لها، ومحاولاً استغلال الفرصة التي جمعت الأكثرية مع السلطة والنفوذ، ليحاول فرض ما كان ينادي به في السابق، دون أن تتاح له وسائل التنفيذ.
تصرفات المتطرفين الموالين للحزب الحاكم في الهند، أحرجت الحكومة ورئيسها، ولأن «مودي» رجل دولة، عرف بحكمته، رفض تصرفات أتباعه، فسارع إلى توقيف المتحدثة باسم الحكومة، قبل أن تتفاقم ردود الفعل على تصريحاتها التلفزيونية ضد الإسلام، ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو يعرف جيداً أن الغضب الداخلي من 200 مليون مسلم، سيكون كارثة على بلاده، وهو الذي يسعى، ومنذ سنوات، إلى رفع مستوى المعيشة، وتحقيق طموحه بتخفيف حدة الفقر والعوز، واستطاع أن يرفع المؤشرات الاقتصادية، ويقلل من نسبة الفئات المعدمة، ويزيد من حجم الطبقة الوسطى، وفي الاتجاه الآخر، لا يرغب «مودي» في إحداث شرخ يضيع كل جهوده التي بذلها لإقامة علاقات وثيقة مع دول الخليج، وهي الدول الأقرب لبلاده، والأكثر دعماً لاقتصاده، من خلال التبادل التجاري، واحتضان الملايين من الهنود، يشكلون قوة مالية لا يستهان بها، عبر تحويلاتهم الشخصية، وأيضاً تدفقات النفط الخليجي.
إنها علاقة لا يمكن أن يسمح لها قائد حزب «بهاراتيا جاناتا»، بأن تهتز وتتأثر، نتيجة تصرفات غير مسؤولة من الجناح اليميني المتطرف، وتبين ذلك بعد عدة «تغريدات» لأحد زعماء الحزب، كرر فيها نفس التجاوزات التي ارتكبتها المتحدثة باسم الحكومة، ولم تتم إقالته من الحزب، بل أرسلت إليه الشرطة لتعتقله، لأنه يعرّض أمن البلاد للخطر.
اللامبالاة بالأوطان، سمة من سمات التطرف!
بقلم: محمد يوسف