بالرغم من وجود بعض الأسباب والشواهد التي تجزم بوجود حالة من البروباجندا والفوضي الإعلامية أو المؤامرة في قصة ريان ،إلا أنه تعددت الأسباب ولازالت تحمل الرسالة العديد من المعاني وتحثنا علي التأمل بعمق فلا ننظر بسطحية ونفقد معني الرسالة النوراني…!
لا يوجد شيئا يحدث عبثا ولا مصادفة في هذا الكون،فكل ما نمر به ونقابله ويطرح علينا التساؤلات أو يصدمنا، لم يكن عبثا ،ولكل حدث صغيرا كان او كبيرا يحمل في طياته عبرة ومعاني تختبئ في عمقه ولن يترجم المعني خلف الرسالة إلا من كان متصلا بالمصدر..
فهناك من يري انها بروباجندا إعلامية من العيار الثقيل ونجد من لم يهتم وذهب ليكمل إستعراضه البهلواني عن نفسه علي مواقع الإنفصال الإجتماعي ولم يشغل باله لدقيقه واحدة في التفكير إلا في كون الطفل تريند وسيذهب ونترحم عليه مثله مثل الآلاف البشر والأطفال الذين يرحلون عنا يوميا ، وهناك الملايين الذين اتفقو علي كونه عبرة لنعتبر ولنجتمع وتتوحد إنسانيتا بالتعاطف معه..
ابدا لم يكن طفلا هو روح نورانية قوية في جسد طفلا جاءت منها الرسالة واضحة جلية تجعلنا نسلط الضؤ عليه ، رسالة تحمل في طياتها نورا إلهيا تجسد في صورة وقلق وتوتر جماعي وحد القلوب وجمع الدعاء علي أن يبقي ريان حيا ..!
تحدثت في نهاية العام الفائت عن أن هذا العام 2022 لن يكون عاديا للوعي البشري وعن كونه نقلة نوعية للبعد الذي نعيش فيه بوعيه المنخفض السطحي الباهت الرؤية لننتقل لحقبة زمنية لتطور إدراكي بشري أعلي وأعمق علي مستوي الوعي ،مليئة بتناقضات للخير والشر الذي يوقظ بداخلنا الحماس لمعرفة الحقائق ولإيضاح الصورة وما وراء سطور الرسائل الكونية..!
آتي ريان الطفل وأتت رسالته واضحة بداية من إسمه ومعناه المشتق من “ري الأرض بالماء من أجل الازدهار وإنباتها” كرمزا للبراعم الصغيرة والطفولة المبكرة التي تحتاج للرعاية، والبئر العميق الذي يشير لإحتياجنا لحفر أعماق دواخلنا وأرواحنا التي تهشمت برائتها بفعل الزمان والأحداث والصراعات الدنيوية المادية لنلمس برفق الصفحة البيضاء المهملة، ولنري باطن وعمق أرواحنا بعد التنقيب عليها لإخراجها لنور الحياة ولنلمس النقاء المدفون داخل سجن النفس.
آتت رسائله لفتا لأنظارنا لنسلط الضؤ نحو البراعم الصغيرة (الطفولة المبكرة) حول العالم حيث تكوين الإنسان وانماط تفكيره وسلوكه المستقبلي بعد أن أغتيلت برائتهم وحقوقهم الجسدية والنفسية والإجتماعية متأثرة بإعلان الحروب والنزاعات الدولية والصراعات النفسية، والفقر والتشرد الذي يخنقهم والبرد الذي يقضي عليهم في مخيمات اللاجئين ، طفولة منتهكة وبيئات إجتماعية غير صحية وكل ما يهدد امانهم من عمليات الخطف والإتجار والعبث بأرواحهم البريئة،جاءت لنعيد النظر في قضايا الطفل وحقوقه علي الأرض فلابد من التكاتف الدولي من قبل منظمة حقوق الإنسان لإتخاذ الإجراءات الفعلية والمعنوية اللازمة بشأن هؤلاء البراعم..!
رسالة لنستشعر جوهرنا البرئ ونحتضن طفلنا الداخلي المقموع بفعل الزمن ،كما لو أن لم تعبث به الأيام ونجد الحقيقة في عمق الوهم مختبئة خلف الأيجو القاتل للنور والبصيرة بداخلنا.
قوة برائته قاومت لوقت طويل ولو كان شخص ناضج لقتله الخوف والصراع النفسي علي البقاء والمقاومة أو انه فضل الموت علي ما حدث معه وهذا هو واقعنا جميعا نتصارع علي الحياة ونتعلق بها وبكل كثافتها المادية ونتألم ونقاوم بحماس وشدة اي تغيير يمكن ان يعبر بنا إلي منعطف جديد ،في حين ان برائته سلمت وصبرت ووافقت وتحملت ، قوة الدعم النورانية التي تكلفت به في عمق البئر والظلام الدامس لا يضاهيها أي شئ.
كان عمق البئر هو الخير والحب الذي نحتاج أن ننقب عنه بداخلنا في ظلمات أنفسنا حتي لو صعب الموقف علينا وتعددت الأسباب المادية التي تمنعه من أن يطفو علي السطح ويظهر للنور..
رسالة تبعث بداخلنا الأمل علي السعي حتي لو كل المعطيات الظاهرية مظلمة ومبهمة المعاني تستدعي السكون والإستسلام للوضع الراهن ، وتشير إلي أن الإنسانية والرحمة لا زالو علي قيد الحياة ولم ينضبو بعد ..
رسالة أشارت لأن نور الله باقي مهما كان الضيق فقوة الحياة أكبر، و بداخل كل عتمة هناك نورا وكل ما سلمنا له كلما زاد وأنار لنا طريقنا وزاد دعم الكون له ،يعكس لنا معاني القوة الحقيقية في التسليم والبراءة وهنا أتحدث عن التسليم مع السعي والنظر إلي السماء الذي يختلف كليا عن الإستسلام في المعني والمضمون وأن إرادة الله فوق الجميع ودائما يد الله تعمل في الخفاء وتوجه وتدبر أمورنا، قال تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
رسالة تجسد المعني النوراني في روح طفل برئ لم يكن تحيزا له عن غيره ، بل جعلنا نتوحد في مشاعرنا وكأننا جميعنا عالقين في تلك البئر بظلامه الدامس وأستطاع أن يعيد للعالم بأكمله إنسانيته في رواية من خمسة فصول انتهت بحكمة إلهية لا تفرق بين عرق ولا دين ولا نوع ولا لون هي “كلنا إنسان …كلنا واحد” ، نحتاج لأن ندقِّق النظر لنرى تدبير الله وكيف أنه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، أي لا يدرون حكمته في خلقه وتلطفه وفعله لما يريد،
ريان الملاك أدي رسالته وأمانته وطالبنا بالعودة إلي الأتصال بالمصدر لأن ما يمنعنا هو ترجمة الأحداث ظاهريا بلغة ظلامية وتجارب أرضية ،
“ريان لم يمت بعد” إختارت روحه البريئة القوية أن تعود مطمئنة للنور المطلق وأن تكون حاضرة معنا،وذهب جسده إلي الفناء ..
يمكننا تحويل الظلام إلي تجسيد لطاقة النور والوعي الجمعي بالإتصال والتخلي عن وعي الإيجو وهو الإنفصال …!
كل ما تواجد في عالمنا يوجد نقيضه فيمكننا قراءة الرسالة من الجانب المظلم أو الجانب النوراني وكلاهما إختيار !
« يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ».
بقلم: رشا آبو العز